شبان وشابات من أصحاب الوجوه السمراء، خارج المسرح المفتوح في أوبرا القاهرة، يتشوقون لبدء حفلة الفنان السوداني أحمد شرحبيل، خصوصاً مع تأخر الموعد بعض الشيء. هم في لهفة لدخول عالم الإيقاعات في موسيقي «الريغي» التي تغرق فيها فرقة أحمد شرحبيل إلى أبعد مدى، في تجربة ملهمة لمزج «الريغي» الجامايكي الأصل مع شجن وخفقات الموسيقى السودانية الحديثة. تتكون الفرقة من غيتار وترومبيت وساكسوفون وغيتار باس ومغنٍّ، بينما يغيب ال «كي بورد». تبدأ الحفلة وتزداد سخونة وصخباً. يشتعل الرقص، مع حالة وجدانية فريدة مع الموسيقى الناطقة بلهجة سودانية. نستطيع أن نقول إنها منحتها صوتاً صوفياً وألقاً روحانياً لم يكن بعيداً منها أصلاً. وقدمت الفرقة مجموعة من أغاني الموسيقي والمغني الأسطورة بوب مارلي، صاحب العلامة الأصلية ل«الريغي»، ومنها Don't give up، إلى جانب أغانٍ من ألحان شرحبيل الذي يقول إن «الريغي هو الذي اختارنا، وانتزعنا من ألوان الموسيقى الأخرى، فهي نوعية موسيقية ناضحة، بحيويتها وتدفقها وتحليقها في جو يحلم بالحرية من دون حدود». يضيف شرحبيل: «منذ نحو عشر سنوات وأنا أعمل على هذه الموسيقى التي قدمناها في حفلتنا الأخيرة، وأحاول مع زملائي في الفرقة الخروج بصيغة وبصمة مختلفتين إلى حد ما، ليس عن فنانين آخرين وحسب، بل أيضاً تنوّع حفلات فرقتنا، فهي موسيقى تتأثر جداً بالحالة المزاجية، والتألق بين الآلات والتوزيع ومجموعة العازفين لا بد من أن يكون على درجة عالية من الانسجام والتوافق». وعن مدى استفادته من والده الموسيقار شرحبيل يقول أحمد: «أهم نصيحة قدمها لي هي أن أعمل على تكوين فرقة كبيرة، تتيح التنويعات وتمنح الموسيقى ثراءها الذي تستحقه». أما مغني الفرقة يوسف إدريس فيقول: «عشقنا للريغي كان الدافع نحو تكوين الفرقة، بدأنا بتقليد الريغي الجامايكي كما هو، نسمع ونقلّد، وبعد البحث في تفاصيل الإيقاع وجوهر الموسيقى وجدنا أن ثقافة واحدة تربطنا، ثقافة التصوف والوله بالتراكيب الإيقاعية، والفكر الذي يعبّر عن الرغبة في التحرر والانطلاق والتعبير عن مشاعر ذاتية يجمع بين الناس في كل مكان، وما نحاول تقديمه هو الزخم الإيقاعي واللعب، مع تكرار تيمة أو تركيبة معينة، ما يؤثر في وجدان الجمهور ويحركه شعورياً وجسمانياً». ومن شباب الجمهور يعلّق مادا: «السلم الخماسي هو ما يقرب بين الريغي والموسيقى السودانية التي هي مفتاح الحضارة العربية إلى الموسيقى السمراء في العالم. أما ياسر فيقول: «أتابع موسيقى أحمد شرحبيل على مواقع الإنترنت وأعشق التوليفة التي يعمل عليها».