حذر بيان صدر أمس عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة الفاو من انتقال وباء الدودة الحلزونية من العراق الى البلدان المجاورة. وذكرت المنظمة الدولية أن الوباء يفتك حالياً على نطاق واسع بالثروة الحيوانية في العراق ويهدد بالانتشار بين البشر إذا لم تُتخذ اجراءات عاجلة لاستئصاله. ويبلغ عدد الاصابات المبلغ عنها رسمياً 50 ألف اصابة داخل العراق. وأكد البيان ظهور اصابات قليلة في الكويت وايران، وأشار الى أن "البلدان المهددة على نحو خطير هي الاردن والسعودية وسورية، في حين تواجه البحرين ولبنان وقطر وتركيا ودولة الامارات العربية المتحدة واليمن مخاطر أقل". ولم يحدد بيان "فاو" عدد الاصابات البشرية، لكن برايان هيرسي كبير الخبراء في الأمراض التي تنقلها الحشرات ذكر في حديث هاتفي مع "الحياة" من مقر المنظمة في روما أن عدد الاصابات البشرية المبلّغ عنها في العراق بلغ 22 إصابة، ورجح أن يكون العدد الحقيقي للاصابات ضعفي ذلك على الأقل. ففي ضوء التدهور العام للخدمات والاتصالات في العراق لا يتوقع التبليغ عن الأمراض ولا تتوافر وسائل المتابعة والرعاية الصحية. وبسبب الأوضاع الاجتماعية في المنطقة قد يتردد كثير من المصابين في التبليغ عن أمراض انتقلت لهم من الحيوانات. وذكر هيرسي، وهو بريطاني الجنسية، أن أكثر الاصابات وقعت الشهر الماضي، حين تساعد الظروف المناخية في المنطقة على انتشار الوباء. وقال الخبير الدولي أن العراق لم يعرف هذا المرض قبل عام 1995، وفسّر انتشاره الكبير الحالي بالقيود المفروضة على استخدام العراق لمبيدات مكافحة الحشرات وعدم توافر خدمات الطوارئ. وعرقل الحظر الجوي وصول الفرق الدولية الخاصة بالمتابعة والمكافحة، كما أدى عدم وصول المعلومات الطبية والعلمية الى انهيار أنظمة الاتصالات والمتابعة التي لا يمكن للخدمات الطبية والزراعية العمل من دونها. واستفحل الوباء وانتقل من الحيوانات الى البشر بسبب تدني مستوى الظروف الصحية العامة للعراقيين وعدم توافر الصابون والمستلزمات الصحية. ودعا مصدر في متحف التاريخ الطبيعي البريطاني الذي اكتشف إصابة بقرة بالدودة الحلزونية في الكويت الى عدم خلق رعب لا ضرورة له بين السكان، وأشار الى امكان وقاية البشر بسهولة. ونصح خبير المتحف البريطاني بالاعتناء بتنظيف الجروح، حتى الخدوش البسيطة في الجسم، خاصة لدى الأطفال، وضرورة الاسراع الى مراجعة الطبيب عند ظهور أول علامة على تعفن الجروح وانبعاث رائحة منها. وينبغي العناية بوقاية الأطفال الرضع خصوصاً فالذبابة تضع بيوضها في أي فتحة تجدها في الجسم كتجويف العيون والجيوب الأنفية، أو داخل فتحة الاذنين والفم. وتفقس الدودة الحلزونية التي تحمل باللاتينية الاسم العلمي "آكلة البشر" من بيوض تتركها ذبابة معينة في الجروح والخدوش. وتضع الذبابة بيوضاً كثيرة فوق الجروح قد يصل عددها الى 400 بويضة في أقل من 15 دقيقة. وتظهر بعد التفقيس ديدان صغيرة تأكل أنسجة اللحم وتغوص داخل الجسم عميقاً بسرعة. واذا لم يعالج الجرح يمكن أن يقضي على حيوان كامل النمو خلال أيام قليلة. وقد يستفحل الوباء ويقضي على 90 في المئة من الحيوانات المولودة حديثاً. وتستطيع الذبابة الحلزونية قطع مسافة تصل الى 200 كلم، إلاّ أن الوباء الذي تسببه ينتشر عادة عن طريق اليرقات التي تحملها الحيوانات المصابة. ورجح خبير المنظمة الدولية انتقال عدوى الوباء الى الكويت وايران عن طريق حيوانات مهربة من العراق، حيث يقل سعر الماشية ثلاث مرات عما في الدول المجاورة بسبب الظروف الاقتصادية. وكان اجتماع عقد الشهر الماضي في دمشق للبلدان المتأثرة بالوباء والمهددة، دعا الى بذل جهود عاجلة للسيطرة على انتقال الحيوانات المصابة عبر الحدود. ووضع الاجتماع الذي ساهمت في تنظيمه "المنظمة العربية للتنمية الزراعية" خطة عمل لمعالجة الوباء تقدر كلفتها بأكثر من 7 ملايين دولار. وخصصت "الفاو" 400 ألف دولارللمشروع، وتبرعت هولندا بملبغ 600 ألف دولار فيما يجري البحث عن جهات مانحة أخرى.