المرأة تحكم العالم. الرجل النبيل طريد النساء. المرأة للمرأة عدو. آفة الوقت المرأة. العالم فردوس الرجل لو لم توجد فيه امرأة. الجحيم ليس هو الآخر. الجحيم هو المرأة. لا يكفي ان تطرد المرأة من بيتك اذا أردت ان تفلح... عليك ان تطرد المرأة من رأسك ايضاً. في باطن كل حسناء تختبئ غانية. اخذ المرأة مأخذ الجد نقطة ضعف الرجل النبيل. البيت الذي لا تدخله المرأة لا تدخله اللعنة. المرأة للطبيعة غريم لدود. الرجل الذي تؤويه الطبيعة ناسك والمرأة التي تؤويها الطبيعة سعلاة. المرأة تجرد الرجل من بكارة الروح. تخلق المرأة من الرجل ناسكا. لكن الرجل لا يخلق من المرأة ناسكة. لا صلح مع عدو تدفعه الى العداوة امرأة. الكشوف السابقة هي بعض من ناموس ابراهيم الكوني، الذي اصدر قبل اسابيع كتابه الثامن والعشرين بعنوان "الناموس"، ويضم 188 قولة وخلاصة تنتصر للطبيعة والحرية والانسان. والضمير والخافيات والروح والعقل والصحراء والعزلة والموت والعفاف. وتنبذ المرأة والثروة والتجارة والباديات والحسن والامتلاك والشهوة. وبوسع القارئ ان يرد منطق الكوني الى ناموس لاهوتي شرقي، والى اعراف بدائية شبه وثنية تجيز عبودية المرأة، او تجعل منها قرباناً لطرد الأرواح الشريرة. غير ان الكوني ليس ممن ينادون بامتلاك المرأة او الانتفاع منها على اي وجه لاقامة مملكة السعادة، بل هو نصير للحرية المطلقة، وللعدم وللعزلة التامة ومقته للمرأة يجاوره مقت للكائن البشري، وكل ما هو ليس صنيع الطبيعة. فليس للمدينة مثلاً وجود في قاموسه ونواميسه، ولكأنه يهتف بعزلة ابدية للصحراوي هي بمثابة رقية وتعويذة، تمنح من تفلسف وجودي ومن لجوء الى طبيعة بكر مجردة تشمل الصحارى كما الحقول والجبال والأنهار لا فرق بين هذه وتلك، ما دامت معطى مطلعاً منفصلاً عن الانسان ومستودعاً لكنوز الخفاء. وبهذا فإن الكوني رجعي على طريقته، كما ان اليوت وبورخيس كانا محافظين على طريقتهما، مع فارق ان رجعيته تكمن في مناهضته لأي خروج عن الطبيعة او عليها او حتى سيطرة عليها، فيما كانت محافظة الآخرين تدور حول بناء المدينة وتنظيم حياة البشر والمجتمعات. وعلى الأغلب فإن كشوف الكوني لن تمنع جمهوره من الاقبال على قراءته، فلديه بناء اسطوري فني يمتاز به عن سواه، بل هو من نسيجه المتفرد، وكل ما في الأمر انه اسعف قارئيه وناقديه بضوء كاشف يعين من يسعه قراءة أربع روايات في العام الواحد لهذا الكاتب الليبي الذي خرج من صحراء الطوارق في طرابلس الى جبال الألب، لكي ينشد أطول نشيد في مدح الصحراء وصياغة طقوسها وتبني اسرارها، وهو ما لم يسع روائي المدن والسواحل والأرياف ان يجترحوه