على رغم أن شهر رمضان المبارك وبداية السنة الميلادية مناسبتان سعيدتان تعلق لهما الزينات وتقام لهما الاحتفالات، إلا أن حلولهما معاً العام الحالي قلل من حجم الاحتفال بالأخيرة في مصر، وسحب من تحتها البساط بصورة شبه كلية. والسبب ليس في انتماءاتهما الدينية، باعتبار أن شهر رمضان مناسبة إسلامية، والسنة الميلادية مناسبة مسيحية، خصوصاً أن احتفال المسلمين والمسيحيين بقدوم عام ميلادي جديد يكاد يكون واحداً. لكن السبب هو أن طريقة الاحتفال برأس السنة الميلادية تتناقض في أغلب الأحيان وتقاليد الشهر الكريم. وأبرز تلك التناقضات تكون في فنادق القاهرة الكبرى وملاهيها الليلية التي يعتمد أغلبها على حفلات رأس السنة في نحو 20 في المئة من مجموع الدخل السنوي. وجرت العادة على أن تتنافس تلك الفنادق والملاهي على جذب الراقصات بمختلف مستوياتهن تبعاً لمستوى الفندق نفسه، حتى ان راقصات الصف الأول كن يركض في تلك الليلة من فندق إلى آخر ومنه إلى ملهى ثالث. وبما أن الرقص الشرقي بشكله الحالي وبأزيائه التي تتبارى في الكشف عن أكبر المساحات الممكنة يتناقض وأبسط قواعد رمضان، فقد أصبحت فقرة الرقص الشرقي مؤجلة هذا العام في احتفالات رأس السنة. وأضيف إلى قائمة الرقص المنافي لروح رمضان كل ما هو روسي ولاتيني وافريقي. وألغى عدد كبير من فنادق الخمس نجوم حفلات رأس السنة، واتجه آخرون إلى مزج رمضان ورأس السنة في حفلة واحدة لا تغضب احداً. فالمطربون رجال، والمطربات محتشمات، والراقصات في بيوتهن. وحل دخان النرجيلة والمشاريب الساخنة من قِرفة وسحلب بدلا من الكحول. كما حلت وجبة السحور من فول مدمس وزبادي وبليلة بدلا من اسماك ولحوم رأس السنة. واختفت أو على الأقل اختصرت زينات الكريسماس ورأس السنة من أضواء وأشجار الميلاد فتداخلت الى أقل القليل. ودمج عدد من الفنادق رموز رمضان ورأس السنة ونماذج الهلال مع النجوم مع بابا نويل. أما الملاهي الليلية، فبدلاً من قوائم المغريات التي كانوا يعلنون عنها في تلك الليلة من مأكولات وراقصات ومشهيات، فقد اكتفت بكتابة عبارة واحدة هي "مغلق في مناسبة شهر رمضان المعظم". وحتى التلفزيون تراجع عن عادته في إذاعة تسجيل لحفلة اختيار ملكة جمال العالم أو الكون في سهرته في آخر أيام السنة.