مع دخول تحركات العاطلين عن العمل شهرها الثاني، ازدادت التعبئة في صفوفه كما ازداد تعاطف الرأي العام الفرنسي معهم، فيما اصبح اخلاءهم من المقرات التي يحتلونها الشغل الشاغل لقوات الامن في العديد من المناطق الفرنسية. وبعدما اقتصرت هذه التحركات التي بدأت في منتصف كانون الاول ديسمبر الماضي، على مراكز التقديمات الاجتماعية الخاصة بالعاطلين عن العمل، فهي الآن تستهدف اي مقر عام أو خاص يتمكن العاطلون عن العمل من اقتحامه والبقاء في داخله، الى ان تتدخل قوات الامن لاخلائهم. وتشير آخر حصيلة لعمليات الاحتلال المتنقلة ان العاطلين عن العمل يحتلون في باريس مقر المعهد العالي للتعليم، منذ يوم الاربعاء الماضي، ويشاركهم في عمليتهم هذه مجموعة من طلاب المعهد. وفي باريس ايضاً يحتل العاطلون عن العمل أحد مقرات شركة كهرباء فرنسا الذي يرفضون مغادرته طالما لم يحصلوا على تعهّد بعدم قطع الكهرباء عن منازلهم في حال عدم تسديدهم للفواتير المترتبة عليهم. ويحتلّ العاطلون عن العمل مقرّي بلديتي غنغان وبريست ومقر الحزب الاشتراكي الذي يقود الحكومة الفرنسية في مولهوز، حيث صرّح العاملون في المقر ان عملية الاحتلال لا تمنعهم من مزاولة نشاطهم العادي لكنها تفرض عليهم مناوبة ليلية تحسباً للفوضى. وفي مدينة ليون يحتل العاطلون عن العمل مقرّ مصرف "لوكريديه ليونيه" في حين انهم احتلوا احد المسارح في كليرمون فيران. وتترافق هذه الاحتلالات مع ما يسميه العاطلون عن العمل بعمليات "كوماندوس" على الفنادق الفخمة والمتاجر الكبرى والمطاعم ومنها مثلاً مطعم "لاكوبول" احد اقدم المطاعم الباريسية، حيث قرّرت الادارة استضافتهم على العشاء وقدمت لهم كل التسهيلات المعطاة للزبائن التقليديين. ويقول العاطلون عن العمل ان الهدف من عمليات "الكوماندوس" على الاماكن الراقية، التي يغادرونها بعد فترة وجيزة، هو لفت انتباه رواد هذه الاماكن الى اوضاعهم ومطالبهم. وكانت التظاهرة التي شهدتها باريس للعاطلين عن العمل اتسمت بدرجة تعبئة فاقت تظاهرة الاسبوع الماضي، فبلغ عدد المشاركين فيها 10 آلاف شخص على حدّ قول الشرطة و20 ألفاً على حدّ قول المنظمين. وجاب المتظاهرون الشوارع الممتدة من ساحة "لاباستييه" حتى ساحة "ريبوبليك" تحت انظار العديد من الباريسيين الذين وقفوا على شرفات ونوافذ منازلهم لتحيتهم تعبيراً عن تأييدهم لهم. وفسّرت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية تأييد الرأي العام الفرنسي لتحرك العاطلين عن العمل باستطلاع للرأي اجرته بالتعاون مع "ايفوب"، اظهر ان البطالة هي أشبه بشبح يخيّم على كل أسرة فرنسية. وأشار الاستطلاع الى ان الفرنسيين يؤيدون العاطلين عن العمل لأن 78 في المئة عاشوا البطالة بأنفسهم أم أنهم عايشوها عبر أحد المقربين منهم، وان 33 في المئة منهم يعيشون يومياً هاجس فقدان عملهم في الاشهر القادمة. وسط هذه الاجواء، قرر رئيس الحكومة الفرنسية ليونيل جوسبان الاشتراكي الادلاء بحديث تلفزيوني في محاولة لوقف تحركات العاطلين عن العمل والتوتر الذي تثيره في وجهه على الصعيدين الشعبي والسياسي. ويواجه جوسبان عبر حديثه المرتقب امتحاناً عسيراً، لأنه اذا تجاوب مع شركائه في الحكومة من شيوعيين وأنصار بيئة وعمل على تلبية مطلب العاطلين عن العمل حول رفع مستوى التقديمات الاجتماعية، فإنه يضحي باجراءات التقشف المفروضة عليه من أجل مراعاة معايير الانتقال الى العملة الاوروبية الموحدة. واذا رفض التجاوب فانه يعرّض ائتلافه الحكومي للخطر، خصوصاً بعد مطالبة الحزب الشيوعي الفرنسي له باعتماد سياسة يسارية حقيقية وتمويل احتياجات العاطلين عن العمل برفع الضرائب على الثروات الكبرى في البلاد.