الخطوة التي أقدمت عليها منظمة «أي ام اس» الدولية بتشكيل شبكة للمدونين العراقيين، منحت الشباب المدونين في العراق دافعاً اكبر للعمل الجماعي والتنسيق في ما بينهم لكشف عمليات الفساد الحكومي والمشكلات التي يعاني منها الشباب في البلاد. وبدأت الشبكة التي ضمت في بداية تأسيسها قبل شهر 20 مدوناً من مختلف مناطق العراق، تتوسع في شكل تدريجي بانضمام عشرات المدونين المهتمين بقضايا المجتمع، وتحركت في شكل سريع لكشف الكثير من القضايا المهمة التي تعني الرأي العام وخصوصاً قضية الفساد في قطاع الكهرباء. وعلى رغم ان الهدف الرئيس من انشاء الشبكة من جانب منظمة دعم الاعلام الدولية (آي ام اس) هو دعم الاعلام المجتمعي الذي بدأ ينمو في شكل تدريجي منذ نهاية العام الماضي، الا ان شبكة المدونين الشباب وضعت في حساباتها رزمة من الاهداف ابرزها اتخاذ التدوين كسلاح فعال لمحاربة الفساد وانتقاد أداء الحكومة. وشجع هذا التوجه على انضمام عدد اكبر من المدونين الذين يتحركون لتنظيم التظاهرات الاسبوعية في بغداد والتي توقفت اثناء شهر الصيام بانتظار اول جمعة بعد العيد للانطلاق مرة اخرى، فأصبحت الشبكة بذلك تحوي عناصر ناشطة في مجالات عدة. اما المواقع التي يديرها المدونون فلم تعد مواقع انتقادية فحسب، بل تحولت الى مواقع توثيق تضم مجموعة من الوثائق التي يتم الكشف عنها بين الحين والآخر حول صفقات الفساد، والتحرك الذي يصاحبها من بعض الاطراف السياسيين للتغطية عليها. وتحول النشاط الفردي الذي اتسمت به المواقع والمدونات الشخصية في الاشهر الماضية الى نشاط جماعي بدأ تأثيره يتوسع يوماً بعد آخر بانضمام مدونين جدد الى الشبكة واستقطابه آلاف الشباب الذين يحتجون على ادارة الثروات في العراق، والبطالة ونقص الخدمات. والخطوة الأكثر عمقاً في هذا المجال هي تشكيل شبكة من المدربين في مجال التدوين يأخذون على عاتقهم تدريب مدونين جدد على آلية التدوين وكيفية الاستفادة من نقاط الضعف الموجودة في القوانين وطبيعة التدوين ومسؤولية المدون في التعامل مع الخبر والصورة. وطبقاً لآلية توسيع الشبكة، فإن قاعدة المدونين اخذت تتسع في العراق في شكل كبير مع ازدياد أعداد الشباب الداخلين الى مواقع التواصل الاجتماعي مثل «فايسبوك» فضلاً عن ارتفاع عدد المدونين أنفسهم في شكل كبير وهو ما تسعى الشبكة الى تحقيقه باعتباره نوعاً من التحرك الشبابي ضد الفساد الحكومي وسوء الأداء الذي اتسمت به المراحل الماضية للحكومات المتعاقبة على البلاد. واللافت ظهور مجموعة من المدونات الشابات بين اعضاء الشبكة غالبيتهم من الطالبات الجامعيات اللاتي يحملن أفكاراً خاصة حول دور المرأة في التغيير والثورات، ما ساهم في استقطاب شابات اخريات الى الشبكة التي كانت تضم في الأصل سبع فتيات من بين 20 عضواً مؤسساً. وأدى النشاط الكبير الذي قامت به شبكة المدونين طوال الاسابيع الماضية الى جذب مدونين عراقيين على شبكة «تويتر» كانوا يعملون في شكل مستقل بنشاطات مماثلة لشبكة المدونين لكن في نطاق محدود. وتحولت بهذه الخطوة حركة التدوين الفردي في العراق الى عمل منظم يخضع لمتابعة بعض الوزارات التي تشكو من انتشار الفساد لإدراكها خطورة التدوين في اطلاق تظاهرات التحرير. نمو شبكة المدونين العراقيين في شكل سريع وازدياد اعضائها عكسا دور الشباب العراقي في نمو مجتمعهم حيث اخذوا على عاتقهم مهمة كشف ملفات الفساد الاداري والمالي في العراق ورصد تصريحات المسؤولين حول ملف الخدمات، وإبداء التعليقات عليها فضلاً عن عرض وثائق ومستمسكات تثبت حالات الفساد في الوزارات.