تسود في المسلسلات السورية التي تعرض كلها دفعة واحدة في رمضان من كل عام، ظاهرة تتمثل بكثرة ظهور الممثلين الذي يعملون في أكثر من مسلسل، حتى ان بعضهم يكاد يظهر في 10 مسلسلات تعرض في وقت واحد. وقد لا يعرف المشاهد كيف يفسّر كثرة الظهور هذه، وهل هي أمر إيجابي أم سلبي، خصوصاً أنه يكاد يضيع ويصعب عليه تمييز مضمون المسلسلات حين يشاهد مثلاً في ليلة واحدة ثلاثة او أربعة مسلسلات فيها الوجوه نفسها ولكن في أدوار وشخصيات مختلفة. وما يساهم في جعل الصورة أكثر ضبابية لدى المشاهد وأقل إقناعاً، أن الممثل نفسه يؤدي أدواراً مختلفة لشخصيات متباعدة كبعد الحارات الشامية التراثية عن مدينة حلب او عن القرى النائية، إلا أن الممثل يروح ويجيء بين هذه الأماكن بأزيائها ولهجاتها وظروف عيشها، وفي شكل متواصل، على الشاشة في الليالي الرمضانية. وعلى رغم أن تنقل الممثل بين الشخصيات والكاريكاتيرات وحفظه السيناريوات وتأديته الأدوار أمر مرهق له من دون شك، إلا أنه في الوقت ذاته يربك المشاهد، الذي يراوده أحياناً شعور بأن المسلسل يفقد تميّزه، أو ربما الممثل يفقد هيبته وطلته «المميزة». واللطيف أن بعض هذه المسلسلات أراد إثارة هذه المسألة، منتقداً ظهور الممثل في أعمال كثيرة في الموسم الواحد، خلافاً لما هو الأمر في هوليوود، حيث يطل الممثل في عمل او عملين فقط في السنة. وبعيداً من صحة المقارنة وظروف الحياة والتقديمات بين المكانين، يتبادر إلى ذهن المشاهد أسئلة كثيرة، منها: هل يكمن السبب الذي يدفع بنجومٍ بعضهم أصبحوا كباراً جداً إلى المشاركة في 5 او 6 مسلسلات في السنة، في حاجة الممثل إلى تحقيق مداخيل أعلى تعينه على التغلب على متطلبات الحياة، أم هو لمجرد حب الظهور والرسوخ على الشاشة على مدار العام؟ وهل أن السبب أن عدد المسلسلات يفوق عدد الممثلين، وان كثرة الطلب تستدعي إنتاجاً كثيراً يستدعي بدوره يداً عاملة كثيرة أيضاً؟ أو هل ان البيئة الدرامية السورية لم تعد قادرة على انتاج نجوم جدد محترفين بمستوى النجوم كثيري الظهور؟ ومن هو المستفيد الأكبر من هذه المسألة: شركات الإنتاج أم الممثلون أم الجمهور؟ أسئلة كثيرة محيرة قد تتوافر لها أجوبة وقد لا تتوافر، لكن أليس أفضل للدراما السورية بعدما حققت ما أرادت من وصول إلى قمة الأعمال الدرامية في العالم العربي، أن تخفف قليلاً عن كاهل نجومها، فترفع أجرهم قليلاً وتخفف ظهورهم قليلاً وتفسح في المجال أمام وجوه جديدة، ويكون الجميع في النهاية رابحين؟