رفض ألبان كوسوفو أمس الجمعة خطة حلف شمال الاطلسي القيام بضربات جوية في كوسوفو وابدوا استياءهم لأن بيان مجلس الأمن الصادر مساء أول من أمس لم يتضمن تدخلاً عسكرياً ينهي المجازر التي يرتكبها الصرب بحقهم. كما رفضت روسيا ولكن لأسباب مختلفة، توجيه ضربات جوية الى الصرب وهددت بالتدخل وتقديم الدعم العسكري والتسليحي لهم. وفي الوقت نفسه، حاولت بلغراد امتصاص التحركات الغربية بدعوة الأمين العام للامم المتحدة كوفي انان لزيارة يوغوسلافيا والاطلاع على الوضع في كوسوفو، لكنها واصلت اتهام الولاياتالمتحدة بالعداء الدائم لها الى حد التآمر عليها. الى ذلك، فند جيش تحرير كوسوفو مزاعم حكومة بلغراد بأنها قضت عليه. وأشار في بيان أصدره امس الجمعة يحمل الرقم 57 انه لا يزال يواصل عملياته التي اسفرت خلال ايلول سبتمبر الماضي "عن قتل 264 جندياً وشرطياً صربياً وتدمير 16 دبابة وعربة عسكرية". ودعا الجيش في بيانه الذي تسلمت "الحياة" نسخة منه، الشعب الالباني في كل مكان الى "توحيد صفوفه والانضمام الى حربه التحريرية في كوسوفو التي تقترب من النصر". مجلس الأمن ورفض ألبان كوسوفو بيان مجلس الأمن لأنه جاء هزيلاً على رغم الأدلة الدامغة على المجازر البشعة التي ارتكبتها القوات الصربية ضد المدنيين. وأبلغ مدير المركز الاعلامي لألبان كوسوفو انور ماليوكي "الحياة" هاتفياً من بريشتينا ان البيان "زاد من الاستياء الشديد الذي يعم الألبان في كوسوفو بسبب المواقف الدولية المتخاذلة امام العدوان الصربي الى حد دعوة الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش للتحقيق في عمليات قتل المدنيين التي يأمر شخصياً بها". وأضاف ماليوكي الذي يعبر عن موقف الحركة الوطنية الألبانية بقيادة زعيم كوسوفو المعتدل ابراهيم روغوفا، ان الألبان كانوا ينتظرون قراراً صارماً يضع نهاية للمذابح التي ترتكبها القوات الصربية ضدهم "لأن التدخل العسكري للحلف الاطلسي هو خدمة انسانية". ووصف خطة حلف شمال الاطلسي القيام بضربات جوية بأنها "غير مقبولة" لأنها غير مؤثرة ولن تأتي بأي نفع ما لم يرافقها تدخل بري وانتشار جنود للحلف في كافة أنحاء كوسوفو". وأوضح: "يبدو ان دولاًَ تبذل كل ما في وسعها للحيلولة دون حصول تدخل مسلح ضد الصرب واخرى، تغض الطرف عما يحدث، وغيرها، تحذر وتهدد ولكنها فعلياً تماطل كلها في التدخل، لإعطاء ميلوشيفيتش الوقت الذي يحتاجه لتبرير مجازره الوحشية ضد الألبان والخروج من مأزقه الراهن كما كانت الحال مع جرائمه المتصاعدة منذ بداية هذا العام". وكانت مصادر ديبلوماسية ذكرت ان روسيا والصين عارضتا بشدة استخدام القوة العسكرية اثناء الاجتماع المغلق الأخير لمجلس الأمن الذي استمر نحو ساعتين. وشددتا على ضرورة ايجاد حل سلمي للنزاع في كوسوفو بينما ابدت فرنسا تحفظاً تجاه استخدام القوة العسكرية في حين ان الولاياتالمتحدة وبريطانيا ارتضيتا بالتنديد الشديد بالأعمال الوحشية التي ترتكب ضد المدنيين الألبان في كوسوفو من دون أي تفويض بالتدخل العسكري لإنهاء الصراع في اقليم كوسوفو وترك الأمر الى اجتماع مقبل. الموقف الروسي وصعدت روسيا لهجتها مؤكدة دعمها الكامل للصرب في كل المجالات، وأعلنت انها ستزود يوغوسلافيا بالسلاح الذي تحتاجه. واصدر مجلس الدوما البرلمان الروسي بياناً دان فيه بشدة أي تدخل للحلف الاطلسي في كوسوفو وطلب من وزارتي الخارجية والدفاع الروسيتين استدعاء ممثليهما لدى الحلف للتشاور. وحض المجلس الحكومة الروسية على ان تؤكد للحلف الاطلسي بأن التدخل المسلح في كوسوفو "سوف يعتبر عملاً عدائياً يؤدي الى انهيار التعاون بين الحلف وروسيا". كما طلب المجلس من وزارة الدفاع الروسية تجديد تعاونها العسكري مع بلغراد "في حال تعرض يوغوسلافيا لعدوان من الحلف الاطلسي". كذلك اشار الناطق الرسمي باسم الكرملين دميتري ياكوشكين الى ان الرئيس بوريس يلتسن يدعو الى "تسوية سلمية تراعي وحدة أراضي يوغوسلافيا" فيما اعتبرت وزارة الخارجية أي عمل يقوم به حلف الاطلسي دون الرجوع الى مجلس الأمن الدولي، "ضربة خطيرة" الى نظام العلاقات الدولية. اميركا وأعلنت وزارة الدفاع الاميركية انها تمهل الرئيس ميلوشيفيتش اسبوعين لسحب قواته من كوسوفو "كي يتجنب تدخلاً عسكرياً من جانب قوات حلف شمال الاطلسي". وأعلنت الوزارة ان الحلف الاطلسي "قد يتخذ قراره في شأن احتمال تدخله عسكرياً في كوسوفو بناء على تقرير الأمين العام للامم المتحدة كوفي انان حول الوضع في الاقليم الذي سيعلنه الاربعاء المقبل". وذكرت وكالة الانباء اليوغوسلافية "تانيوغ" أمس ان حكومة بلغراد دعت انان لزيارة يوغوسلافيا والاطلاع على الوضع في كوسوفو. وفي مقال نشرته في صحيفة "بوليتيكا" الصربية شبه الرسمية الصادرة في بلغراد امس اتهمت ميرا ماركوفيتش زوجة الرئيس ميلوشيفيتش الولاياتالمتحدة بأنها "تقود حملة عدائية تآمرية ضد الصرب". وقالت "ان الولاياتالمتحدة جعلت الأممالمتحدة ومجلس الأمن في خدمتها من اجل اخضاع دول العالم وشعوبها لمصالحها وهمينتها". وأشارت زوجة ميلوشيفيتش الى ان الولاياتالمتحدة "لم تأخذ درساً مما لحق بها في حرب فيتنام وواصلت حروبها ضد الشعوب سواء بالجيوش أو بالقصف وفرض العقوبات، ولكن مصيرها في يوغوسلافيا سيكون كما هو حالها في افغانستان والصومال وكوبا والعراق والسودان وأماكن اخرى من العالم"