أكاديمية يلو تفتح أبوابها نحو طريقك لمستقبلك    نائب وزير البلديات والإسكان يفتتح النسخة ال 34 من معرض البناء السعودي    السعودية ومولدوفا توقعان اتفاقية لتعزيز التنسيق الثنائي    موعد مباراة النصر والعين..والقنوات الناقلة    تحديد موقف رونالدو من مواجهة العين    37 ميدالية للتايكوندو السعودي    لليوم الثاني على التوالي.. «انسجام عالمي» تفجر فرحة شعبية سعودية - يمنية    رئيس الوزراء المصري والأمير فيصل بن عياف يتفقدان الجناح السعودي في المنتدى الحضري العالمي الثاني عشر    أمير تبوك يستقبل القنصل البنجلاديشي لدى المملكة    جازان: القبض على 7 مخالفين لنظام الحدود لتهريبهم 108 كيلوغرامات من القات    الميزانية السعودية تُسجل 309 مليارات ريال إيرادات في الربع الثالث    أمير القصيم يوجّه بتأسيس مركزا علميا شاملاً لأبحاث الإبل    تركيا: نستهدف رفع حجم التجارة مع السعودية إلى 30 مليار دولار    22732 قرارا إداريا بحق مخالفين للأنظمة    الأمين العام للتحالف الإسلامي يستقبل وزير الدفاع العراقي    قائد القوات المشتركة يستقبل الشيخ السديس    ترمب: أنا متقدم بفارق كبير.. والخسارة واردة    «الأونروا»: كارثة في غزة    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير عام فرع وزارة التجارة بمناسبة تعيينه    إثراء يعلن عن 3 مشاريع فائزة بتحدي تنوين الكبير لإثراء تجربة الحاج    تجمع القصيم الصحي يختتم حملة التوعية بسرطان الثدي بأكثر من مليون مستفيد    موعد مباراة الهلال والإتحاد في ربع نهائي كأس الملك        بمبادرة من السعودية.. انطلاق الأسبوع العربي في اليونسكو بباريس    رئيس مجلس الشورى يستقبل السفير الصيني لدى المملكة    أمير الشرقية يرأس الأجتماع الثامن لهيئة تطوير المنطقة    " سعود الطبية " تُجري أولى عمليات التردد الحراري لتسكين آلام الركبة    استمرار التوقعات بهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    حضور لافت للتعرف على الثقافة اليمنية في حديقة السويدي    أسعار النفط ترتفع بأكثر من دولار    لمن سيصوت عرب أميركا؟!بعد ان غيرت غزة مواقفهم    انطلاق مؤتمر استدامة الطرق    بدء تسجيل 87,318 قطعة عقارية في الدمام والخبر    الغربان لاتنسى الإساءة وتنقلها إلى أقاربها    «واتساب» يتيح خاصية البحث داخل القنوات    انتهاكات حقوق المستهلكين في قطاع التوصيل    دعم المواهب الفنية    خالد سعود الزيد.. عاش حياته متدثراً بالكتب والمخطوطات والتأريخ    أنتِ جميلة    فهد بن سلطان يتابع اختبارات طلاب تبوك    مقال ذو نوافذ مُطِلَّة    مسؤول عسكري يمني ل«عكاظ»: عضو مجلس القيادة طارق صالح بخير.. وإصابته طفيفة    هواتف ذكية تكشف سرطان الحلق    5 أسباب متوقعة لألم الرقبة    أحدثهم القملاس.. مشاهير أنهى مرض السكري حياتهم    لا تحرق معدتك .. كل أولاً ثم اشرب قهوتك    الكبار يتعلمون من الصغار    ما يحدث في الأنصار عبث بتاريخه !    بشرى الأمير عبدالعزيز بالسعودية النووية    في دوري يلو .. الصفا يتغلب على الباطن بثلاثية    القلعة تغرق في «ديربي البحر»    لمسة وفاء.. اللواء الدكتور عويد بن مهدي العنزي    مشائخ القبائل و درء سلبيات التعصب    مليونا اتصال للطوارئ الموحد    أمير منطقة تبوك يراس اجتماع لجنة الدفاع المدني الرئيسية بالمنطقة    المملكة تشارك في المنتدى الحضري العالمي    اكتشاف فريد من نوعه لقرية أثرية من العصر البرونزي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



برشلونة وإعادة كتابة تاريخ ريال مدريد!
