لندن - رويترز - مع الانتهاء الفعلي المرتقب لحكم العقيد الليبي معمر القذافي الذي استمر 42 سنة، يواجه حكام ليبيا الجدد وحلفاؤهم الأجانب المهمة الصعبة المتمثلة في استعادة النظام وبدء الإعمار وتجنّب الانزلاق إلى صراعات وفوضى. وسيكون السماح للحكومة الانتقالية في ليبيا بالحصول على الأصول الليبية المجمدة واستئناف صادرات النفط مهماً، إذ يأمل الغرب في أن تكون عملية الإعمار ممولة ذاتياً في شكل كبير، لكن هناك مجموعة أخرى من التحديات الملحة. واعتبر محلل الشرق الأوسط في «أي أتش أس جينز» ديفيد هارتويل، أن «التخطيط لمرحلة ما بعد الحرب لا يواكب عادة في مثل هذه الحالات التخطيط للصراع ذاته، لذا هناك ضرورة للقيام بعمل كثير». وكانت الثورة في ليبيا أكثر استئصالاً للحكم بمجمله، في حين أسقطت الانتفاضتان الشعبيتان في تونس ومصر الزعماء الذين لا يتمتعون بشعبية وأبقت على الهيكل الحكومي والعسكري الأوسع. وتتطلب البنية الأساسية إصلاحاً واسعاً ليس فقط لتصليح الأضرار التي أحدثتها الغارات الجوية، إذ على رغم الملايين التي أنفقها القذافي على الطرق والفنادق وغيرها من المشاريع، بقي معظم أجزاء البلد يعاني من نقص التنمية. ويشعر أبناء شرق ليبيا تحديداً بحرمانهم من التنمية. ومن شأن استئناف صادرات النفط سريعاً أن يساعد في تمويل إعادة الإعمار وتحريك الاقتصاد، وهو أمر حيوي في حال أرادت قيادة المعارضة الاحتفاظ بشرعيتها وتجنب أي اضطرابات جديدة. ويحرص المجلس الوطني الانتقالي على إعطاء صورة تتسم بالاستمرار، ولفت ممثل المجلس لشؤون إعادة الإعمار أحمد الجهاني في تصريح إلى «رويترز»، إلى أن الحكومة الجديدة «ستلتزم كل عقود النفط المبرمة في عهد القذافي ومنها عقود مع شركات صينية وروسية». وكان أكد في تصريح إلى تلفزيون «رويترز إنسايدر»، أن «عقود حقول النفط ذات قداسة مطلقة». وقال: «نركز حالياً على الاستقرار الأمني، وتقديم الخدمات للناس والدعم الإنساني». وأضاف: «عندما تكون الحوكمة سليمة يكون الاقتصاد سليماً، ويجب عمل كل تلك الاشياء والتركيز عليها، ثم الانتقال بعد ذلك إلى إعادة التأهيل». وتوقع أن «تستغرق جهود إعادة البنية التحتية للنفط والصناعات الأخرى إلى وضعها الطبيعي تسعة شهور». وأشار بعض المراقبين إلى احتمال أن تستفيد شركات الدول التي ساعدت المعارضين عسكرياً بدرجة أكبر، في حين تعاني شركات من روسيا والصين اللتين لم ترغبا في التدخل. وشدّدت منظمة «غلوبل ويتنس» العالمية لمكافحة الفساد، على ضرورة «التزام العقود المبرمة في عهد القذافي حالياً»، لكنها دعت إلى «تأجيل منح عقود جديدة إلى حين إجراء الانتخابات ووضع دستور»، واقترحت إعادة النظر في الصفقات السابقة. ورأت أن «وضع نظام شفاف يعطي الليبيين الثقة في توجه الإيرادات لمصلحة البلد، وربما يكون حاسماً في تجنب صراعات جديدة». وأشار بريندان اودونيل من «غلوبل ويتنس» في لندن، إلى أن «الاستياء الشعبي من سوء استخدام المال العام والإيرادات، كان من الأسباب الرئيسة لاندلاع انتفاضات الربيع العربي وتجب معالجة ذلك».