تعهد أحمد داود اوغلو مستشار رئيس الوزراء التركي للسياسة الخارجية، لدى تسلمه منصبه الجديد وزيراً للخارجية، رفع تركيا إلى المكانة التي تستحقها في العالم، وان تؤدي دوراً اكبر في الشرق الأوسط والبلقان مع إبقاء تركيزها الرئيسي على العلاقات مع الغرب. وقال داود اوغلو خلال حفل التسلم والتسليم مع وزير الخارجية السابق علي باباجان، ان على تركيا أن تكون احدى اهم القوى الدولية، مضيفاً أنها ستكون في المنطقة دولة فعل وليس دولة رد فعل تذكر فقط بأزماتها الداخلية، بل دولة تُستشار في كل قضايا المنطقة والعالم. وقال ان على تركيا ان «تؤدي دور ضابط النظام في كل تلك المناطق. تركيا لم تعد بلداً يمارس سياسة رد الفعل حول الأزمات، بل يستشعرها قبل بروزها ويتدخل فيها في شكل فاعل». ووعد داود اوغلو بمضاعفة الجهود الديبلوماسية من أجل تحقيق هذه الرؤية، والالتزام بسياسة تركيا الحريصة على حل كل مشاكلها مع دول الجوار والتأثير بقوة في القوقاز والشرق الأوسط والبلقان. وقال ان «الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي هما الركيزتان الأكثر أهمية لسياسة إيجاد توازن بين الأمن والحرية». ويعتبر داود اوغلو العقل المفكر المسؤول عن السياسة الخارجية لتركيا، ويُعزى إليه التغيير الكبير الذي طرأ على تلك السياسة منذ وصول «حزب العدالة والتنمية» إلى الحكم عام 2002. في المقابل، عاد باباجان ليمسك بملف الاقتصاد من موقعه الجديد كنائب لرئيس الوزراء، ما اشاع اجواء جديدة من الثقة في الاسواق، نظراً الى تجربة باباجان القديمة والناجحة في الاقتصاد بين العامين 2002 و2007. وقال رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان لرجال أعمال: «ربطنا كل المصارف والخزانة بوزير واحد من أجل التنسيق. أردنا المحافظة على الانضباط المالي، أحد أهم مكونات برنامجنا الاقتصادي، وتحقيق تحسن في المتطلبات التمويلية للقطاع العام». لكن «حزب الشعب الجمهوري» الاتاتوركي المعارض انتقد عودة الرئيس السابق للبرلمان بولنت ارينش الى الحكومة، معتبراً ذلك إعلاناً صريحاً عن عودة الحزب الحاكم الى سياساته الاسلامية، اذ يتميز ارينش بمواقفه القوية وخصوصاً حول الحجاب ومبادئ الحزب، وهو الملقب بالأخ الأكبر للحزب، اذ أيد وساعد عبد الله غل ورجب طيب اردوغان في مسيرتهما للانشقاق عن نجم الدين اربكان، لكن اردوغان حاول تهميشه بعد موقفه من ازمة انتخاب غل رئيساً عام 2007، اذ رفض ارينش حينها اي حلول وسط مع الجيش والمعارضة، مهدداً بترشيح نفسه اذا تراجع اردوغان عن ترشيح غل. لكن مصادر في «حزب العدالة والتنمية» قالت ان قرار اردوغان باستدعاء ارينش وتعيينه نائباً لرئيس الحكومة، جاء للرد على الانتقادات بتفرد اردوغان في الحكم، وبعد نجاح حزب «السعادة» الاسلامي في كسب اصوات على حساب الحزب الحاكم، بسبب تحييده شخصيات مثل ارينش. كما ابقى اردوغان على ساعده الأيمن القومي جميل شيشيك بصفته نائباً لرئيس الوزراء، لكنه عيّن في المقابل السيدة نعمت شوبوكشو وزيرة للتعليم لتجاوز الانتقادات القديمة للجيش للوزير السابق حسين شيليك بتسييس الوزارة وزرع المتدينين فيها. وعلمت «الحياة» أن اردوغان ابلغ وزراءه السابقين الذين خرجوا من الحكومة، انه سيستفيد منهم جميعاً داخل كوادر الحزب، وأنه سيضع منذ الآن استراتيجية للانتخابات الاشتراعية المقبلة عام 2011، من اجل تلافي ما حصل من تراجع في اصوات الحزب في الانتخابات البلدية الأخيرة.