لا يزال "الطريق الثالث" يشغل مثقفي الاشتراكية الديموقراطية، او على الأقل بعضهم الذي يتحسس أن مأزقاً ما يلوح في الأفق. والحال ان هذه البيئة هي، اليوم، اكثر البيئات التي تحاول القبض على الهم العام، وبالتالي، تنتج الأفكار المسكونة بتوفير الاجابات. وفي الحدود النظرية على الأقل، يبدو ان الحاحاً يتنامى على ضرورة تطويق المأزق بالأفكار، فإذا كانت الكلينتونية والبليرية، بحسب انثوني غيدنز، ممارسة من دون نظريتها، فينبغي ارفاقها بهذه النظرية، أو "اكساء هذا الموقف العملي لحماً وشحماً". وفي فذلكة ذلك ان التغير الأكبر الذي حصل، في السنوات الأخيرة، هو القناعة بان الرأسمالية غدا لا بد منها، اما الفرصة المتبقية فهي دفعها الى العمل لما فيه مصلحة البشر، اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً. وينوّع غيدنز على المعنى نفسه، معنى الضرورة النظرية، فيرى ان حكومات وسط - اليسار في العالم، بدأت بادخال عدد من السياسات المتقدمة تنشيط سوق العمل وانعاش المجموعات الأهلية والسكنية واحياء القطاع التطوعي الثالث مع كل ما يتصل بالتعليم والتمهين، الا ان ما لم تفعله الحكومات هذه هو وضع تلك السياسات في حزمة وفي اطار، الشيء المتروك أمره له وللمثقفين الذين قد يحذون حذوه. وفي مكان آخر يوضح: "اما وقد تخلصت من القناعات التوكيدية القديمة، فالحكومات التي تزعم تمثيل اليسار تصنع السياسات صناعة تلقائية. ينبغي ان يضاف اللحم النظري الى الهيكل العظمي لصناعتها السياسية. ينبغي عدم الاقتصار على تأييد ما تفعله، بل تزويد هذه السياسات بحس اكبر بالوجهة والقصد". وكتاب غيدنز الأخير "الطريق الثالث - تجديد الاشتراكية الديموقراطية" بوليتي، أكسفورد، 1998، 166 صفحة، هو ما يُعوّل عليه ان يوفر الجواب الناقص حتى الآن، خصوصاً وأن الصورة إيميج لا تكفي وحدها، كما يقول المؤلف نفسه، لأن تؤسس ما هو صلب وراسخ. وغيدنز هو، بحسب وصف الآخرين له، "المثقف المفضّل" لدى رئيس الحكومة البريطانية توني بلير، بل هو في وصف آخرين "غورو بلير"، أي أستاذه ومرجعه وملهمه. لكنه أيضاً مدير مدرسة لندن للاقتصاد الذي استرعى الاهتمام لتركيزه على تطوير سياسات جديدة تتجنب الأقصيين اليميني واليساري، حتى غدا المنظّر الأهم عالمياً ل"الطريق الثالث" حيث انضم مؤخراً، في اجتماع نيويورك، الى كلينتون وبلير. والملاحظة الأولى التي يستدعيها كتابٌ يقول صاحبه عنه انه "لحم نظري" لموقف عملي، هي ان ثمة مكاناً لا يزال متاحاً للايديولوجيا، على عكس العدم الكامل الذي افترضه البعض وأشاعه. وغيدنز، في الواقع، ليس من هؤلاء العدميين. صحيحٌ أن دعاة الطريق الثالث لا يكتمون تعاطفهم مع نظريات "ما بعد الايديولوجيا" وقضاياها الصغرى و"الأنيقة"، الشيء الذي رأى بعض نقادهم مصدرَه في ربطهم الأفكار بالمقترعين ممن يمكن إذّاك تحويل مطالبهم او تحويل الشعارات مطالب لهم، بحسب ما تقضي