باريس - أ ف ب - أظهرت أزمة الاقتصاد العالمي بعض المفارقات اللافتة، منها صمود اليورو في خضم أزمة الديون الأوروبية، وازدواجية وكالات التصنيف الائتماني في معاييرها لتقويم الدول، والإقبال الكبير على الين فيما اليابان تعتبر الدولة الأعلى ديوناً في العالم. قد تكون منطقة اليورو تواجه أزمة حادة بسبب ديون بعض دولها، إلا أن العملة الموحدة تبقى قوية في مواجهة الدولار. ويصمد اليورو، بل حتى يرتفع في مقابل الدولار، على رغم أن اليونان شارفت على التعثر في التسديد، فيما البرتغال وإسبانيا وإيطاليا تقترض من السوق بمعدلات فائدة قياسية. ويستمد اليورو قوته من تردي وضع الدولار، الذي يسجل تراجعاً تاريخياً في إقبال المستثمرين عليه، بعد تباطؤ النمو الاقتصادي الأميركي وخوف المحللين من انكماشه في النصف الثاني من السنة. وأدت برامج تليين السياسة النقدية التي يطبقها الاحتياط الفيديرالي الأميركي منذ عام 2008 إلى إضعاف الدولار من خلال عمليات إصدار العملة. ومن جهة أخرى، ينتقد بعضهم وكالات التصنيف الائتماني، معتبرين أنها تعاقب بعض الدول فيما تراعي دولاً أخرى ليست أفضل حالاً على الصعيد الاقتصادي. وتركّز وكالات «موديز» و «ستاندرد اند بورز» و «فيتش» ضغوطها على بعض دول منطقة اليورو وتتغاضى عن دول أخرى ذات ديون مساوية أو اكبر. ففي اليونان، تشكّل الديون 152 في المئة من إجمالي ناتجها المحلي، وتعتبرها «ستاندارد اند بورز» الدولة الأقل موثوقية في العالم، في حين تحظى جامايكا بعلامة أفضل على رغم أن دينها يشكّل 137 في المئة من إجمالي ناتجها المحلي. وبعدما اتهمت وكالات التصنيف بالتهاون بعد أزمة الرهن العقاري في الولاياتالمتحدة، تعتزم التشدّد حيال أزمة منطقة اليورو، خصوصاً في ظل عدم استبعاد تعثر اليونان. واذا حصل ذلك، فإن الجهات الدائنة ستتكبد خسائر فادحة، ما أرغم الوكالات على خفض علامتها في شكل حاد. ويتهم عدد من الخبراء الوكالات بأنها تشعل فتيل الأزمة لتحذّر منها لاحقاً، فإن عمدت إحداها إلى خفض علامة ايطاليا مثلاً، على ضوء صعوبات هذا البلد المتزايدة في الاقتراض من الأسواق، فإن ذلك سيثير هلع المستثمرين ويرفع معدلات الفوائد أكثر لروما.