برلين، باريس، بروكسل، كوالالمبور، برازيليا - أ ف ب - قالت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل إنها تؤيد محاكمة العقيد الليبي معمر القذافي أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، فيما اعتبر وزيرخارجية فرنسا ألان جوبيه تدخل بلاده في ليبيا بأنه «استثمار للمستقبل». ورداً على سؤال صحيفة «بيلد أم سونتاغ» عما إذا كانت تؤيد إجراء محاكمة القذافي أمام المحكمة الجنائية الدولية، أجابت مركل «نعم. يجب أن يخضع القذافي لمحاكمة بموجب القانون، وهي الفرصة التي لم يمنحها مطلقاً لمعارضيه». ولم تستبعد المستشارة الألمانية التي رفضت بلادها المشاركة في أي تدخل عسكري في ليبيا، مشاركة جنود المان في بعثة محتملة من الأممالمتحدة لإرساء الاستقرار. وأكدت في حديث ينشر الأحد وبثت مقتطفات منه السبت «إن طلب منا ذلك، نحن الألمان، فإننا سندرس بالتأكيد ما نستطيع فعله». لكنها أوضحت «أن على الحكومة الليبية الجديدة أن تقرر أي دعم هي بحاجة إليه، واعتقد أن ذلك يعود قبل كل شيء إلى الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي». وتمنت رئيسة الحكومة الألمانية أيضاً أن يتمكن الليبيون من بناء مؤسسات ديموقراطية. ولفتت إلى انه «في ألمانيا فقط جمدنا بلايين اليورو من أرصدة نظام القذافي»، مضيفة «أن هذا المال هو في تصرف الشعب ويمكن استخدامه من اجل إعادة الإعمار». وأشادت مركل بدور حلف شمال الأطلسي في إسقاط القذافي قائلة «أحترم تماماً عمليات حلف شمال الأطلسي. أوضحنا من البداية أنه يجب ألا يخلط أحد بين قرارنا الامتناع عن التصويت (على قرار الأممالمتحدة بتفويض حلف الأطلسي الإشراف على قرار الحظر الجوي على ليبيا) والحياد»، وأكدت «أننا نقف تماماً إلى جانب حلفائنا وحلف الأطلسي». وكانت ألمانيا امتنعت في آذار (مارس) الماضي عن التصويت على قرار مجلس الأمن رقم 1973 الذي يجيز استخدام القوة من اجل حماية المدنيين الليبيين، كما رفضت المشاركة في عملية الحلف الأطلسي. وألمانيا هي البلد الوحيد في الاتحاد الأوروبي والعضو في حلف شمال الأطلسي التي تصرفت على هذا النحو، وقد أثار امتناعها عن التصويت انتقادات دول حليفة عدة. الى ذلك، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي أن التدخل الفرنسي في ليبيا هو «استثمار للمستقبل». وقال في مقابلة مع صحيفة «اوجوردوي إن فرانس/لوباريزيان» الجمعة «يسألونني عن كلفة العملية. وزارة الدفاع تتحدث عن مليون يورو يومياً. وأنا أقول انه استثمار للمستقبل أيضاً». وأضاف أن «ثروات البلاد صادرها (الزعيم الليبي معمر) القذافي الذي وضع يده على مخزونات الذهب»، معتبراً أن «هذا المال يجب أن يستخدم في تنمية ليبيا». وأكد جوبيه أن «ليبيا مزدهرة تشكل عامل توازن في المنطقة». ورداً على سؤال عن سبب التدخل الفرنسي في النزاع، قال الوزير الفرنسي «أخذوا علينا التأخر في البدء (...) مع اندلاع تظاهرات الربيع العربي». وأضاف «صحيح أننا سمحنا لفترة طويلة بتسميم أفكارنا من قبل الذين يقولون إن الأنظمة المستبدة تشكل افضل سد منيع في وجه التطرف». وتابع جوبيه أن «هذا الأمر انتهى (...) وخطنا الذي اتبعناه أصلاً في ساحل العاج هو تغليب تطلعات الشعوب وحماية المدنيين». ويرى الوزير الفرنسي أن نصر المتمردين لن يكتمل «إلا عندما يزال كل تهديد بأعمال عنف ضد المدنيين وتشل حركة القذافي»، مؤكداً أن حلف شمال الأطلسي «يجب ألا يتراخى» في مهمته. وفي نيويورك اعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الجمعة أن المجتمع الدولي قد يضطر سريعاً إلى إرسال قوة شرطة إلى ليبيا، حيث بلغ عدد الأسلحة الخفيفة مستوى غير مسبوق. وأمل أيضاً بإرساء علاقات افضل بين الاتحاد الأفريقي والمجلس الوطني الانتقالي الذي يمثل الثوار الليبيين. ولا يزال الاتحاد الأفريقي يرفض الاعتراف بالمجلس الوطني على رغم سيطرة الثوار على القسم الأكبر من العاصمة طرابلس. وقال بان، بعدما شارك في مؤتمر عبر الدائرة