الحال. ولهذا أضاف النقاد ساخرين ان الطريق الثالث انما هو انتهازية ذات وجه انساني! بيد ان المؤلف يستبعد بقدر من التوكيد زوال تصنيف اليمين واليسار لأنه شديد القابلية للاستخدام الوظيفي الدال، ومن ثم لأداء ما لا حصر له من أغراض. فالثنائية هذه لا تزال تطول سلسلة من الأمور الأساسية كالنقاش حول المساواة وترك الفقراء أو عدم تركهم يواجهون مصائرهم. لكن ثمة مجموعة أخرى من القضايا الناشئة التي لا صلة لها بالانقسام هذا، كمواجهة العولمة وبعض الترتيبات الاجتماعية والعائلية. وفي هذه الحدود يمكن القول ان جديداً قليل الايديولوجية يصعد فيما يتراجع الايديولوجي القديم من غير ان يختفي بالطبع. والراهن ان غيدنز كان اصدر في 1994 كتاباً دل عنوانه "ما وراء اليسار واليمين" الى رغبته التي لم ينسق وراءها انسياقاً أعمى. فانقسام اليسار - اليمين، اذا ما استخدمنا لغته، يبدو الآن "أقل شمولية"، والقضايا التي على دولة رفاه مُصلَحة ان تواجهها، فيما هي لا تزال تتلافاها، انما تندرج في "سياسات الحياة" التي تطول "الخيار والهوية والتبادلية" كالمسائل الايكولوجية وتلك "التي تتعلق بالطبيعة المتغيرة للعائلة والعمل والهوية الشخصية والثقافية". فقد تغير مضمون سياستنا تغيراً هائلاً، حيث العولمة "تحول مؤسسات المجتمعات التي نعيش فيها بشكل حاسم"، وهناك، الى ذلك، "انسحاب للتقليد والعادة من حيواتنا". والحمل الايديولوجي ليس في النهاية قليلاً، أكان المقصود الكتاب نفسه، أم القضية التي يدافع عنها. ف"الطريق الثالث" لا يخفي صدوره عن عقدين من الثاتشرية والريغانية وعن انهيار الشيوعية في آن، ما يجعله بالغ التضمين والسجالية. وهذا ناهيك عن ان مهمة "تجديد الاشتراكية الديموقراطية"، على ما يقول العنوان الفرعي، تنطوي تعريفاً على قدر ايديولوجي غير ضئيل، حتى لو كان التجديد في اتجاه التخفيف من الايديولوجيا. غير ان التجديد، وهو عملية لم تتواصل كما تواصلت في الاشتراكية الديموقراطية منذ نشأتها، يؤشّر دائماً الى عالم أقل ايديولوجية، الأمر الذي ربما ارتقى الى اعجاز الاشتراكية الديموقراطية بصفتها حركة متواصلة لهذا التجديد. وغيدنز، بهذا المعنى، يلتقط الانحسار الايديولوجي ايديولوجياً، الا انه يستعجل قليلاً اذ يتعامل مع بعض المسلمات كأمر لا يقبل المساءلة. فالافتراق عن "اليمين الجديد" و"اليسار القديم"، بوصفه نقطة الطريق الثالث، يطرح سؤالاً آخر لا يأتي على ذكره المؤلف وغيره من القائلين بطريقه: ماذا عن اليسار الجديد واليمين القديم؟ أي ماذا عن "مدرسة فرانكفورت" ونظريات بقرطة الطبيعة التي ربما أمكن الاستفادة منها في تناول الموضوع البيئي العزيز على قلب غيدنز، وماذا عن الأفكار التي تم تداولها في الستينات واعتُبرت تطويراً لبعض تعاليم فرانكفورت لجهة تغيير التركيب الطبقي ونشوء المسائل الاثنية والشبابية، وأخيراً ماذا عن التشديد المحافظ، السابق على ثاتشر وريغان، على الاندماج الوطني وتعزيز اللحمة الجامعة؟ بمجرد أن نضع يدنا على هذا الجانب المُغيّب عن النقاش، نكتشف ان الكثير من "جديد" الطريق الثالث قد لا يكون جديداً. وهذا مع العلم ان أحد الهموم التي أملت الطريق المذكور، الا وهو الجمع بين تقليدي الديموقراطية الاشتراكية والليبرالية، همّ جدي وضاغط. مع هذا فغيدنز حاول، ما أمكنه، الخروج من شكليات المناقشة التي عبّر عنها توقف النقاد عند تعريف "الطريق الثالث". فقد تجاوز المصطلح، ليركز في المقابل على المعنى الذي تتجه اليه المحاجّة في رفضها المتوازي كلاً من النيو ليبرالية والاشتراكية الديموقراطية "في زيّها القديم". فالطريق الثالث، عنده، تعبير كثيراً ما استُخدم في الماضي للدلالة على التقاليد البرلمانية للاشتراكية والاشتراكية الديموقراطية. الا أنه اليوم يعني شيئاً مختلفاً تماماً، وهو محاولة اطلاق نهج يكون ما بين الفلسفتين المسيطرتين اللتين "خذلتانا": الاشتراكية بصفتها العامة وأصولية السوق الثاتشرية والريغانية. فأنت ببساطة، كما يقول غيدنز، لا تستطيع أن تدير العالم كما لو أنه سوق ضخم. والطريق الثالث يعني، كذلك، البحث عن سياسة تسمح لنا بادراك الوضع الجديد الذي نعيشه، اي المنافسة في عالم معولم، مع الحفاظ على مجتمع متماسك بصورة معقولة الى هذا الحد أو ذاك. ويحدد المؤلف الاطار التاريخي لما يفعله، اذ بسبب الثاتشرية انطوى "النقاش السياسي في المملكة المتحدة على حرية أكبر في التفكير مما في الدوائر الاشتراكية الديموقراطية في القارة". وربما للسبب هذا كان ل"تطور الأفكار في بريطانيا تأثير راهن مباشر" على تلك السجالات الاوروبية المُراجعة التي تتمتع بتاريخ غني مديد. ف"الاشتراكية الديموقراطية لا يمكنها ان تعيش، بل لا يمكنها ان تزدهر، على مستوى الايديولوجيا كما على مستوى الممارسة"، ما لم يقم الاشتراكيون الديموقراطيون ب"مراجعة أفكارهم الموجودة من قبل". على أن ذلك لا يقدم الكثير لحل المعضلة او السؤال عن الوجهة التي ستسلكها الاشتراكية الديموقراطية "في عالم لا بديل فيه من الرأسمالية؟". وجواب غيدنز هنا ان المحاجّات لا يمكنها ان تنأى عن همّ الرأسمالية، فلا بد تالياً من "اشتراكية ديموقراطية مُجدَدة تكون يسار الوسط، لأن العدالة الاجتماعية والسياسات الانعتاقية تبقى صلبها". ما هي المضامين البرنامجية التي تلي؟ الكتاب الصغير يحمل بضعة افكار ومفاهيم، ومعها بضعة شعارات من نوع "لا حقوقاً من دون مسؤوليات" و"لا سلطة من دون ديموقراطية" و"دمقرطة الديموقراطية". وهذه الاخيرة تعني تفريع السلطة هبوطاً نحو القاعدة والصلب، وصعودا نحو صناعة القرار، من اجل صنع نظام سياسي "لا يكون دولة عليا ولا مساحة تجارة حرة فقط"، واعادة اختراع للحكومة بان يصار، احيانا، الى "اعتماد حلول ترتكز على السوق"، واحيانا، الى "التوكيد على فعالية الحكومة في مواجهة الأسواق، مع تجديد