حذرت روسيا حلف شمال الأطلسي من مغبة اللجوء الى استخدام الضربات الجوية ضد الصرب في كوسوفو وهددت بالانسحاب من برنامج الحلف للشراكة من أجل السلام ولوحت ب "حرب عالمية" اذا نفذ الأطلسي خططاً للتدخل في كوسوفو. وصدر ذلك في وقت كان مقرراً ان يعلن مجلس الأمن مساء أمس الخميس عن ادانة قوية للمجازر التي كشف النقاب عنها في كوسوفو واجراء تحقيق في شأنها والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان تقديم تقرير خلال اسبوع حول انصياع بلغراد لقرار المجلس الذي دعا الى وقف النار ودعوة النازحين الى ديارهم والبدء بمفاوضات لانهاء الصراع في الاقليم. وجاءت هذه التطورات في ضوء المجازر المتواصلة بحق السكان المدنيين الألبان في كوسوفو التي ذهب ضحيتها العشرات من المسنين والنساء والأطفال الذين نزحوا عن ديارهم. وعم الحداد العام كافة انحاء كوسوفو أمس بناء على دعوة وجهها زعيم البان الاقليم ابراهيم روغوفا الى السكان. وتخوفت مصادر ديبلوماسية غربية في البلقان من تعرض القوات الدولية في البوسنة الى هجمات من جانب المتشددين الصرب رداً على أي عملية عسكرية دولية توجه الى صربيا. وعقد الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش عشية بحث مجلس الأمن الوضع في كوسوفو اجتماعاً في بلغراد مع الزعيمين الصربيين في البوسنة: عضو هيئة الرئاسة البوسنية رئيس الهيئة جيفكو راديشيتش ورئيس جمهورية صرب البوسنة نيكولا بوبلاشين. وذكر تلفزيون بلغراد أمس ان "القادة الثلاثة بحثوا الوضع في البوسنة والتهديدات التي تتعرض لها يوغوسلافيا والضغوط التي تتعمد جهات دولية توجيهها للصرب من دون مبرر". يذكر ان راديشتيش وبوبلاشين فازا بمنصبيهما في الانتخابات البوسنية التي اجريت الشهر الماضي وينتميان الى الحزبين الاشتراكي والراديكالي المتحالفين في حكومة بلغراد. ويتولى راديشيتش رئاسة فرع الحزب الاشتراكي في البوسنة الذي يتزعمه في صربيا الرئيس ميلوشيفيتش بينما يرأس بوبلاشين فرع الحزب الراديكالي في البوسنة الذي يقوده المتطرف فويسلاف شيشيلي في صربيا. حرب عالمية؟ وفي موسكو، لم يستبعد رئيس مجلس الدوما الروسي غينادي سيليزنوف ان يلغي المجلس اتفاق العضوية الروسية في برنامج الحلف الأطلسي للشراكة من أجل السلام "إذا تعرضت يوغوسلافيا لضربة جوية". وحذر أثناء حديثه للتلفزيون الروسي من ان يؤدي استخدام القوة الغربية ضد بلغراد "الى اندلاع حرب عالمية ثالثة من منطقة البلقان". ولم يستبعد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي خافيير سولانا تدخل الحلف عسكرياً في كوسوفو بعد اجتماع عقده سفراء الحلف في بروكسيل. وقال سولانا ان "المؤشرات التي أظهرت ارتكاب مجازر في كوسوفو تدل على ان الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش تخلف عن تلبية مطالب الأممالمتحدة". وأعرب سولانا عن أمله في ان يوجه مجلس الأمن رسالة واضحة الى ميلوشيفيتش، مؤكداً ان الأطلسي "مستعد لاستخدام القوة للحيلولة دون ارتكاب مزيد من المجازر في كوسوفو". ودان البيت الأبيض الهجمات التي استهدفت المدنيين في كوسوفو وحذر حكومة بلغراد من تدخل عسكري محتمل. وأعلن الناطق باسم الرئاسة الأميركية مايكل ماكوري ان "الهجمات تثبت بكل بساطة بشاعة الوجود الصربي في كوسوفو". ودعا ماكوري بلغراد الى احترام القرارات الدولية ووضع حد للقمع في كوسوفو. وأشار الى أنه إذا لم تحصل واشنطن على رد واف من السلطات الصربية فانها "ستضطر الى النظر في اتخاذ تدابير اضافية". وفي لندن، قال الناطق باسم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ان التدخل العسكري أصبح ضرورياً لوضع حد لأعمال العنف في كوسوفو. وقال ان "بريطانيا تبحث مع شركائها في خيارات عسكرية مختلفة". وأشار الناطق الى أن قراراً في شأن توجيه ضربات جوية الى بلغراد، "قد يتم بعد أن يقدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً حول الوضع في كوسوفو الاسبوع المقبل". وكان وزير الخارجية البريطاني روبن كوك اعلن بأن بلاده التي ترأس الدورة الحالية لمجلس الأمن، طلبت عقد جلسة طارئة للمجلس للبحث في الوضع الخطير في كوسوفو. وفي كوسوفو، أبلغ مصدر قيادي في الحركة الوطنية الألبانية "الحياة" في حديث هاتفي من بريشتينا، ان الهجمات الصربية "تواصلت في المنطقة الشمالية حول مدينة ميتروفيتسا وفي جنوب العاصمة بريشتينا حيث بلديتي بريزرين وسوفاريكا". وأشار الى "سقوط ما لا يقل عن 20 قتيلاً ألبانياً اضافة الى 34 مدنياً ذبحتهم القوات الصربية في ثلاث مجازر ارتكبتها ضد المدنيين الفارين الى الغابات". وعبر المصدر القيادي الألباني عن خيبة ألبان كوسوفو من أقوال وتهديدات المجتمع الدولي التي لم تترجم الى أعمال خلال سبعة أشهر من العنف الصربي المتواصل ضد السكان الألبان. وقال بألم: "فات الاوان ونفذ الصرب غالبية ما أرادوا ولم يبق أمام الألبان سوى الاعتماد على أنفسهم وحدهم".