شدّد مجلس الوزراء اللبناني على ضرورة «تحصين الوضع الداخلي وتلبية حاجات البلد وتأمين المصلحة العامة». وعُقد المجلس في السراي الكبيرة برئاسة الرئيس تمام سلام أمس، في جلسة هي الثالثة في ظل الشغور الرئاسي استمرت نحو أربع ساعات وانتهت من دون الإتفاق على منهجية أو آلية عمل للحكومة ولا على جدول أعمالها. وقال وزير الاعلام رمزي جريج ان «الرئيس سلام اشار في مستهلها الى أن الجلسة تُعقد في اجواء غير مريحة ناتجة من شغور مركز رئيس الجمهورية وعدم انعقاد جلسة مجلس النواب التشريعية وكذلك في اجواء اقليمية ذات ابعاد خطيرة». ورأى سلام ان كل ذلك «يحتم تحصين وضع لبنان الداخلي ومن أبرز عناصر ذلك ما تبلور في الحكومة الائتلافية التي تجاوزت الكثير من العقبات وأدى الى انجازات أمنية وتفعيل ادارات الدولة». وشدد على «ضرورة ان نحافظ على هذه المكتسبات وعلى هذا الائتلاف داخل الحكومة، وضرورة تلبية حاجات الناس وتأمين المصلحة العامة». وقال جريج: «على اساس مداخلة رئيس الحكومة جرت مناقشة عامة عرض فيها الوزراء وجهات نظرهم حول المواضيع العامة التي اثارها الرئيس سلام، وجرى التطرق الى موضوع الامتحانات المدرسية وما اتفق عليه بين وزير التربية (الياس بوصعب) وهيئة التنسيق النقابية وعرض الوزير تفاصيل المفاوضات التي تمت والنتيجة التي توصلت اليها المفاوضات. وعرض بعد ذلك وزير المال علي حسن خليل بعض ملامح مشروع الموازنة العامة للعام 2014 بما تضمنته من توقعات للواردات المرتقبة والنفقات تمهيداً لمناقشتها في مجلس الوزراء. ورفعت الجلسة على أن تعقد لاحقاً بناء لدعوة رئيس مجلس الوزراء». وقال جريج رداً على اسئلة الصحافيين: «المناقشة العامة استغرقت وقتاً طويلاً، اذ هناك احداث مهمة اقليمياً في المنطقة اخذت حيزاً من البحث وإمكانية أن تشكل من ارتدادات على الوضع الامني في لبنان، كما جرت مناقشة الوضع الأمني وموضوع الموازنة التي تعتبر مشروعاً مهماً والذي على اساسه تدار مالية الدولة. وبحثنا في ملامح التوقعات بالنسبة الى الواردات والنفقات، لكن بالطبع كان من الممكن التطرق الى جدول الاعمال لكن الرئيس سلام لديه حرص على التوافق وعلى تحصين موقع مجلس الوزراء، وهو اعتبر أن المزيد من المشاورات حول القواعد الواجب اتباعها لتسيير العمل في مجلس الوزراء، والتوصل الى توافق شامل حول هذا الموضوع لا ضرر في أن تأخذ بضعة ايام». وعندما قيل له ان الوزير سجعان قزي قال: «أنكم إتفقتم على إعتماد كلمة «منهجية» بدلاً من «آلية» في عمل مجلس الوزرء اجاب ان «مجلس الوزراء كهيئة يخضع العمل فيه لقواعد، أي لا آلية ولا منهجية، بل هناك قواعد منصوص عليها في الدستور، وهذه القواعد تقضي بأن تتخذ القرارات في مجلس الوزراء بالتوافق، وإذا لم يحصل التوافق فبالتصويت أو بالأكثرية في المواضيع العادية، وبأكثرية الثلثين في المواضيع المحددة على سبيل الحصر في الدستور. فنحن لا نستطيع أن نستنبط آلية، إنما يمكن أن نأتي بتوجه يقضي بتغليب التوافق على التصويت». وبحث مجلس الوزراء مجدداً في آلية العمل المقترحة لحماية الفراغ المترتب على تعذر انتخاب رئيس جديد للجمهورية مع إصرار الجميع على ضرورة الإسراع في انتخاب الرئيس. واقترح وزير الاتصالات بطرس حرب فكرة موقتة لتسيير العمل في مجلس الوزراء، وقال، كما أكدت مصادر وزارية ل «الحياة»، إن المراسيم التي تتخذ في مجلس الوزراء ولا تحتاج الى تواقيع تصدر فوراً والأخرى التي هي في حاجة الى توقيع، نتخذ فيها القرارات ونترك التوقيع عليها للاتفاق على الآلية خلال أسبوع من الآن. وبالنسبة الى المفاوضات في شأن نقل مباريات كأس العالم في كرة القدم عبر تلفزيون لبنان، كشف حرب أن الشركة التي تتولى نقل المباريات الى عدد من الدول ومن بينها لبنان رفضت عرضاً تقدم به بقيمة مليوني دولار. مراعاة تكتل التغيير ولوحظ أن وزراء «أمل» و «حزب الله» أبدوا تفهماً لضرورة عدم تعطيل مجلس الوزراء لكنهم اضطروا الى مراعاة وزراء «تكتل التغيير والإصلاح» الذين طلبوا إمهالهم أسبوعاً آخر لإجراء المشاورات ريثما يتم التوافق على الآلية مع تشديد سلام على ممارسة صلاحياته انطلاقاً من النصوص الواردة في الدستور، وعلى رغبته في التوافق باعتبار أن الحكومة التي يرأسها هي حكومة مصلحة وطنية. وتحدث الوزير أكرم شهيب (جبهة النضال الوطني)، مشدداً على أن التعطيل المقنع لجلسات مجلس الوزراء أو البرلمان ينعكس سلباً على مصالح اللبنانيين «وعلينا أن نعرف كيف نحاكي قضايا الناس وحاجاتهم الأساسية». وأكد أن «جبهة النضال» كانت وما زالت مع انتخاب رئيس في أقرب وقت ممكن، لكن تعطيل المؤسسات ليس الطريق الأقصر للوصول الى انتخاب الرئيس. وقال إن الجميع تنازلوا لمصلحة قيام حكومة مصلحة وطنية تتولى حماية البلد، خصوصاً «أننا كنا ندرك أننا ذاهبون الى الفراغ نظراً الى تعذّر انتخاب الرئيس ضمن المهلة القانونية». ريفي: لخطة طوارئ وشدد وزير العدل اللواء أشرف ريفي على ضرورة الالتفات إلى ما يحصل في المنطقة، والذي يمكن أن يؤدي إلى تغيير الخريطة في ضوء سيطرة «داعش» على الموصل ونينوى ومناطق أخرى في العراق. وقدر عدد مقاتليه بحوالى ثلاثة آلاف لم يلقوا مواجهة من الجيش العراقي الذي فر بأعداد كبيرة من دون أن يتصدى لهم. وقال: «علينا أن نتنبه منذ الآن إلى خطورة ما يجري لئلا نفاجأ بتطورات لا نتوقعها ولا نريدها لبلدنا، وهذا يستدعي منا عدم التلهي في أمور ثانوية وفي تفاصيل تصرف الأنظار عن مواكبة ما يحصل ويتطلب منا تحصين وحدتنا الداخلية وحماية العيش المشترك إدراكاً منا لخطورة المرحلة». وأكد ريفي أن لا شك «في أن حكومة المصلحة الوطنية التي نحن فيها تساهم في تحصين هذه الوحدة وتدعيمها، لكن لا بد من التنبه لتكون على استعداد لمواجهة أي طارئ بسبب التطورات المشاركة في المنطقة، وهذا يستدعي وضع خطة طوارئ. واقترح أن يعقد مجلس الوزراء جلسة في أقرب وقت ممكن في حضور القيادات الأمنية والعسكرية لاستعراض ما يمكن القيام به من استعدادات لمواجهة هذه المرحلة». وأيد الرئيس سلام والوزراء ما قاله ريفي، وشددوا على ضرورة حماية الساحة الداخلية من أية ارتدادات سلبية يمكن أن تترتب على ما تشهده المنطقة. وخلال النقاش