نشر في الحياة يوم 24 - 08 - 2011

لا يمكن لعاقل تبرير ما فعله مدرب ريال مدريد الإسباني، البرتغالي جوزيه مورينيو، حين وضع إصبعه في عين تيتو فيلانوفا، مساعد مدرب برشلونة جوسيب غوارديولا، أو العرقلة القاسية للظهير الأيسر البرازيلي مارسيلو على ساعد دفاع برشلونة فرنشيسك فابريغاس.
لكن على العاقل أيضاً ألا يكتفي بظواهر الأمور، بل البحث عن خلفيتها ومسبباتها، والحكم عندها وتحديد المذنبين الحقيقيين، أو أقله "توزيع" الاتهامات وليس الاكتفاء بإلقائها جزافاً على طرف واحد، دون آخر.
إذا كان مورينيو أخطأ، فإن غوارديولا وفيلانوفا ليسا بريئين مطلقاً، إذ أن استفزازاتهما خلال أياب مسابقة كأس السوبر بين برشلونة وريال مدريد، أخرجت المدرب البرتغالي عن طوره، بعدما هاجم مقعد البدلاء في النادي الكاتالوني، مارسيلو، مثلما ينقضّ نسر جارح على أرنب مسكين، كما لو أننا في الغرب الأميركي حيث يأخذ كلّ ذي حقّ حقه بيده!
دعا غوارديولا بعد المباراة، و"براءة الأطفال في عينيه"، إلى وضع حدّ لكل الأحداث التي ترافق مباريات النادييْن، قبل حدوث ما لا تُحمد عقباه. لكن "غاندي" غوارديولا إياه، كان توجّه إلى مقاعد البدلاء في ريال مدريد بعد الهدف الثالث لفريقه، صارخاً ثلاث مرات: "أنتم عصابة". ولحق به فيلانوفا، مخاطباً "نزلاء" تلك المقاعد: "أنتم عصابة أبناء عاهرة". وبعد دقائق من كلّ ذلك، حدث ما حدث...
فيلانوفا كان هاجم مورينيو عام 2010، في مقابلة مع صحيفة "لا فانغوارديا" الصادرة في كاتالونيا، على رغم أن المدرب البرتغالي لم يأتِ مطلقاً على ذكره. وتقمّص فيلانوفا شخصية عالم النفس النمسوي سيغموند فرويد، بقوله إن مورينيو "يرغب في أن يكون لاعباً، لأنه لم يكن كذلك يوماً"، معتبراً أن هذا الإحساس يدفعه إلى جذب الاهتمام إلى شخصه. وأضاف: "مورينيو مدرب لا يتحدث مطلقاً عن كرة القدم، وهذا لا يعجبنا".
كما عانى مارسيلو هتافات عنصرية من جمهور برشلونة، في تكرار لنعته بأنه "قرد" من اللاعب الكاتالوني سيرخيو بوسكيتس، خلال نصف نهائي دوري الأبطال الأوروبي الموسم الماضي.
أما "الطفل المعجزة"، الأرجنتيني ليونيل ميسي، فتوجّه بعد هدفه الثالث إلى مورينيو وقام بحركة بيده تعني أن الأخير يتكلم كثيراً، داعياً إياه إلى الصمت، ثم تعمد الاصطدام بالبرتغالي فابيو كوينتراو. وفي حالة ثانية، اقترب حتى نصف متر أمام مورينيو، وبصق على الأرض. وفي ذهاب كأس السوبر على ملعب "سانتياغو برنابيو"، اقترب ميسي من المدرب البرتغالي، قبل أن يلعب ضربة حرة، وقال له بازدراء: "أركلها أنت إذا أردت"!
وليست المرة الأولى التي يتصرّف فيها ميسي على هذا النحو، إذ بصق على لاعب ملقة، دودو، العام 2008. لكن أخطاء "الطفل المعجزة" مغفورة بالطبع، إذ أنه ليس البرتغالي كريستيانو رونالدو...
