إن كانت شوارع البرازيل وأحياؤها الضيقة المليئة بالعشوائيات فشلت في نقل صورة مونديال كأس العالم لك، فذلك كله سيبلغ نهايته فور وصولك إلى أي من الملاعب الحاضنة للمباريات، في ملعب «فونتي نوفا» في السلفادور يتجلى ذلك، فغياب التنظيمات في الشوارع المحيطة للملعب ينتهي فور دخولك حرم الصرح الرياضي المميز. متطوعون يخالفون السائد في البرازيل، ويتحدثون بلغات مختلفة يلتقونك كل ما اقتربت أكثر من الملعب، وما أن ترفع تذكرتك حتى يبدأون في توجيهك إلى مقعدك، الأمور تسير بتنظيم عالٍ، نقطة التفتيش قبل الدخول إلى الملعب تحمل ثلاثة مسارات، الأول لأولئك الذي يدخلون الملعب من دون حقائب، والثاني لأصحاب الحقائب الصغيرة، والثالث لمن حقائبهم أكبر حجماً. ما إن تتجاوز نقطة تفتيش الحقائب، حتى تكون في الملعب في الخطوة الأخيرة تمرّ بجهاز التأكد من سلامة التذكرة التي تحملها، بعدها تكون وصلت إلى الملعب. الكل هنا يبتسم ويرحب بالزاور، وإن لم تبحث عمن يساعدك فسيقدم لك العون من دون طلبك، سيقودك تماماً إلى حيث يجب أن تكون، وإن كان في حالات نادرة لا يتكلم الإنكليزية، فسيرشدك إلى من يتحدثها، المحالّ التابعة للشركات الراعية للمونديال تنتشر في مكان المشروبات الغازية، والمأكولات تباع عبر نقاط ثابتة ومتحركة، تفصلها عن بعضها بعضاً مسافة 200 متر. قمصان طرفي المباراة إضافة إلى قمصان البرازيل تباع بشكل رسمي عبر «أكشاك» منصوبة في الملعب. الوصول إلى المقعد المخصص لن يتطلب الكثير من الوقت، والمقعد سيكون فارغاً ما لم يشغله صاحبه، فما من أحد يستخدم مقعداً لم يحصل على تذكرته، على عكس حال الملاعب الأخرى، أو حتى الملاعب البرازليية في البطولات المحلية، التي وبحسب البرازليين تفتقر إلى أي من هذه التنظيمات، ما يثير اليوم عجبهم من قدرتهم على الالتزام بالتعليمات، على رغم الزحام. الدخول إلى ملعب يشغله أكثر من 51 ألف متفرج، لا يشعر بالزحام. البوابات الكثيرة والمتباعدة تفصل القادمين عن بعضهم بعضاً، فيتجه كل منهم إلى البوابة المخصصة، ما يضمن إشغال كل منفذ بعدد أقل من الزوار، وبالتالي القدرة على استيعاب كل الحضور من دون تعطيل. تعليمات «فيفا» التي توزعها الفنادق على زوار البرازيل تطلب من الراغبين في حضور أية مباراة تجنّب حمل الحقائب غير الضرورية، وجلب ما يحتاجونه فقط إلى الملعب، رغبة في تجنيبهم دقائق التفتيش الطويلة، كما تشير التعليمات بالتوجه إلى الملعب قبل ثلاث ساعات من انطلاق المباراة. انطلاقة باكرة كانت كفيلة بوصولنا إلى الملعب قبل بداية المباراة بساعة ونصف في ظل سير الأمور بشكل منظم. أبرز ما يلفت الانتباه في ملعب «فونتي نوفا» روح المونديال الحاضرة بكاملها في جنبات الملعب، كل العاملين هادئون مبتسمون واثقون من قدرتهم على التعاطي مع تظاهرة كروية بهذا الحجم، وكلهم في الوقت ذاته يسعدون بطلب التقاط الصور، أو تسليط الضوء على ما يقدمونه من عمل. جانب ثانٍ واضح للحضور يتمثل في كثرة المتطوعين لتقديم الخدمة لضيوف الملعب، فما من زواية إلا وتزخر بهم، بل إن جلّ الخدمات المقدمة للجماهير يقدمها المتطوعون.