غيب الموت صباح أمس (الإثنين) الكاتب والصحافي السعودي محمد صلاح الدين( 78 عاماً)، عقب معاناة طويلة مع المرض. وصلاح الدين يعد أحد أبرز الرموز المهمة في المشهد الثقافي والإعلامي في السعودية، إذ أسهم في شكل واضح في تأسيس الصحافة السعودية، من خلال صحيفة «المدينةالمنورة»، التي ينشر فيها، طوال أكثر من عشرين عاماً، عموداً يومياً بعنوان «الفلك يدور»، كما أنه عضو مجلس إدارة فيها. عمل صلاح الدين، الذي درس العلوم السياسية في جامعة ميتشيغان الأميركية، في صحف عدة، وعاصر الكثير من الصحافيين والكتاب، وتفرغ لعمله الخاص، إذ أسس وكالة مكة للإنتاج الإعلامي أصدر عبرها عدداً من المطبوعات. في عموده اليومي عالج صلاح الدين، الذي حاز جائزة علي وعثمان حافظ (1994) العديد من القضايا التي يعانيها المجتمع السعودي، كما تناول هموم الأمة العربية، برؤية تتسم بالعمق والشفافية. أصدر وأسس الراحل عدداً من المجلات والمطبوعات، صدرت في اللغة الانكليزية، مثل «ربلكا» و«نشرة العالم الإسلامي» و«المال الإسلامي» و«سعودي ريفيو». وكان مالكاً ومديراً لوكالة الصحافة الإسلامية في لندن، كما أسس وأدار الدار السعودية للنشر والتوزيع. وكان عدد من الكتاب آلمهم نبأ رحيله فكتبوا يرثونه في مواقع التواصل الاجتماعي، فكتبت الكاتبة أميرة كشغري قائلة: «رحم الله أستاذنا الفاضل، كانت لقاءاتي معه مفيدة، على رغم الاختلافات، وكان صادقاً في الحوار». وتأسف الإعلامي عثمان العمير لوفاة صلاح الدين، وقال: «كان إعلامياً مميزاً، اختلفت معه ونقدني في حلقات كثيرة قبل عقود، شيء محزن، فقدان قامة إعلامية ومعلماً كبيراً. واعتبر الكاتب الصحافي جمال خاشقجي أنه أستاذه «وأستاذ جيل من الصحافيين، لا أعرف أحداً في مهنته إلا أحبه، ومن اختلف معه يقدره. كثيرون سيبكونه». فيما قال الكاتب زياد الدريس إنه «كان مدرسة تعددية في الإعلام، أنجبت الكثير من قادة الإعلام السعودي الآن. لن أنسى تفضل الراحل عليّ بزيارة في مقر مجلة «المعرفة»، وأفدنا من نقده ومن مديحه الذي شرفنا به». وودعه الداعية سلمان العودة، بقوله: «وداعاً أيها الحبيب الصديق، رحلت في ليلة مباركة، طاهر القلب صادق الحرف». ويقول عنه الكاتب فاروق لقمان: «كان إلى عهد قريب نشيطاً في كل مجالات حياته وأكثرها في الصحافة والنشر، فقد كان من أبرز الصحافيين والكتاب»، مشيراً إلى أنه كان «خطيباً مفوهاً لا يشق له غبار وقد درس وتخرج في مدينة قنا المصرية قبل الانتقال إلى السعودية، إذ انخرط بالعمل الصحافي خلال عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز الذي أعجب بعلمه وتدينه وأمر له بالجنسية السعودية». وأوضح لقمان إن الراحل تميز «بقوة إلقائه وبلاغته ومعرفته باللغة العربية والتاريخ الإسلامي الذي تبعته دراسته في جامعة ميتشغان الأميركية». وقال: «كان من أكثر الناس أدباً وتهذيباً، ولا أظن أنه قد أساء إلى أحد منهم طيلة حياته، بل كان لطيف المعشر، ولعل اللطف كان صفة دائمة له منذ قدومه إلى المملكة ورافقه أثناء عمله الصحافي وتسنمه رئاسة تحرير «المدينةالمنورة» التي جعل منها إحدى أعظم صحف المملكة منذ ربع قرن، كان أديباً كما كان مؤدباً تميز بالخلق القويم واحترام الآخرين والابتعاد عن التعصب مهما كان ولأي سبب كان». وحول كتاباته التي ينشرها في صحيفة «المدينةالمنورة»، أشار فاروق لقمان، الذي تربطه به علاقة صداقة، إلى أن بعض تلك المقالات «تتميز بالغضب الشديد وكأنها شياظ من لهب عندما يتعلق الموضوع بحقوق المسلمين أو العرب عموماً أو الفلسطينيين».