تسود الوسط السياسي اللبناني سجالات كثيرة حيال ما ينويه الرئيس المنتخب العماد إميل لحود، بداية العهد المقبل والسياسة التي سيتبعها. ومثلما انطلقت سجالات على اساليب التكيف التي سيعتمدها شريكاه في السلطة رئيسا المجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري والقوى السياسية الاخرى، فإن الاسئلة عن تركيبة الحكومة المقبلة وأسمائها والقوى التي ستحملها، وعن برنامج لحود، اين يبدأ: بالاصلاح الاداري، ام بالمعالجات الاقتصادية، بدمج الوزارات والادارات ام بإيجاد التمويل اللازم عبر رسوم جديدة لبعض النفقات...؟ ومواضيع هذه الاسئلة، بعضها يلقى اجوبة محددة، متناثرة ومتفرقة. وبعضها الآخر يردد اشاعات او توقعات. وهكذا يقول احدهم عما ينويه لحود، انه يعتقد ان فائض الموظفين في وزارتي التربية المعلمون والاعلام يحتاج الى علاج سريع. وثان يقول انه سيبدأ بضمان استقلال القضاء بكل تشعباته، ونزاهته لأنه مفتاح للاصلاحات. ويسترسل ثالث في تصوره للوزارات والادارات التي سيشملها الدمج. وتبقى كل هذه "الخبريات" في اطار التكهن في انتظار ان يكشف لحود "الطبة التي ينام عليها" معتمداً فضيلة الصمت، في عدم كشف اوراقه ايضاً، كشركائه المفترضين في الحكم. واذ يعتبر البعض انه ليس لدى لحود برنامج واضح، وأنه يسعى الى تلمس خطواته المقبلة عبر درسه الملفات بدقة، فإن بعض الذين يأملون ان تترجم سمعته الطيبة في النزاهة والكفاية وتطبيق ذهنية المؤسسات ودولة القانون، يعتقدون ان الرئيس الجديد "سيتصرف على رأس هرم السلطة في البلاد على انه رئيس السلطة، لا على انه واحد من ثلاثة، او على انه متقدم بين متساوين". ويضيف هؤلاء ان "ذهنية لحود تفترض تعاطيه مع الامور على انه "الرئيس" وانه يعبر عن فكرة التغيير في النهج السياسي الذي ساد منذ بداية التسعينات والذي ادى الى تدهور في الاوضاع، وهو سيعمل على تعديل هذا النهج". ويقول الذين خبروا العماد لحود انه "سيغير قواعد اللعبة، بحيث لا يعني تحالف بعض القوى مع سورية مثلاً ان لهم موقعاً مميزاً في السلطة. فحلفاء سورية كثر ومن كل الانواع لجهة ممارساتهم في الادارة وغيرها... وحلفها معهم لا يعني انها مسؤولة عن تصرفاتهم جميعاً. ودمشق دعمت العماد لصفاته التي تقود الى خوض تجربة بناء دولة المؤسسات والقانون على قواعد النزاهة والكفاية. فإذا تطلب الامور فتح ملفات من اساءوا الى مصلحة الدولة والخزينة فستفتح". وعليه فإن هؤلاء يعتقدون ان لحود "سيضع هامشاً، بين تطبيق القوانين، واللعبة او المناورة السياسية. وبالتالي سيكون متشدداً في تطبيق المبادئ من دون ان يتشدد حيال الاشخاص. وسيكون صارماً في اتباع الاصول والقواعد ومسايراً في التعاطي مع الهوية السياسية للاشخاص، في الوزارة او الادارة او المناصب فيسلم للقوى السياسية بحقها في ان تتمثل او تتسلم المسؤوليات بأشخاص تنطبق عليهم صفات نظافة الكف والآدمية، التي تتقدم مقاييس اخرى". كيف سيستخدم الرئيس المنتخب شبه الاجماع عليه والتفويض الذي حظي به شعبياً ونيابياً؟ العارفون به يقولون انه لن "يستخدم الاجماع كقوة سياسية لمصلحته او لبناء زعامة سياسية. فهو ليس قوة سياسية بين مجموعة قوى ما دام قوة تغييرية تسعى الى توظيف شبه الاجماع عليه لدعم قراراته الاصلاحية، في وجه الافرقاء السياسيين الذين سيعارضونها...". وفي المقابل فإن بعض الوسط السياسي يخشى ان يتسبب وضع لحود في مصاف هو فوق القوى السياسية، الى تغليب نزعة الفردية لديه، او الى نشوء صراع على السلطة بينه وبين شركائه، خصوصاً ان الصلاحيات واللعبة السياسية تجعل موقع الرئاسة محكوماً بواقع سياسي يستند الى خريطة الزعامات والطوائف.