المغلقة مع ممثلين للاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، انه «من الواضح أن التحديات المقبلة كبيرة جداً». وأضاف «هناك ضرورة ملحة لوضع حد للنزاع وإعادة النظام والاستقرار. لقد توافقنا جميعاً على انه إذا طلبت السلطات الليبية ذلك، علينا أن نكون مستعدين لمساعدتها في تنظيم قوة شرطة، مع الأخذ في الاعتبار أن البلاد تحوي أسلحة خفيفة». وأوضح بان كي مون أن عدد عناصر الشرطة الضروريين لم يتحدد بعد وسيجري مشاورات إضافية حول هذا الموضوع خلال اجتماع دولي حول ليبيا مقرر في باريس في الأول من أيلول (سبتمبر). وسيلتقي لهذه المناسبة رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل. وأضاف انه سيتقدم قريباً أمام مجلس الأمن بتوصيات حول الضرورة «الملحة» لإرسال بعثة للمنظمة الدولية إلى ليبياً. ولفت أيضاً إلى أن ليبيا تعاني نقصاً في الوقود والمواد الغذائية والطبية، وقال «وفق المعلومات الميدانية، ثمة أزمة في إمداد العاصمة وضواحيها بالمياه، ما قد يعرض ملايين الأشخاص للخطر». إلى ذلك، أعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون مساء الجمعة أن الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي تدعو كل أطراف النزاع في ليبيا إلى الامتناع عن اللجوء إلى أعمال انتقامية. وقالت اشتون في بيان بعد لقاء مع مجموعة القاهرة «اليوم، بإشراف الأممالمتحدة، توافقنا على دعوة كل الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتهم الإنسانية والدولية على صعيد حقوق الإنسان. ينبغي عدم اللجوء إلى أعمال انتقامية». وبعدما سيطر الثوار الليبيون على طرابلس، اعتبرت اشتون أن ليبيا «تواجه اليوم عملية انتقالية تاريخية ينبغي أن ترتكز على احترام القيم الديموقراطية وحقوق الإنسان». وأضافت «على العقيد القذافي أن يمنع مزيداً من إهراق الدماء عبر التخلي عن السلطة ودعوة قواته التي تواصل القتال إلى تسليم السلاح وحماية المدنيين». وإثر مؤتمر عبر الدائرة المغلقة مع مجموعة القاهرة التي تضم منظمة التعاون الإسلامي، شددت اشتون في بيانها على ضرورة «أن يتولى الليبيون العملية الانتقالية في ليبيا». وخلصت «على جميع الشركاء أن يحترموا السيادة الليبية. يجب بذل كل الجهود لتعزيز المصالحة». وفي كوالالمبور اعلن وزير الخارجية الماليزي حنيفة أمان اعتراف بلاده بالمجلس الوطني الانتقالي. وقال أمان في بيان ليل الجمعة السبت «نأمل بأن يتولى المجلس الوطني الانتقالي (...) الحكم في المرحلة الانتقالية على طريق تحقيق الوحدة الوطنية والمصالحة وإعادة الإعمار التي ستجلب السلام والاستقرار لشعب ليبيا». وأضاف «لتجنب مزيد من هدر الدماء (...) تضم ماليزيا صوتها إلى الأسرة الدولية في دعوة قوات القذافي إلى الرضوخ لخيارات غالبية الشعب الليبي». واعترفت دول غربية عدة بالمجلس الوطني الانتقالي في ليبيا لكن الاتحاد الأفريقي رفض القبول به ودعا إلى تشكيل حكومة انتقالية شاملة. في غضون ذلك، اعلن السفير الليبي في البرازيل سالم الزبيدي الجمعة دعمه وولاءه للمجلس الوطني الانتقالي، موضحاً انه سيبقى في منصبه. وقال الزبيدي في بيان «أريد إعلان ولائي للمجلس (الانتقالي) عبر البقاء في منصبي كسفير لليبيا في البرازيل وخدمة مصالح الشعب الليبي (...) حتى تعيين شخص آخر في هذا المنصب». وأضاف الزبيدي الذي يشغل منصبه منذ العام 2007 «أتمنى النجاح للمجلس في جهوده لإرساء الاستقرار في البلاد وتعزيز الهدوء والأمن». والزبيدي الذي ظل حتى الأسبوع الفائت يدين بالولاء لنظام القذافي، أوضح انه وصل إلى خلاصة مفادها أن «غالبية الشعب باتت إلى جانب المجلس الوطني الانتقالي». والجمعة الماضي، منع طاقم الزبيدي معارضين من رفع علمهم فوق مبنى السفارة الليبية في برازيليا في مواجهة انتهت بشجار. لكن المعارضين الليبيين تمكنوا الاثنين الفائت من رفع العلم على مبنى السفارة. ولم تعترف البرازيل حتى الآن بالمجلس الوطني الانتقالي كحكومة ليبية شرعية.