تقف المبادرة التركية والمهلة الوجيزة التي أعطاها رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان للنظام السوري لوقف العنف والقيام بخطوات إصلاحية عاجلة، وراء التريث الأميركي الرسمي وعدم دعوة الرئيس باراك أوباما بعد للرئيس السوري بشار الأسد للتنحي. في وقت أعلنت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أنها تود أن تتقاطع دعوة التنحي مع دعم دول أخرى لهذا المطلب. وتقول مصادر مطلعة ل «الحياة» إن هذا التريث ليس تبنياً للمبادرة التركية أو اقتناعاً بها، بل لتفادي إحراج تركيا وللحفاظ على التعاون والتنسيق في الملف السوري، وحيث تحظى أنقرة بمفاتيح أساسية في جبهتي العقوبات والتأثير على النخبة العسكرية والأمنية. في وقت أكدت كلينتون حين سئلت عن السبب في أن الولاياتالمتحدة لم تطالب حتى الآن بتنحي الرئيس السوري أن واشنطن تريد من دول أخرى أن تعبر عن دعمها لهذا المطلب. وقالت كلينتون في مقابلة مع شبكة سي.بي.إس التلفزيونية إن الولاياتالمتحدة كانت «واضحة تماماً» في تصريحاتها في شأن فقدان الرئيس السوري بشار الأسد للشرعية و»من الضروري ألا يكون هو الصوت الأميركي فقط. ونريد أن نتأكد أن تلك الأصوات تأتي من أنحاء العالم.» وقالت كلينتون إن الشيء الضروري بالفعل للضغط على الأسد هو فرض عقوبات على صناعة النفط والغاز السورية متعهدة مضي واشنطن بهذا الاتجاه. وأضافت «نريد أن نرى أوروبا تتخذ مزيداً من الخطوات في هذا الاتجاه. ونريد أن نرى الصين تأخذ خطوات معنا.» وقالت «ليس هناك شك في عقل أي أحد في شأن أين تقف الولاياتالمتحدة.» وبحسب المصادر، يأتي التريث الأميركي في عدم دعوة الأسد للتنحي بعد، «لعدم إحراج» الجانب التركي وإعطاء المساحة والوقت لمبادرة أنقرة والتي خصصت مدة تترواح بين 10 و15 يوماً للرئيس السوري للقيام بمطالب إصلاحية محددة ووقف العنف. غير أن المصادر نفسها وأخرى ديبلوماسية غربية تؤكد ل «الحياة» أن التريث «ليس قبولاً أميركياً بالمبادرة التركية»، ومع تكرار البيت الأبيض يومياً أن «سورية ستكون في حال أفضل من دون الأسد». إذ تعكس أجواء العاصمة الأميركية أن واشنطن حسمت أمرها لجهة الإعلان عن تنحي الأسد، وأن المسألة باتت مسألة وقت. ويعود هذا القرار لعوامل عدة، بينها ضغوط الكونغرس في الداخل، والمواقف الإقليمية والدولية والتي تلتقي في رفض ما يجري واعتبار الأسد عنصر عدم استقرار في سورية. ومن هنا تحافظ واشنطن على نبرة تصعيدية في موقفها، من خلال زيادة العقوبات والتي ستليها خطوات أوروبية شبيهة، ومحاولة استهداف قطاع النفط. كما يطال التصعيد السلك الديبلوماسي، وحيث تزايدت حلقات استدعاء نائب السفير السوري في واشنطن منير القضماني إلى الخارجية الأميركية وفي ظل استمرار وجود السفير عماد مصطفى خارج البلاد. غير أن واشنطن تدرك محدودية تأثيرها في الملف السوري، وتحاول كما أكد مسؤول أميركي رفيع المستوى ل»الحياة» الحفاظ على الآلية الدولية في الضغط على سورية ومن خلال الجبهات الإقليمية والأوروبية وفي مجلس الأمن الدولي. ومن هذا المنطلق، تود واشنطن وفي حال دعوتها الأسد للتنحي أن تترافق هذه الخطوة بتحركات دولية مماثلة، ومن هنا تفضيلها الانتظار إلى حين حسم تركيا موقفها والحفاظ على شبكة التعاون مع أنقرة.