لا أعرف لماذا اختار البابا بنديكتوس السادس عشر يوم نهائي كأس السوبر الإسبانية ليأتي إلى مدريد ليجد حشوداً من المحتجين عليه، غاضبين منه، ومن... مورينيو. البابا يزور إسبانيا بدعوة من اتحاد الشباب الكاثوليكي العالمي، أما الرافضون له فهم من الجماعات اللادينية واللائكية التي ترى في زيارته تبديداً لثروة إسبانيا الغارقة في أزمة مالية من شعر رأسها حتى أخمص قدميها (...)، وما ينفق في ثلاثة أيام لتأمين حياة البابا يكفي لتمويل مشاريع كثيرة لصالح العاطلين عن العمل، ورغم هذا فإن البابا دخل الأندلس واستقبله الملك والملكة، بينما كان المحتجون يصارعون الشرطة في شوارع مدريد، وغير بعيد عنهم كانت جماهير النادي الملكي تشاهد نجومها في ملعب الكامب نو، وهم يرفعون عقيرتهم في وجوه البراشلة (...)، ليس كروياً، ولكن بتصرفات مذمومة؛ فهذا بيبي يترك الكرة جانباً ليؤذي خصمه، وهذا مارسيلو انتقم من مدربه بالإساءة إلى لاعبين لا يختلف اثنان على أنهما موهوبان ولم يُعرف عنهما استخدام العنف هما ميسي وفابريغاس، وكبيرهما الذي علمهما الانفلات في أحرج الأوقات جوزي مورينيو الذي تصرف خارج قواعد اللباقة؛ فكان يستهزئ بميسي إذا تعرض لعرقلة، ويطلق ابتسامات صفراء إزاء حكم أتعبته انفعالات لاعبي الريال الذين فشلوا في الفوز بالكأس الممتازة، وهم الذين أعدوا العدة الصيف كله من أجل موعد كهذا، خاصة بعد رحلة مكوكية سجل فيها نجوم النادي الملكي ما يفوق العشرين هدفاً، ولكن هدف الكأس الممتازة كان بعيد المنال؛ بهذا الانفعال. هذا هو مورينيو الذي منحه «الفيفا» لقب أفضل مدرب في العالم، يتصرف كصبيّ خطفوا منه لعبة (...)؛ فسقط من أعين محبّيه قبل منتقديه. أليس من باب المنطق أن يستعيد «الفيفا» اللقب من البرتغالي المنفلت، بعد أن تأكد للناس أنه قدر موهبته ومهارته فإنه لا يتحلى بالروح الرياضية، ويرفض تقبّل الهزيمة، ولو على يد فريق يشهد له العالم بأنه أعطى لكرة القدم معنى آخر؛ هو المتعة والجمال والموهبة. حين كتبت في هذه الزاوية عن مورينيو، وقلت إنه يمارس «النّصب الأبيض» على الأندية التي يشرف عليها، لم يعجب بعضهم كلامي، وعندما انتقدت بعض تصرفاته قالوا لي: «لا تنسَ أنك تتحدث عن أفضل مدرب في العالم»، وعندما رأيته مثل كل العالم يتصرف كالأطفال المنفعلين في مباراة كأس السوبر، قلت: هل من مبرر لدى المدافعين عن مدرب فقد كل شرعيته في الدقائق العشر الأخيرة من مباراة، كان يمكن له أن يفوز بها، لو أنه منح فريقه جرعة من الصبر وأخلاق الكبار؟! لقد كان على مورينيو ونجميه بيبي ومارسيلو أن يتجهوا إلى مدريد فور انتهاء المباراة ليقابلوا قداسة البابا ويطلبوا منه إعادة تعميدهم؛ لعلهم يستعيدون سكينتهم التي فقدوها في لحظة انفعال حادة، ويطلبوا الصفح منه ومن الملك خوان كارلوس الذي قد يكون انزعج من ناديه الملكي، ليس لهزيمته، ولكن لما بدر من لاعبيه من تصرفات إزاء لاعبي كاتالونيا تمثل مسماراً آخر في الجسم الإسباني المريض، سياسياً واقتصادياً، ولم تبقَ له غير الكرة متنفساً يسعى السيد مورينيو إلى تلويثه؛ لأنه لم يفز، وهو مَن قال: «لا تحاسبوني على الموسم الأول، ولكم أن تحاسبوني على الموسم الثاني»، لكنه بدأه بهزيمة، وسقوط أخلاقي كبير! [email protected]