اعلن الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف، في أعقاب محادثات أجراها أمس مع الزعيم الكوري الشمالي كيم يونغ ايل في قاعدة «سوسنوفي يور» العسكرية بجمهورية بورياتيا في سيبيريا، الاتفاق على تشكيل لجنة ثلاثية مع سيول لدرس مشروع إنشاء خط أنابيب بطول 1100 كيلومتر لنقل الغاز الروسي عبر أراضي كوريا الشمالية إلى كوريا الجنوبية. وشكل ذلك بادرة إيجابية من بيونغيانغ تجاه سيول تدعم الجهود المبذولة لاستئناف المحادثات السداسية الخاصة ببرنامجها النووي والمجمدة منذ عام 2008، علماً انه لا يخفى أن كيم الابن يرغب في أن تضغط روسيا على كوريا الجنوبية والولايات المتحدة واليابان لاستئناف هذه المحادثات بهدف تزويد بلاده مساعدات اقتصادية وحوافز في مقابل تخليها عن برنامجها النووي. ويسعى الزعيم الكوري الشمالي منذ شهور إلى الحصول على مساعدات لبلده الذي يعاني من وزر كوارث الفيضانات وآخرها في تموز (يوليو) الماضي والعقوبات الاقتصادية، وكان زار الصين ثلاث مرات خلال أقل من سنتين لحضها على تقديم مساعدات وتوفير استثمارات لتحسين البنية التحتية. وكان الكرملين استبق القمة بين مدفيديف وكيم الابن بإعلانه استعداد بيونغيانغ للعودة إلى طاولة المحادثات وترحيبها بحوار اجري أخيراً في هذا الشأن، لكن سيول وواشنطن وطوكيو تصرّ على أن تظهر بيونغيانغ جديتها في نزع السلاح النووي. وصرح مدفيديف بعد المحادثات التي تناولت إلى استئناف المحادثات السداسية، مسائل اقتصادية بينها مشاريع مشتركة للطاقة واحتمال إرسال مساعدات غذائية لكوريا الشمالية، بأن «بيونغيانغ مهتمة بإنجاز المشروع الثلاثي الأطراف» الذي ستنفذه شركة «غازبروم» الروسية، علماً انه سيُدر عليها نحو 100 مليون دولار سنوياً وأعلن سيرغي ستورتشاك، نائب وزير المال الروسي، أن النقاش تناول أيضاً ديون كوريا الشمالية المستحقة للاتحاد السوفياتي السابق والتي تناهز 11 بليون دولار. وأوضح ستورتشاك انه يجب الاتفاق أولاً على أن روسيا هي الخلف القانوني للاتحاد السوفياتي، ثم على كيفية إعادة تقويم الديون التي قدمت بالروبلات السوفياتية، قبل الشروع في وضع آلية مشتركة لتسوية قضية الديون. وبعدما استهل السبت الماضي زيارته الأولى لروسيا منذ عام 2002، وأمضى يوماً كاملاً على متن قارب في بحيرة بايكال السيبيريية الأكبر في العالم، وتفقد مصنعاً للمروحيات، علق كيم الابن على رحلته في الشرق الأقصى الروسي وسيبيريا بالقول «إنها لطيفة»، وصرح لصحافيين في حضور مدفيديف: «نستمتع برحلة سعيدة بفضل اهتمامكم وعنايتكم الخاصة سيدي الرئيس». وأضاف في بداية لقائه مع مدفيديف: «شكراً لمجيئك إلى هنا»، في إشارة إلى أن جمهورية بورياتيا الروسية التي يشكل البوذيون غالبية سكانها تبعد 5500 كيلومتر شرق موسكو. ورد مدفيديف: «كل هذا بلدنا ولا أهمية للمسافة حين نتحدث مع شركاء وجيران». وكشفت موسكو الجمعة الماضي إنها سترسل 50 ألف طن من الحبوب إلى كوريا الشمالية بحلول نهاية أيلول (سبتمبر) المقبل، مشيرة إلى «نقص حاد» في المنتجات الغذائية. وكانت علاقات موسكو وبيونغيانغ مرت بمرحلة فتور دامت سنوات، بسبب فشل جهود تسوية الملف النووي الكوري ومواصلة بيونغيانغ تجاربها النووية والصاروخية. واعتبر خبراء روس أن زيارة الزعيم الكوري أطلقت «مرحلة جديدة في العلاقات وستساهم في إعادة التعاون بين البلدين في المجالات المختلفة إلى مستوى الشراكة». وتوقع هؤلاء الخبراء أن يبدأ الطرفان مفاوضات خاصة لإعادة جدولة الديون والاتفاق على رقم نهائي تمهيداً لشطبها أو تقليص جزء منها.