تكاد وسائل الإعلام الإسبانية والعالمية تُجمع على أن ريال مدريد، ومورينيو، يؤديان دور "الشرير" في هذا "الفيلم الكروي الطويل"، في مقابل دور "الرجل الطيب" لبرشلونة. من هنا، تُغفل تلك الوسائل هذه الوقائع، موجّهة اتهامات باطلة إلى نادي العاصمة، تارة بحجة "عنف" لاعبيه وطوراً بذريعة "السلوك المخزي" لمدربه.
والمفارقة أن من يراجع مباراتي كأس السوبر، يدرك أن لاعبي برشلونة يرتكبون أخطاء وعرقلات، بعضها قاسٍ جداً، قدر ما يفعله لاعبو ريال مدريد، أو ربما أكثر. وما على المشككين سوى مشاهدة عرقلة ساعد دفاع برشلونة أندريس إينييستا جناح ريال مدريد الأرجنتيني أنخل دي ماريا، أو ساعد الدفاع تشافي هرنانديز على كوينتراو. ناهيك عن عرقلة مرعبة من بوسكيتس على ساعد دفاع ريال مدريد تشابي ألونسو، خلال نهائي كأس الملك الموسم الماضي.
لكن بالطبع إن عرقلة لاعبي برشلونة نظرائهم في ريال مدريد، مثل "ضرب الحبيب" كله "زبيب"، إما إذا بالكاد لمس لاعب "أبيض" أحد ملائكة "الجنة" الكاتالونية، تُفتح عليه أبواب الجحيم ويصبح عدواً للقيم الإنسانية!
غاية القول إن كرة القدم رياضة تتميز بالالتحام بين اللاعبين، وليست حفلة باليه على مسرح ال"بولشوي"... لا تخلو مباراة من خشونة، لكن ثمة تعمداً لإظهار الروح القتالية للاعبي ريال مدريد، خصوصاً البرتغالي بيبي، على أنه أسلوب وحشي.
ويتساءل المرء أيضاً: أين المتشدقين باللعب النظيف والروح الرياضية، حين يسدد مهاجم برشلونة دافيد فيلا لكمة إلى وجه ساعد الدفاع الألماني لريال مدريد مسعود أوزيل، من دون أي سبب؟!
أما تشافي هرنانديز وزميله المدافع جيرار بيكيه، فيستحقان "وساماً"، بعدما اعتبر الأول أن ريال مدريد، نادي القرن العشرين بحسب الاتحاد الدولي للعبة (فيفا)، بات "مثيراً للشفقة"، فيما اتهم الثاني مورينيو بأنه "يدمّر" كرة القدم في إسبانيا!
ليعلم تشافي أن القناع سقط عن وجهه منذ زمن، فيما يجب تذكير "الحبيب المتيّم" بشاكيرا، بأن ما يدمّر الكرة الإسبانية هو تجاوزات برشلونة الذي أصبح أسمى من القوانين وقواعد اللعبة، ومن الخير والشرّ، إضافة إلى الإدارة الكارثية للنوادي الإسبانية المُدينة بما لا يقلّ عن 3.5 بلايين يورو، ناهيك عن "إنجازات" الاتحاد الإسباني للعبة بقيادة رئيسه "الفذ" أنخل ماريا فيار، "رفيق سلاح" النادي الكاتالوني.
والطريف هنا محاولة لاعبي برشلونة، ووسائل إعلام، اتهام مورينيو بإحداث شقاق في المنتخب الإسباني، لتحميله مسؤولية أي فشل قد يُمنى به مستقبلاً. وكان لافتاً أن مدرب المنتخب، فنسنتي دل بوسكي الذي أمضى 36 سنة في ريال مدريد، لاعباً ومدرباً ومشرفاً على مركز إعداد الناشئين، انحاز إلى لاعبي برشلونة الذين سُئل رئيسهم ساندرو روسيل قبل كأس العالم التي نُظمت في جنوب إفريقيا عام 2010، من يشجّع لإحراز اللقب، فتجنّب ذكر إسبانبا، مكتفياً بأنه يشجّع المنتخب الذي يضمّ أكثر عدد من لاعبي النادي الكاتالوني! يا سلام! تُرى لو سُئل روسيل من يشجّع لإحراز كأس الأمم الأوروبية العام 2000، لأجاب منتخب هولندا؟!