التجمعات الاهلية عبر تعزيز المبادرات المحلية ودفع القطاع الثالث الى الانخراط وحماية "الحيز العام المحلي" وتشجيع "المشاريع الاجتماعية". كذلك ينبغي ان يكون هناك توازن "بين الصلاحيات الذاتية والمسؤوليات" وبين "التعدد والخيار" في "العائلة الديموقراطية". ف"دولة الاستثمار الاجتماعي" سوف تنمّي "اقتصاداً مختلطاً جديداً" يرنو الى "تعاون دؤوب بين القطاعين العام والخاص، مستعيناً بدينامية الأسواق انما مع ابقاء المصلحة العامة في البال". كذلك لا بد من توازن بين "الضبط وعدم الضبط، على المستويات المحلية والوطنية والعابرة للأوطان"، وتوازن آخر بين "الاقتصادي وغير الاقتصادي في حياة المجتمع". وينبغي تطوير جماعة من "المُخاطرين بمسؤولية" في مجالات الحكومة والبيزنس وأسواق العمل، مع طمأنة الناس الى توافر ما يحميهم حين تتجه الأمور وجهة سيئة، على اعتبار أن "المساواة هي دمجٌ، وعدم المساواة استبعاد" من المواطنية في معناها الأعرض. فعلى دولة الرفاه أن تنمّي "أخلاقية مشتركة للمواطنية" اذ لا ينبغي تقليص هذه الاخيرة الى شبكة أمان، كما ينبغي ل"الرفاه" أن ينطوي على مدلول ايجابي بحيث يطول "رعاية وتشذيب الاحتياط الانساني"، حتى تحل هذه الوظيفة محل "الاستلحاق الذي يلي وقوع الحدث"، وذلك بان تعمل الدولة بالتعاون مع الاجهزة الاخرى. وسياسات الطريق الثالث هي سياسات ل"أمة واحدة" غير انها أمة "كوزموبوليتية" تعمل على "تعزيز الاندماج الاجتماعي فيما تحتفظ لنفسها بدور أساسي في رعاية أنظمة للحكم عابرة للوطنية". ومثلما ينبغي انزال التفريع الديموقراطي الى المناطق والمستويات الادنى، ينبغي ان يحصل "توسيع كوزموبوليتي للديموقراطية" بوصف ذلك "شرطاً للتنظيم الفعال للاقتصاد العالمي، ولمهاجمة التفاوتات الاقتصادية الكونية والتحكم بالمخاطر البيئية". ويصنّف غيدنز معضلات عالمنا بالخمس التالية: العولمة: ما هي بالضبط وما مضامينها؟، والفردية: بأي معنى يمكن القول ان المجتمعات الحديثة تصبح فردية أكثر؟، واليسار واليمين: ما الذي نفهمه من زعم فقدانهما كل معنى؟، والأداة السياسية: هل ترحل السياسة بعيداً عن الميكانيزمات الارثوذكسية للديموقراطية؟، والمسائل الايكولوجية: كيف ينبغي دمجها في سياسات الاشتراكية الديموقراطية؟ وفي التعاطي مع المسائل هذه، ومن داخل اجندته التحديثية العريضة، يدافع عن خطوات استراتيجية محددة: تقليص قوة السلطة التنفيذية وتقوية القدرة على مساءلتها. تعزيز التجارب باتجاه الديموقراطية المباشرة، وكذلك تعزيز صناعة القرار صعودا وهبوطا وتعزيز الاستقلال الذاتي. اعتماد مقاربات ترتكز الى مصالح المجموعة الأهلية وتماسكها في ما خص مكافحة الجريمة، كاللجوء الى الشرطة في صورة تعاونية. تشجيع التعاون بين طرفي الاسرة والتأكيد على تبادلية الحقوق والمسؤوليات، مع جعل حماية ورعاية الاطفال مركز السياسة العائلية بفصل الالتزامات التعاقدية حيال