كعادته يحمل رمضان بين جنباته المتعة والالفة، فما أن ينتهي الجميع من وجبة الإفطار حتى تبدو كروش بعضهم وكأنها «قف»، فلا يزال الشهر في أوله والموائد عامرة، وكذلك المحطات التلفزيونية الفضائية التي تحظى بالغث والسمين. اليوم سيتمكن «قومي» من مشاهدة صلاة المغرب على شاشة «ال سي دي» الجيل الأول بعد أن تم خفض أسعارها لدرجة سال عليها لعاب الصائمين، وما أن تنتهي صلاة المغرب حتى يمسك رب الأسرة «الريموت كونترول» ويبدأ بمتابعة ما لذ وطاب. المسلسلات الرمضانية باتت جزءاً من وجبة الإفطار، وغالباً المسلسلات الخليجية تقع في إطارين، الأول تهريج يجعلك تشعر بالأسف لأنك تابعته، والثاني حزن وهم وغم من أول حلقة إلى الحلقة الأخيرة، والاستثناء هنا للبعض مثل «طاش ما طاش» الذي وصل سن الشيخوخة فنياً لكنه لا يزال مراهقاً ويحظى بنسب متابعة عالية بسبب توقيته ومشاغبته، فهو يستفز الإسلاميين تارة والليبراليين تارة أخرى، مع قليل من العنصرية في تعمد طرح بعض لهجات المناطق. وأيضاً هناك «دون كورليوني» السعودية في الهوامير، إضافة إلى بعض المسلسلات وهي قليلة، أما البقية فلا تخرج عن التهريج الذي طالما ناشدنا أن يرتقي قليلاً. ثم هناك المسلسلات السورية التي تحولت جميعها إلى أبواب حارة، الشخصيات ذاتها والحواري ذاتها، والقضايا أصبحت ذاتها أيضاً، ولا نعلم ما الجديد، وبعد المسلسلات لا بد من الانتقال إلى البرامج، فهنا الحسناوات يتبارين في الأزياء، فترى عيون الرجال «مبققة» فيما النساء على أطراف حواسهن يترقبن المحطة الباقية. وهنا انتفض شهريار وقال لشهرزاد، أما زال هناك من يصوم نهاراً و«يبقق» عينيه في النساء خلال برامج رمضان ليلاً؟ فقالت شهرزاد نعم يا سيدي، فاحمرت وجنتاه غضباً وقال أفلا يشعرون بالخجل، كيف يفعلون ذلك في شهر الصوم؟ فردت شهرزاد ولكن يا مولاي تلك ليست اختياراتهم بل هي مفروضة عليهم من الفضائيات، أرجو أن تهدأ قليلاً، لئلا يرتفع لديك السكر، فهدأ شهريار قليلاً وقال أكملي حديثك، فتنفست الصعداء وقالت، بعد أن تنتهي موجة البرامج يخرج الرجال لتناول المعسل، وهنا صفعها صفعة تردد صدى صوتها في أرجاء الغرفة، وقال ألا يصلون التراويح؟ فقالت وهي ترتعش وبصوت خافت، بلى يا سيدي لكن في آخر يوم من رمضان، وأدرك شهرزاد الصباح وسكتت عن الكلام المباح. [email protected]