اعتاد ريال مدريد تهجّم لاعبي برشلونة وإدارييه عليه، منذ عقود وليس الآن فقط، بسبب عقدة النقص المتحكمة به، ولإداركه أنه لن يحتلّ مطلقاً المكانة التي يحظى بها نادي العاصمة. ربما من هنا نفهم إلحاح النادي الكاتالوني على اعتباره "أفضل فريق في التاريخ"!
تعود الذاكرة بالمرء هنا، إلى اعتبار الرئيس السابق لبرشلونة، جوان غاسبار، أن الألقاب الخمسة المتتالية التي أحرزها ريال مدريد في كأس أوروبا لأبطال الدوري، بين عامي 1956 و1960، لا تساوي شيئاً، بحجة "ضعف مستوى" الفرق الأخرى، أو قوله: "أؤثر أن يسقط ريال مدريد إلى الدرجة الثانية، على أن يحرز برشلونة لقب الدوري"!
وإذ يحذر روسيل من أن استمرار "المواجهات" مع ريال مدريد سيؤدي إلى "اقتتال في الشوارع" بين الفريقين، يعتبر أن "الصور (التي بُثّت عن أحداث أياب كأس السوبر) أبلغ من الكلام". لكن الصور التي وزعتها شركة "سانتا مونيكا"، لم تتضمن "مآثر" لاعبي برشلونة وجهازه التدريبي، بحجة رغبة الشركة في "عدم تشويه صورة كرة القدم الإسبانية"! يعني أن من الحلال تشويه صورة ريال مدريد، أما برشلونة فلا يسلم الشرف الرفيع!
وبما أن الطبع يغلب التطبّع، يعجز روسيل عن إنهاء كلامه من دون أن يقول، في احتقار واضح للاعبي ريال مدريد، إن لاعبي فريقه أحرزوا كأس السوبر "فعلياً لدى عودتهم من إجازتهم على البحر"! يا للتواضع...
يهوى برشلونة ورئيسه أداء دور الضحية، لكن روسيل يبدو غالباً مجرد ألعوبة في يد وسائل الإعلام الكاتالونية، خصوصاً صحيفتي "إلموندو ديبورتيفو" و"سبورت" الرياضيتين اللتين تنتقدان ريال مدريد إذا فعل الشيء ونقيضه، وتبقيان المقصلة جاهزة، أياً تكن الظروف والمبررات.
تجنّي صحافة كاتالونيا على نادي العاصمة، وتشهيرها به وبتاريخه المجيد، اتخذ أخيراً شكل ادعاء الدفاع عن "قيمه" و"الكياسة" التي تميّزه منذ تأسيسه، وذلك لفرض قيم مشوّهة على ريال مدريد، في محاولة لتحجيمه ومنعه من الرد على الحملات التي تستهدفه.
يتناسى هؤلاء أن نادي العاصمة قاده غالباً لاعبون محاربون، لم يأبهوا لشعار "الكياسة" الذي يرفعه أعداء ريال مدريد، لمحاربته وليس حرصاً عليه، كما لم يترددوا يوماً في الدفاع عن النادي، على أرض الملعب وخارجه، مثل ألفريدو دي ستيفانو وخوسيه مارتينيز "بيرّي" وأمانسيو أمارو وخوسيه أنطونيو كاماتشو وكارلوس سانتيانا وأورليش شتيليكه وخوان غوميز "خوانيتو" وغريغوريو بينيتو وفرناندو هييرو وفرناندو ريدوندو وهوغو سانشيز...
ويتجاهل هؤلاء أن الرئيس الأسطوري للنادي سانتياغو برنابيو، لم يسمح يوماً لأحد بالتطاول على ريال مدريد الذي يدرك أن ما يسعى إليه برشلونة، مواربة ومن خلال صحافته الصفراء، هو تزوير تاريخ النادي، بل إخراح ريال مدريد من التاريخ.
