حينما تتجول في الجهة الغربية لسوق القيصرية في الأحساء، بات أمرا مألوفا أن ترى ثلة من النساء المسنات يعرضن ما نسجته أياديهن من طواقٍ بمختلف أنواعها وأحجامها. وقد اندثرت في السنوات الأخيرة هذه الحرفة كغيرها من المهن التي كانت تشتهر بها الأحساء، ولم تعد تشاهد صانعات الطواقي سوى في بعض المهرجانات التي تقام في المنطقة، ويعود ذلك لعدة أسباب منها انهيار سوق القيصرية بعد الحريق الذي تعرض له وفقدان البائعات أماكنهن، إلى جانب وفاة بعض من يمتهن تلك الحرفة، وضعف الإيرادات مع توفر بعض المنتجات المستوردة التي انحدرت إلى 40 %.وتعتقد أم سلطان أن ممارستها لمهنة تصنيع الطواقي لأكثر من أربعين عاما شكلت لها مصدر دخل ثابت، استطاعت من خلاله توفير عيشة كريمة لها ولأبنائها، وتقول إن الطاقية الحساوية تمتاز بأنها تصنع من خيوط الصوف الخالص، لذا يتزايد الطلب عليها في فصل الشتاء، وكنت أقوم بتصنيع حوالي طاقيتين في اليوم باستخدام الإبرة وخيوط الصوف، فيما كانت الأسواق مزدهرة حيث أقوم بتسويق مالايقل عن عشر طواقٍ يوميا بسعر 25 ريالا للطاقية، فكانت المبيعات جيدة والأرباح تفوق 150% ، وفي السنوات الأخيرة وبعد إزالة سوق القيصرية تراجعت المبيعات بشكل كبير بسبب تنقلنا لعدة مواقع كانت معظمها في أسواق نسائية لايتردد عليها إلا قلة من الرجال، فتراجعت مكاسبنا بعد أن أصبح سعر الطاقية عشرة ريالات، وقد نتج عن ذلك توقف العديد من النساء عن ممارسة المهنة خصوصا بعد توفر منتجات مشابهة تستورد من سوريا والصين لا يزيد ثمنها عن سبعة ريالات، حيث فضلها الكثير على منتجات المنطقة. فيما تؤكد أم صالح والتي أشارت إلى عدم ممارستها مهنة تصنيع ونسج الطواقي، بل إن مهمتها تقتصر على تجارة بيع بعض الملابس الشعبية بعد شرائها من بعض الصانعات، تراجع الطلب على الطواقي المنتجة في المنطقة، بعد أن كان يفضلها الكثيرون بسبب جودتها ودورها في تدفئة الرأس أثناء البرد. وبينت أن توفر بعض المنتجات المستوردة بأسعار وألوان وأشكال مختلفة ساهم في ذلك، إذ إن اختلاف أذواق الناس أسقط الطاقية الحساوية عن عرشها وأفقدها مكانتها، مضيفة: كنت في السابق أبيع بين 10 – 15 طاقية في اليوم الواحد بسعر يتراوح بين 20 – 25 ريالا، حيث يعتمد السعر على الجودة والنقشة، أما في الوقت الحالي، فعلى الرغم من انخفاض سعر الطاقية إلى 15 ريالا، إلا أن الطلب يكاد يكون معدوما سوى من ثلة قليلة من كبار السن، حيث يمضي علينا شهر لانستطيع خلاله تسويق أكثر من خمس طواق وغالبا مايكون ذلك من خلال بعض المهرجانات التي تقام في المنطقة. وطالبت أم صالح الجهات ذات الاختصاص بالاهتمام بالصناعات التي تمارس في المنطقة وتدريب الأجيال القادمة عليها من خلال افتتاح معاهد خاصة والاستفادة من التقنية الحديثة في تلك الصناعات لزيادة الإنتاج وتخفيض التكلفة، مما يساهم في الحفاظ على تراث المنطقة من الاندثار وتوفير فرص وظيفية للشباب والفتيات. مجموعة من الطواقي الحساوية والمستوردة (الشرق)