الاطفال عن الزواج، وجعلها ذات الزام شرعي للاهل، المتزوجين منهم وغير المتزوجين. استبدال البرامج التقليدية في ما خص الفقراء باخرى تنطلق من زاوية دور الجماعة ومن برامج متعددة الادوار. اصلاح سياسات التقاعد ليس فقط بالجمع بين التمويلين العام والخاص، بل ايضا بالتفكير بالمسنين كمصدر لا كعبء، والغاء التقاعد المنصوص عنه قانونيا. تعزيز برامج التعليم بما يتعدى الأعمار المقررة تقليدياً للدراسة وتوفير امكانية نقل اماكن التعلم. كذلك تحتل السياسة واعادة الاعتبار اليها موقعاً دائماً يمكن رصده في صفحات الكتاب جميعاً. فالانطباع السابق والذي ساد طوال عقدين، كان مفاده أن السوق يمكن ان تفرز القيادة والقادة، لأن السوق هذه هي خلاصة ما يريده الشعب. لكن يتبين الآن ان الحاجة الى السوق لا تلغي الحاجة الى السياسة المستقلة، ومن ثم الى القيادة والقادة. وفي الفصل الاخير المعنون "نحو العصر الكوني"، يعيد غيدنز هيكلة تقسيم السلطات في الاتحاد الاوروبي وصولا الى نظام من "الحاكمية الكونية" اوسع تمثيلاً وحضوراً في آن، بحيث يدمج المؤسسات القائمة في اجهزة تشريعية وقضائية واخرى متداخلة، فيما ينشىء "مجلس امن اقتصادي" داخل الأممالمتحدة. وهناك دائماً ضرورة الاتفاق على ان تضمن الدولة، من دون ان توفر بالضرورة، سلعا كالتعليم والضمان الصحي. واغلب الظن ان كتاب غيدنز ناقص، او انه، بالأحرى، مجرد تقديم لعمل أوسع يأتي أكثر تفصيلاً وأقل ادعاء للجدّة والفتوح النظرية التي كثيراً ما تسكنها معادلات شبه أخلاقية أو وعظية. فالغالبية الساحقة من مراجعه تعود الى ما بعد 1990، ما يقرّب الكتاب من الطابع الاجرائي ويُبعده عن الخلاصية التي وُصف بها، من دون ان يدعيها غيدنز لنفسه، هو القائل بتراجع الايديولوجيا عموماً. ثم ان الوعظية ينبغي... التي ربما كانت مطلوبة أحياناً كقرار وشهادة أخلاقيين من المثقفين، زادت عن المعدل الذي يمكن احتماله، وفي زيادتها هذه بدا الأمر أقرب الى تجنب المواجهة العملية والتفصيلية لمشاكل عملية وتفصيلية جداً. لكن يبقى أن من الطبيعي أن تظهر أفكار تحاول سد الفراغ الناجم عن تلك الهوّة الفاصلة بين توهّم الحكومات والنظريات الكبرى لليسار السيطرةَ على العالم والتاريخ، وبين ترك السوق يعاود تشكيل العالم والتاريخ بحسب الحكومات الصغرى الريغانية الثاتشرية. والمشكلة أن غيدنز حين يكتب كتاباً كهذا، أو حين يقول ليونيل جوسبان "نعم لاقتصاد السوق، لا لمجتمع السوق"، فإن تمنياتهما تتحول نظرياتٍ بسرعة أبطأ من سرعة الأزمة الزاحفة. ويجد البعض في التاريخ مصدراً لخوفه: فالتعاطي الاشتراكي الديموقراطي، مع الاقتصاد ومع السياسة، بعد الحرب العالمية الأولى كان له ضلعه في الكساد الكبير وفي انتشار الفاشية والشيوعية. وها هي الفرصة الثانية مع اختتام القرن، التي لا يزال يواجهها كلينتون وبلير، وخصوصاً شرودر، بغموض كبير. * كاتب ومعلق لبناني.