تتوارث النساء في قرية الكلابية، صناعة الطواقي، حتى أن نساءها يُعتبرن الأشهَر بين قرى الأحساء في هذه المهنة. وحتى سنوات قريبة، كانت هؤلاء النسوة يحملن ما يصنعنه من طواقي، ويتوجهن بها إلى سوق القيصرية الشعبي، ليبعنها للمتسوقين هناك، الذين يفدون إليه من داخل الأحساء وخارجها، ومن بعض دول الخليج. بيد أنهن أجبرن على ترك السوق، والانتقال إلى أماكن أخرى، بعد الحريق الكبير الذي شب فيه قبل نحو 10 سنوات. وعلى رغم أن لا علاقة تجمع بين أم محمد، واللغة الإنكليزية، ولكن أناملها تطرز حروفها على الطواقي التي تصنعها بيدها، بناء على توصية الشبان. وقد بدأت هذه السبعينية هذه المهنة منذ نحو 45 سنة، وتقول: «تعلمت هذه المهنة منذ طفولتي، إذ كنت أصنعها في منزلنا، وأبيعها في سوق القيصرية، وبعد إزالته خصصت أمانة الأحساء، مكاناً للبائعات من النساء بجوار إحدى المكتبات، واستمر هذا الحال لمدة نحو خمس سنوات، ثم نقلنا إلى سوق السويق. وعلى رغم أن السوق الجديد تتوفر فيه الخدمات كافة، إلا أن القيصرية لا تعوض، بسبب كثرة الزبائن فيه». وتكمل: «في السابق؛ كنا نصنع الطاقية من دون مواصفات يحددها الزبون. ولكن بعض الشبان هذه الأيام يطلبون كتابة أسمائهم على الطاقية، وباللغة الإنكليزية». وتستعيد أم سعد، ذكرياتها مع صناعة الطواقي، قائلة: «تعلمت هذه المهنة من والدتي، وكنت في ال16 من عمري، إذ كنت أجلس معها وجمع من النساء أثناء صنع الطواقي، وليف الجسم. حتى أتقنت أصول هذه الحرفة، وبدأت أصنع كميات منها وأبيعها». ولا تتوقف أصابع أم سعد عن الحياكة، وهي تساوم زبوناً على سعر طاقية أو ليفة. إذ تواصل نسج خيوط القطن أو النايلون، أو الصوف، «بحسب طلب الزبون». وتعتقد أم عبدالله، أن «أجود أنواع الطواقي هي المصنوعة في الأحساء، فهي مشهورة، ويفضلها الزبائن أكثر من المستوردة»، مبينة أنها «تختلف في النقش والنوعية». ويعتمد الوقت في صنع الطاقية الواحدة على «خفة اليد، فمنهم من ينجزها في يوم واحد، وربما ثلاثة أيام». وحين لا ينشط سوق الطواقي، تلجأ أم عبدالله إلى مهنتها الثانية، وهي صنع «السمن»، المستخرج من حليب الغنم. وتقول: «أقوم بتنظيفه وقليه، وعزل اللبن عن السمن. وهذا يستغرق بين 10 أيام إلى شهر. ويعتمد على الكمية، وربما اشتغل خلال هذه الفترة في صنع البراقع، والنقاب، والمعمول، وقلائد الإبل، والخرج الذي توضع فيه الأغراض والملابس». وزاولت أم سعيد، بيع الطواقي بجوار سوق القيصرية، لأكثر من 30 سنة، وعلى رغم انتقالها منه قبل نحو 10 سنوات، إلا أنها تتمنى أن «تعود أيام القيصرية. وعلى رغم أنها لم تعد تصنع الطواقي، بسبب كبر سنها، ولكنها تقوم بشرائها من الصانعات في الكلابية، أو المستوردة من سورية وكورية وبنغلاديش. فيما تقوم أثناء جلوسها في السوق بصنع ليف الجسم، مبينة أن هذا العمل هو «مصدر الرزق الوحيد لي، لأصرف على أبنائي الأيتام». وعلى رغم أن بيع الطواقي لم تكن المهنة الأصلية لأم فهد، التي كانت تربي الإبل الصغيرة حتى تكبر، وتقوم ببيعها. ولكن «لكبر سني ومرضي، لم استطع المواصلة، فقمت بشراء الطواقي من الصانعات، والجلوس في السوق، للبيع، كي أصرف على أبنائي». وعلى رغم أن أم مجبل، تمارس بيع الطواقي منذ أكثر من 35 سنة، لكنها تقر بأنها لا تعرف كيفية صناعتها. وقالت: «اشتريها من الصانعات، وأبيعها على المشترين، وأجني بعض المال. ولقد حاولت تعلم صناعتها، ولكنني لم أفلح، لأن تحتاج إلى خفة اليد». وتشعر أم مجبل بعد 35 سنة من البيع برفقة هذه المجموعة من النساء ب «ألفة قوية معهن، فعند ذهابنا إلى منازلنا نشتاق لبعضنا، فنحن لسنا زميلات مهنة، بل أكثر من أخوات».