شكّل «مرشّح التوافق» بين حزبَي «الشعب الجمهوري» و»الحركة القومية» المعارضَين لانتخابات الرئاسة المرتقبة في 10 آب (أغسطس) المقبل، مفاجأة في تركيا، إذ لم يُطرح سابقاً في الأوساط السياسية اسم أكمل الدين إحسان أوغلو، الرئيس السابق لمنظمة التعاون الإسلامي، بين الأسماء المتداولة في الكواليس. وكشف رئيس «حزب الشعب الجمهوري» كمال كيليجدارأوغلو أن العمل بدأ سراً قبل نحو شهر، وفي تكتّم شديد، على إقناع إحسان أوغلو بالأمر، بالاتفاق مع القوميين. وفجّر إعلان اسم المرشح المشترك لأبرز حزبين معارضين، تبلغ حصتهما من أصوات الناخبين نحو 45 في المئة، ردود فعل واسعة ومتباينة، إذ استخفت قيادات في حزب «العدالة والتنمية» الحاكم بإحسان أوغلو، معلنة مسبقاً تهنئتها رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان بفوزه في الاقتراع، فيما أكد بولنت أرينش، نائب رئيس الوزراء، أن مرشّح الحزب الحاكم سيفوز في الانتخابات من الدورة الأولى. وأعربت قيادات في المعارضة عن ارتياحها لاختيار إحسان أوغلو، لكن كماليين متشددين في «حزب الشعب الجمهوري» أعلنوا رفضهم التام والقاطع لترشيح «يميني محافظ» ورئيس لمنظمة إسلامية سابقاً، رئيساً للجمهورية التركية العلمانية. وقالت النائب نور سيرتلي: «أشعر بالعار من هذا الاختيار الذي لا يليق بإرث أتاتورك»، فيما هدد نواب في الحزب بترشيح اسم آخر، علماً أنه يحقّ لعشرين نائباً في البرلمان تبنّي ترشيح شخص لانتخابات الرئاسة، إذا نال دعمهم خطياً. وتجنّب أردوغان التعليق على مرشح المعارضة، معتبراً أن «الشعب هو الذي سيحكم عليه ويعلن رأيه فيه»، ومشيراً إلى أنه سيعلن مرشح حزبه نهاية الشهر. وانقسمت أوساط إعلامية وسياسية بين من اعتبر أن اختيار إحسان أوغلو كان سليماً، لأنه اسم تُجمع عليه المعارضة ويميل إليه جزء من ناخبي أردوغان، ما يعني أن حظوظه ستكون قوية إذا تأهل للدورة الثانية في الانتخابات. لكن آخرين رأوا أن إحسان أوغلو اسم مغمور وغير معروف في السياسية المحلية، لا سيّما أنه كان استبعد العام الماضي خوضه معترك السياسة، معتبراً انه «ليس من أهلها»، كما رأى كثيرون أن أردوغان أقوى منه على الأرض وأكثر قدرة على جذب الناخبين (كاريسما). في المقابل، شدد كيليجدارأوغلو على أن مرشحه يتمتع باحترام من كل الأطياف وبخبرة في الديبلوماسية الدولية، لافتاً إلى بعده عن أي شبهات مالية أو أخلاقية، وحفاظه على التراث الجمهوري في تركيا ودعمه نظامها العلماني، وزاد: «هذه الصفات المطلوبة في الرئيس المقبل، لإنقاذ تركيا من المستنقع الذي يقودنا إليه أردوغان».