كتب دافيد خيستاو في صحيفة "إلموندو" الصادرة في مدريد، أن "الكياسة" التي ينسبها آخرون إلى ريال مدريد، هي مجرد "فخ يُراد منه شلّ النادي، واستئصال روحه القتالية".
يتعرّض ريال مدريد إلى هجمة إعلامية تُعتبر سابقة، يدعي مطلقوها حرصهم على النادي وتاريخه وقيمه وإرثه وسمعته، على غرار وسائل الإعلام التابعة لمجموعة "بريسا"، مثل صحيفتي "إلباييس" و"أس" وإذاعة "كادينا سير" و"كانال بلوس إسبانيا".
خشية هذه الوسائل من أن يمسّ خدش سمعة ريال مدريد، لا يستقيم مع تماديها خلال حقبة الرئيس السابق للنادي رامون كالديرون، في التغطية على فضائحه وفساده وتجاوزاته الإدارية التي قد تقوده إلى السجن، متناسية ادعاءها الحرص على النادي.
وما زالت وسائل الإعلام هذه، تخوض "جهاداً" ضد ريال مدريد، ربما تعبيراً عن إحباطها بعدما أجهض تسلّم فلورنتينو بيريز الرئاسة العام 2000، محاولة "بريسا" فرض سيطرتها على النادي الذي كان على وشك الإفلاس حينذاك.
وفتحت "بريسا" منبرها للأرجنتيني خورخي فالدانو، المدير العام الرياضي السابق لريال مدريد، والذي انتقد مورينيو، معتبراً أن ما فعله "لا يشرّفه أو يشرّف النادي". لكن فالدانو لم يعدْ يخدع أحداً، إذ سقط القناع عن وجهه منذ سنوات، بعدما ثبت أنه لم يكن مؤهلاً للمنصب الذي شغله سنوات، وأن بقاءه في النادي ارتبط بقدراته في فن الخطابة و"الزجل"، وليس لمؤهلاته الكروية. يكفيه "شرفاً" أنه استقدم إلى النادي مدربيْن فاشلين، مثله، هما البرتغالي كارلوس كيروش والتشيلي مانويل بيلليغريني.
فالدانو الذي حارب مورينيو من داخل النادي، بدل تسهيل مهمته، شكّل ما يمكن اعتباره "حصان طروادة"، بمساعدة أصدقاء ومريدين له في الوسط الإعلامي الموبوء في إسبانيا، على غرار ألفريدو ريلانيو وسانتياغو سيغورولا، وخصوصاً دييغو توريس في "إلباييس"، وهو أرجنتيني مثله دأب على تدبيح مقالات تنضح حقداً ويمكن إدخالها في باب صحافة "الخيال العلمي الرديء"... لكن فلورنتينو بيريز فتح عينيه أخيراً، مدركاً أن فالدانو ليس سوى عبء لن تقوم للنادي قائمة قبل التخلّص منه.
ثمة في إسبانيا صحافيون وإعلاميون رديئون، مثل سيغورولا وروبرتو غوميز وروبرتو بالومار وغيرهم في صحيفة "ماركا" الرياضية الصادرة في مدريد، وتوريس وخوسيه سامانو في "إلباييس"، وريلانيو وبيدرو بابلو سان مارتن وخافيير غوميز ماتاياناس في "أس"، وخوسيه رامون دي لا مورينا في "كادينا سير"، ومانولو لاما في منافستها "كادينا كوبي"، وآخرون كثر، سخّروا أقلامهم ومنابرهم للتهجم على مورينيو وريال مدريد، بحجج واهية، مدّعين حرصهم على النادي، على رغم أنهم لم يكونوا يوماً "مغرمين" به، اللهم إلا حين كان "يتفنّن" كالديرون في تشويه صورته...
ويحاول هؤلاء التلاعب بالنادي على هواهم، وبما يناسب مصالحهم الخاصة والضيقة، متناسين أنهم مجرد إعلاميين يُبدون رأياً لا يلزم النادي في شيء، وبعضهم لا يفقه شيئاً في كرة القدم، لكنه يتصرّف وكأنه اخترع اللعبة!
