اللافت في هذا الموسم الرمضاني التلفزيوني هو الكم الكبير من المسلسلات المصرية والسورية والخليجية التي يقدر عددها بنحو 115 مسلسلاً في ظل غياب واضح للمسلسلات اللبنانية. هذا الغياب اللبناني ربما يعوض عنه ببرامج منوعات وحوارات لبعضها بعدٌ عربي، وبعضها محلي محض، هو امتداد وتكرار لحلقات الكوميديا النقدية الحاضرة منذ سنوات على الشاشات اللبنانية والتي يؤديها نجوم مسرح القوالين. وهؤلاء ملأوا هذا العام كل الشاشات اللبنانية بعناوين مختلفة وتخلل ظهورهم ظهور ممثلين على شاشات غير الشاشات التي كانوا يظهرون عليها في شكل حصري. ومن بين كل المحطات المحلية والفضائية تنطّحت محطة فضائية لبنانية، لتنصب نفسها ديّاناً وتجعل من شاشتها محكمة لكل المسلسلات، بينما هي لم تسهم بهذه «النهضة» التلفزيونية العربية بشرائها ولو مسلسلاً واحداً. فهذه المحطة اطلقت برنامجاً سمّته «أسود وأبيض» يقوم على عرض مقاطع من مسلسلات مفسحاً في المجال أمام المشاهدين، باتصالاتهم ورسائلهم الإلكترونية، ليصدروا أحكامهم إما بالسواد أو البياض. ف «الأسود» يعني سقوط المسلسل، و «الأبيض» يعني نجاحه. وعلى رغم أن فكرة البرنامج جميلة وتفسح في المجال أمام المشاهد ليبدي رأيه في ما يشاهد ويتابع من مسلسلات وبرامج، إلا أن توقيته يبدو غير موفق اذ لا يكفي مضي أسبوع على حلول شهر رمضان المبارك، ليصدر المشاهد أحكاماً على ما استطاع أن يتابع من مسلسات تعرض على الشاشات المحلية والفضائية العربية. على الأقل كان على معدّي البرنامج أن ينتظروا حلول منتصف رمضان فتكون المسلسلات عندها بلغت نصف حلقاتها بالتالي أصبحت رواياتها أكثر وضوحاً وأحداثها ومفاجآتها أكثر تشويقاً، وعندها يمكن فتح الهواء أمام المشاهدين ليدلوا بدلوهم ويصدروا أحكامهم أكانت ايجابية معللة بتعلقهم بها، أم سلبية بتركها والذهاب إلى مسلسل آخر... حينذاك يكون الحكم حكماً عادلاً وليس تجنياً على جهد الذين جهدوا ليقدموا أعمالاً منافعها كثيرة كثيرة تبدأ بتأمين وظائف لمئات الممثلين والتقنيين ولا تنتهي بتسلية المشاهد. أما أن يفتح الهواء وتصدر الأحكام مع بدء عرض الحلقات الأولى التي لا يتسنى خلالها للمشاهد حفظ كل شخصيات المسلسل، فهو تجنِ بيّن يبخس الناس أشياءهم علماً أن المسلسل المؤلف من 30 حلقة لا يمكن الحكم عليه من أول حلقاته لأنه ببساطة ليس سباق سيارات يمكن المشاهد أن يلاحظ الفارق من الانطلاقة، بل هي أحداث جلّّها مخفي ينبغي الانتظار لتتكشف وبعدها يقال الرأي فيقبل ويؤخذ به ولو كان درامياً. أليس الصبح قريباً؟