يحتل المطبخ في رمضان الصدارة من حيث الاهتمام عن بقية الالتزامات الأخرى لتنال الزوجة رضا الزوج ولتحقق المقولة الشهيرة «أسرع طريق للوصول إلى قلب الرجل هو معدته». وعلى رغم أن رمضان المبارك شهر الرحمة إلا أن النساء السعوديات لا يجدن فيه الراحة بل يبحثن عن سويعات للاسترخاء، ويا لها من فرحة حينما يذهب الزوج لتلبية الدعوة على وجبة الإفطار عند أهله أو أحد زملائه، حتى يسن للزوجة الراحة والهروب من عناء الطهو. وكل ذلك يرجع إلى العادات والتقاليد التي ما أنزل الله بها من سلطان، إذ تمتد الموائد الرمضانية بأشهى أطباقها، وتعدد أصنافها، وتلون مشروباتها، وكل هذا حصاد ساعات طويلة تقضيها السيدة داخل مطبخها تراوح ما بين أربع وست ساعات يومياً، ويعتمد ذلك على حسب عدد أفراد الأسرة وعلى الأيدي المساعدة، وذلك فقط لتحضير وجبة الإفطار باستثناء وجبة السحور التي يستغرق تحضيرها من ثلاث إلى أربع ساعات، أي أن إجمالي عدد ساعات الطهو بالمطبخ قد تصل إلى 10 ساعات يومياً، أي أن 40 في المئة من يوم السيدة في رمضان تقضيه في إعداد الطعام وما تبقى من الوقت خلال اليوم يقسم على الشؤون المنزلية ورعاية الأبناء والتسوق للعيد. وبعد هذا العناء لم يتبق للنوم من الحظ إلا القليل. تقول أم عبدالرحمن ل«الحياة»: «أبحث عن النوم في رمضان، ولا أنال منه إلا القليل، إذ إنني أنام بعد الساعة السادسة فجراً بعد أن أتلو بعض الآيات من القرآن لأني لا أجد فرصة أخرى مناسبة أتمكن فيها من ذكر الله، وأستيقظ بعد ذلك من الساعة 12 لتجهيز وجبة الإفطار لزوجي وأبنائي وأحفادي حتى يحين موعد أذان المغرب». وتابعت حديثها عن وجبة السحور إذ تقول: «استأنف دخول المطبخ مرة أخرى عند الساعة 11 وحتى الساعة الثالثة فجراً». أما نسرين فكونها موظفة فهي تستغرق من الوقت لإعداد وجبة الإفطار ثلاث ساعات فقط، ولكن اختصار الوقت لم يأتِ من سرعة في الإنجاز، بل لأنها تستأنف دخول المطبخ لتجهيز بعض الأصناف لليوم التالي بعد صلاة التراويح وفي الوقت نفسه تستعد لتحضير وجبة السحور، أي أنها لا تنتهي من تعب الطهو إلا الساعة الثانية فجراً. وتصف أم خالد حالها بعد أن تنهدت بشدة والحسرة تنبع من خلال حديثها: «أوشك أن ينتهي رمضان وأنا لم أستغله في طاعة الرحمن فإن غالبية الوقت ينقضي بين المطبخ الذي أمكث فيه قرابة ثماني ساعات وبين رعاية الأبناء التي لم تتجاوز أعمارهم ثلاث سنوات».