ويعمد هؤلاء إلى التشويش على فلورنتينو بيريز والسخرية منه، مدعين أن مورينيو أصبح الرئيس الفعلي للنادي، على رغم أنهم أمضوا سنوات يطالبون بمدرب ذي سلطة في النادي، وكانوا أشد المدافعين عن بقاء بيلليغريني، بل أنهم بدأوا هجومهم على المدرب البرتغالي، حتى قبل أن تطأ قدماه مطار باراخاس في مدريد...
كما يتعمد هؤلاء تجاهل أن غوارديولا هو الآمر الناهي في برشلونة، وأن روسيل يكاد يصبح مجرد "كومبارس" بصفة رئيس، وأن المدرب تعمّد "لي ذراع" رئيسه في مسألة ضم فابريغاس من أرسنال الإنكليزي. وهذا الودّ المفقود بين روسيل وغوارديولا، يؤجج إشاعات عن رحيل الأخير عن النادي نهاية الموسم.
والمؤسف أن صحافة مدريد، المحسوبة نظرياً على ريال مدريد، التزمت الحياد إزاء "معركة" كأس السوبر، متجنبة مساندة نادي العاصمة، في استثناء صحيفة "إلموندو"، بل أن "أس" تفوّقت على نظيراتها في كاتالونيا، في مهاجمة مورينيو، مدعية خشيتها على "صورة ريال مدريد دولياً"، لكنها تناست أن كالديرون الذي رعته ب"رموش العين"، كان أكثر من حطّ من قدر النادي وجعله أضحوكة في العالم.
أما "ماركا" التي تتعاطف في سياستها العامة مع المدرب البرتغالي، فإنها تضمّ أقلاماً حاقدة، مثل سيغورولا، وهو مساعد رئيس التحرير، والذي كتب مطالعة في هجاء مورينيو، محرّضاً فلورنتينو بيريز عليه، أين منها قصائد الهجاء التي نظمها أبو الطيب المتنبي في كافور الإخشيدي!
لعلّ في هذا العداء لمورينيو، تعبيراً عن شوفينية إسبانية متعالية، ما يدفع المرء إلى التساؤل: تُرى لو كان مورينيو إسبانياً، هل كان تعرّض لما يتعرّض له؟
يوحي هذا الخطاب الإعلامي المنافق والمراوغ، بأن مورينيو مسؤول عن كلّ المشاكل التي تعصف بإسبانيا، وتفاقم النزعات الانفصالية، في بلد يعاني أسوأ أزمة سياسية واجتماعية واقتصادية، ربما منذ وفاة الديكتاتور الجنرال فرنشيسكو فرانكو العام 1975 وإحلال الديموقراطية.
ويعتقد بعضهم أن المشاكل في مباريات ريال مدريد وبرشلونة، بدأت مع وصول مورينيو، لكن مجرّد إلقاء نظرة سريعة على موقع "يوتيوب"، يظهر أن ذلك ليس صحيحاً، وأن بعض ما كان يجري سابقاً، يتخطى بأشواط أحداث المواجهات الأخيرة. حتى أن اللاعب السابق في ريال مدريد، إغناسيو زوكو، يدافع عن مورينيو، مذكراً بأن نادي العاصمة اضطر مرة إلى الخروج من ملعب "كامب نو" بحماية الشرطة...
ما تغيّر بالطبع هو بثّ المباريات على شاشات غالبية الدول، وانتشار مشاهدها على الإنترنت، فيما بالكاد كانت أحداث السنوات السابقة تخرج من أسوار إسبانيا.
في 5 كانون الأول (ديسمبر) 1990، داس المهاجم البلغاري لبرشلونة هريستو ستويتشكوف قدم الحكم إلديفونسو أوريزار أسبيتارتي، خلال كأس السوبر ضد ريال مدريد في "كامب نو"، وأوقف 6 شهور.
كما ننصح المهتمين، بمتابعة مشاهد نهائي كأس الملك بين برشلونة وأتلتيك بلباو عام 1984، ليروا بأم العين بربرية لاعبي الفريقين على ملعب "سانتياغو برنابيو".
