يرفع الرئيس الاميركي بيل كلينتون، اليوم الخميس، الستار عن مشهد جديد لعملية السلام في الشرق الاوسط، عندما يبدأ صباحاً في البيت الابيض محادثات مع كل من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتانياهو يتوقع ان تستمر حتى الاثنين المقبل في منتجع واي بلانتايشن في ولاية ماريلاند، على امل التوصل الى اتفاق باعادة نشر القوات الاسرائيلية في الضفة الغربية وتسريع مفاوضات المرحلة النهائية. راجع ص 3 وساد اوساط المسؤولين الاميركيين تفاؤل متحفظ بالتوصل الى اتفاق يمكن اعلانه من البيت الابيض الاسبوع المقبل، وهو اتفاق قد لا يحل كل المشاكل العالقة لكنه يحدد خطوط "التفاهمات" العريضة. واعلن مسؤول في مجلس الامن القومي ان الزعماء الثلاثة سيبدأون اجتماعاتهم في البيت الابيض في العاشرة صباح اليوم ثم ينتقلون الى "حديقة الورود" حيث يلقي الرئيس كلينتون كلمة ترحيبية تعكس ما تتطلع الولاياتالمتحدة الى تحقيقه من هذه القمة الثلاثية. واضاف المسؤول ان وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت سترافق عرفات ونتانياهو الى "واي بلانتايشن" بعد انتهاء مراسم البيت الابيض لبدء المفاوضات. على ان ينضم كلينتون اليهما في وقت لاحق مساء الخميس. وتفادى المسؤولون في الادارة الحديث عن مضمون المحادثات المقبلة، واكتفوا بالكلام حول شكل تأكيد رغبتهم في عدم الادلاء بأي تصريحات قد لا تكون مساعدة على انجاح المفاوضات. وقد كثفت الديبلوماسية الأميركية جهودها واتصالاتها خلال اليومين الماضيين لتأمين اكبر مقدار ممكن من احتمالات تحقيق تقدم. وكانت الوزيرة اولبرايت سارعت بعد تصريحات نتانياهو السلبية اول من امس الثلثاء الى الاتصال به هاتفياً وامضت معه اكثر من 40 دقيقة، ثم اتصلت ايضاً بوزير خارجيته الجديد ارييل شارون للهدف نفسه. وعكست تصريحات نتانياهو الاقل سلبية امس في عمان، نتائج جهودها. وكان الناطق باسم الخارجية جيمس روبن اعترف باستمرار وجود عقبات امام التوصل الى اتفاق، لكنه اشار الى ان لدى الادارة شعوراً بأنها ستكون قادرة خلال الايام القليلة المقبلة على تحقيق التقدم والتوصل الى اتفاق، مع تكرار القول بأن الامر يعود في النهاية الى الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي. ولوحظ ان الجانب الاميركي بدأ يستخدم تعابير مختلفة بعض الشيء عما كان يستخدمه في السابق. وبدلاً من القول مثلاً ان المطلوب "تضييق الفجوات" في المواقف بات يقول ان المطلوب "توسيع النقاط او التفاهمات المتفق عليها". وكشف روبن ان ما تسعى واشنطن الى تحقيقه في "واي بلانتايشن" هو "توسيع التفاهمات والاتفاقات خصوصاً في ما يتعلق بالمسائل الامنية. والجدير بالذكر ان المسؤولين الاميركيين بذلوا جهوداً خاصة للتوصل الى تفاهمات في المسائل الامنية بدليل ان مدير وكالة الاستخبارات المركزية جورج تينيت كان معنياً مباشرة بهذا الموضوع وامضى مؤخراً اياماً عدة في المنطقة في محادثات مع الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي. وذلك بهدف اظهار الاهمية التي تعلقها واشنطن على انجاح هذه الجهود. الى ذلك، كشف روبن عن توصل الجانبين الى "اتفاق او تفاهم" حول المنطقة الصناعية في غزة. وقال ان ذلك حصل خلال زيارة الوزيرة اولبرايت الاخيرة الاسبوع الماضي. وأعلن ان الرئيس كلينتون والوزيرة اولبرايت يعتقدان "ان مخاطر كبيرة ستواجهنا" في الشرق الأوسط اذا لم تتم بسرعة اعادة عملية السلام الى مسارها، وقال: "لا يحمل المستقبل آمالاً كبيرة، اذا لم تعد العملية الى مسارها"، خصوصاً ان انتهاء مهلة المرحلة الانتقالية بات قريباً في أيار مايو المقبل. وفي لندن، اعرب الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عن تفاؤله بالتوصل الى اتفاق خلال اجتماعات قمة واي بلانتايشن. وقال اثر لقائه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في لندن، امس: "انا متفائل بالجهد الذي يبذله كلينتون"، مشيراً الى ان الرئيس الاميركي "سيشرف شخصياً على المحادثات، وهذه فرصة طيبة ومهمة ليس للفلسطينيين وللاسرائيليين فحسب بل للمنطقة كلها". ورد على تصريحات لنتانياهو بقوله ان "السلام هو طريق الأمن". ودعا اسرائيل الى "تنفيذ دقيق وأمين للاتفاقات الموقعة ومنها المبادرة الاميركية الاخيرة التي لم يعلن نتانياهو موافقته عليها حتى الآن". واستبعد عرفات ان تلعب مشاركة وزير الخارجية الاسرائيلي ارييل شارون في الوفد الاسرائيلي، المفاوض دوراً سلبياً. وأضاف "لا تنسَ ان شارون شارك رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق مناحيم بيغن في الانسحاب من سيناء". وأوضح عرفات انه طلب من بلير "اشياء كثيرة، ووجدنا لديه استجابة طيبة". وقالت مصادر فلسطينية لپ"الحياة" ان لقاء عرفات - بلير تم بناء على طلب بريطاني. وغادر عرفات والوفد المرافق له لندن بعد اللقاء الى واشنطن. كما علمت "الحياة" ان الزيارة التي كان مقرراً ان يقوم بها عرفات للعاهل الأردني الملك حسين في مستشفى مايو كلينيك في ولاية مينوستا ألغيت. وتحدثت اوساط فلسطينية عن وجود "صفقة شاملة" في شأن المرحلة الثانية من الانسحاب الاسرائيلي من الضفة، مشيرة الى امكان توقيع اتفاق في شأنها اذا لم يفتعل الجانب الاسرائيلي اي ازمة. وقالت ان الصفقة تشمل الاتفاق على انسحاب من 13.1 في المئة من الضفة الغربية منها 3 في المئة محمية طبيعية تعود الى السيطرة الفلسطينية بعد عشر سنوات. وتشمل الصفقة ايضاً اتفاقاً على قضايا المطار والمنطقة الصناعية والأسرى. وأوضحت ان مواضيع الخلاف هي: الاستيطان، ومطالبة الاسرائيليين بالانتقال الى مفاوضات المرحلة النهائية مباشرة والاكتفاء بتسليم الفلسطينيين ما نسبته 1 الى 2 في المئة من أراضي الضفة في المرحلة الثالثة من اعادة الانتشار. وأشارت المصادر الى ان مواضيع الخلاف التي لا يتم التوصل الى اتفاق لتسويتها ستعمل واشنطن على التوصل الى اتفاقات ثنائية في شأنها