لمن قضى أيامه التي سبقت المونديال في البرازيل متخوفاً من الأحداث الأمنية المتصاعدة، فإن ليلة «الفلنتاين» أو يوم الحب في بلاد «السامبا» كانت مختلفة، فهنا وحيث يحتفل العامة بعيد الحب في ال12 من الشهر الجاري على غير عادة نظرائهم في أوروبا وأميركا، صادف هذا اليوم افتتاح المونديال والفوز الأول للمنتخب «الأصفر» المهموم بأعباء الكلفة المادية الباهظة لتنظيم بطولة بهذا الحجم. «عندما يفوز البرازيل يتغير كل شيء، نحن هنا نترك لكرة القدم حق التحكم في حياتنا، لذلك حين تفوز تبدو كل الأمور جميلة»، هكذا يعلق شاب برازيلي يقف أمام «كشك» لبيع المجلات على ضجيج الأفراح الذي يملأ شوارع وسط ساوباولو. ويضيف: «لو حدث العكس لما وجدت صاحب هذا الكشك يقوم بعمله في هذه الساعة، ولكان الحزن دفعه إلى إغلاق محله، والعودة إلى منزله»، يوافق بائع المجلات على ما ذهب إليه الشاب، إذ يصر على أن كل عائلة برازيلية تجد في مباراة المنتخب حدثاً يستحق الاجتماع. وفي المطاعم والمقاهي الفاخرة في ساوباولو استبدل المحتفلون بيوم الحب الأزياء الفاخرة، وارتدوا مع زوجاتهم قمصان المنتخب الوطني، على رغم أنهم تابعوا احتفالهم ب«الفلنتاين» وفوز المنتخب في الوقت ذاته، فنقلت المطاعم والمقاهي المباراة وما تلاها من تحليل، على إيقاع نغمات «بيانو» رومانسية في محاولة لدمج الحدثين. الجماهير التي عادت من ملعب المباراة إلى وسط ساوباولو شكلت زحاماً كبيراً في نصف الساعة التي أعقبت المباراة، الضجيج رافق القطار الناقل للجماهير بأصوات «الفوفوزيلا» إلى جوار صيحات «برازيل.. برازيل» التي تطلقها الجماهير، إذ حولت محطة المترو إلى جزء من الملعب، الجماهير التي تصادفك في الشوارع تبادلك الود والفرح، معظمهم يقدم قمصان المنتخب كهدية للحضور. الفلسطينية منى دبدوب التي غابت عن الملعب حضرت المباراة في منطقة «فيلا مادلينا»، إذ عرضت المباراة على الجماهير عبر شاشة ضخمة، تقول: «إن الجميع في المنطقة كانوا ودودين جداً»، تؤكد ذلك بإخراج قميص وشال للمنتخب البرازيلي الذي تقول بأنها وزملاءها تلقوه هدية من مشجعين برازليين عبروا عن فرحتهم بالفوز بتقديم الهدايا لغير البرازليين. بدت المهمة صعبة لمن أراد النوم في تلك الليلة، فجدران الفنادق والمنازل لم تكن كفيلة بعزل أصوات «الفوفوزلا» عن الآذان، ذلك أن أصوات الألعاب النارية التي تطلقها الجماهير تعلو بين الفينة والأخرى، لوهلة بدا الأمر وكأن الجميع سعيد بوجود «المونديال» في بلاد تتناول كرة القدم وجبة يومية، لكن الحقيقة المنقولة تلفزيونياً كانت تنقل رأياً آخر. في الطرف الثاني من المعادلة واصل المعترضون رفضهم للمونديال، وخلال المباراة زادت حدة بعض المعترضين، إذ هشموا واجهات المصارف والمحال التجارية، وبعضهم الآخر نجح في تدمير مركبات مكافحة الشغب، وبينما كان العالم يتابع تحليل المباراة بين الشوطين كل بلغته، نقل التلفزيون البرازيلي جزءاً من أحداث الشغب، وتجاهل تحليل مباراة الافتتاح.