بل أن اللاعب السابق في ريال مدريد، الألماني برند شوستر، وصف الذهاب إلى بلباو لمواجهة أتلتيك، بالسفر إلى كوريا الشمالية!
تتحدث وسائل الإعلام عن "الكياسة"، وكأن النوادي الأخرى كانت تستقبل ريال مدريد بالورود والياسمين، قبل مجيء مورينيو! ما زال مشجعو نادي العاصمة يذكرون المباراة مع أوساسونا على ملعب الأخير، في 28 كانون الثاني (يناير) 1989، والتي أوقفها الحكم سوكورّو غونزاليس في الدقيقة 43 من الشوط الأول، بعد إلقاء مشجعي النادي الباسكي مقذوفات على حارس ريال مدريد فرنشيسكو بويو، كما رفعوا يافطات تعتبره "مجرماً"، داعية إلى "إعدامه"! حتى أن مدرب ريال مدريد في موسم 1989-1990، الويلزي جون توشاك، آثر عدم إشراك بويو في المباراة ضد أوساسونا في ذاك الموسم، على ملعب الأخير، خشية حدوث إشكالات...
الواقع أن برشلونة يدرك جيداً أن مورينيو سيقضي، عاجلاً أم آجلاً، على حقبته الذهبية، وشهدنا إرهاصات ذلك، في مباراتي كأس السوبر، حين مارس ريال مدريد ضغطاً رهيباً على لاعبي النادي الكاتالوني، وجعلهم أحياناً يتخلون عن أسلوبهم التقليدي في اللعب، معتمدين الكرات الطويلة من حارس المرمى أو الدفاع، إلى خط الهجوم، ومتنكّرين لأسطورة الاستحواذ على الكرة، والتي تكون غالباً في الجزء الخاص ببرشلونة من الملعب.
من هنا، يسعى النادي الكاتالوني إلى اختلاق المشاكل لمورينيو، وتحريض الجميع عليه، بما في ذلك فلورنتينو بيريز، لضمان رحيله عن إسبانيا، لأنه الوحيد القادر على إلحاق الهزيمة به.
وسخر المدرب البرتغالي من أنباء عن نيته ترك النادي، مقدّماً "فقط لمشجعي ريال مدريد، اعتذاراً عما بدر منه" إزاء فيلانوفا، لكنه شدد على أنه لن ينخرط مطلقاً في "نفاق كرة القدم"، في إشارة ضمنية إلى ممارسات برشلونة. واعتبر في بيان "صديقه" فلورنتينو بيريز "رئيساً رائعاً"، وحرص على تأكيد أن انتماءه إلى ريال مدريد "أكبر مما لبعض من يدعون ذلك"...
وعلى برشلونة أن يقلق بالفعل، لأن مباراتي كأس السوبر أثبتتا أن ريال مدريد ارتقى إلى مستواه، لا بل كان أفضل منه في الدقائق ال180، وأن النادي الكاتالوني كان ليُمنى بهزيمة في المباراتين، لولا ميسي الذي على رغم أدائه الخارق مع برشلونة، لكنه أثبت بأدائه العادي خلال مسابقة "كوبا أميركا" التي نُظمت في الأرجنتين أخيراً، أنه ليس من طينة مواطنه دييغو مارادونا الذي نجح في قيادة لاعبين عاديين إلى لقب كأس العالم مع المنتخب الأرجنتيني، ولقب الدوري الإيطالي مع نادي نابولي.
ولعل أكثر ما يعبّر عن احتقار برشلونة لريال مدريد واستهزائه به، هو أن النادي الكاتالوني عمد في التقرير الذي وزّعه على وسائل الإعلام قبل أياب كأس السوبر، ويتضمن تشكيلة الفريقين، إلى ذكر اسم نادي العاصمة كما يُكتب... باللغة الكاتالونية، لا بالإسبانية، وذلك في سابقة في تاريخ ريال مدريد الذي أُسس العام 1902! أي أن اسم النادي أصبح Reial Madrid بدل Real Madrid! تخيّلوا ما كان ليحدث لو أن ريال مدريد أشار إلى ملعب برشلونة باسمه الإسباني، وليس الكاتالوني، أي Campo Nuevo بدل Camp Nou!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.