حول الآلية تمنى وزير التربية إلياس بو صعب تأجيل البحث فيها ريثما يصار الى معاودة المشاورات في شأنها في الخارج، لكن موقفه لم يلق ارتياحاً لدى الغالبية من الوزراء خصوصاً المسيحيين منهم. وتحدث وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس وقال: «أرفض الكلام عن آلية لمجلس الوزراء، لأنها اسم لغير مسمى»، محذراً من «البدعة الدستورية التي تتعارض مع النصوص الواردة في الدستور وما علينا إلا العودة إليها وتطبيقها». وسأل: «هل نحن في حكومة أم في ظل للحكومة التي هي في مكان آخر؟» وقال إن مجرد الموافقة على أن نجري مشاورات في الخارج حول الآلية يشكل إهانة لمجلس الوزراء الذي يتمثل فيه جميع الأطراف. وإذ اعتبر معظم الوزراء، بحسب مصادر وزارية، ل «الحياة» أن ما طرحه بو صعب يوحي وكأن مجلس الوزراء يفتقد للنصاب المطلوب لانعقاده في غياب وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وبالتالي يرفض النظر في أي موضوع ما لم يكن حاضراً، صارح وزير العمل سجعان قزي مجلس الوزراء بقوله: «صحيح أن رأس الدولة - أي رئيس الجمهورية - غير موجود الى طاولة مجلس الوزراء، لكن من غير الجائز أن نسمح بموت بقية أعضاء الجسم، لذلك نصر على انتخاب الرئيس في أسرع وقت ممكن لكننا في المقابل مع تفعيل مجلس الوزراء». ولفت معظم الوزراء الى أن ما دار في الجلسة أدى الى إخراج حق رئيس الحكومة في الدعوة لعقد الجلسات وفي إعداد جدول الأعمال من السجال ولم يبق أمام المجلس سوى الاتفاق على الآلية المتعلقة بالتوقيع على القرارات والمراسيم. وحسم سلام النقاش حول الآلية وقال: «أنا أعرف أن الأكثرية مع أن نمشي بجدول الأعمال مع أن وزيراً أو اثنين يعترضان على ذلك، وأنا آخذ رأيهم في الاعتبار لإعطائهم فرصة لأني كنت وما زلت أفضّل التوافق قبل اتخاذ أي قرار وأمل بأن يحسم الأمر الأسبوع المقبل». وكان قزي اعلن بعد انتهاء الجلسة انه «تم الاتفاق على عدم استعمال كلمة آلية لانها تعني اننا نؤسس لحال الشغور ونضع نظاماً دستورياً لمرحلة شغور رئاسة الجمهورية وهذا الامر نرفضه وقد اتفقنا على استعمال كلمة منهجية عمل مجلس الوزراء وهو ما اقترحته». واشار الى ان البحث تطرق في الجلسة الى التطورات الاقليمية، وخصوصا ما يحصل في العراق وتأثيره على سورية ولبنان»، لافتاً الى انه جرت مداخلات اكدت على «خطورة ما يحصل في العراق وعلى وحدة كيانات المنطقة». واشار ايضاً الى ان البحث تناول ايضا موضوع سلسلة الرتب والرواتب لجهة انعكاسها على الامتحانات وتصحيحها». وقال: «ان وزير المال اعطى مجلس الوزراء فكرة وافية وموضوعية عن الموازنة». واشار الى انه كان «نقاشاً ناشطاً في اجواء جيدة ولم يتم البحث في موضوع المنهجية وجرى الحديث عن قضايا سياسية كبرى». واشار الى ان البحث في جدول الاعمال ارجئ الى جلسة مقبلة بعدما طرح سلام ان يتم البحث في بعض البنود التي لا تحتاج الى مراسيم وتوقيع من رئيس الجمهورية وهي بنود عادية، ولكن كانت هناك آراء عارضت ذلك». ووصف الوزير حسين الحاج حسن اجواء الجلسة ب«الايجابية». واشار الى انه «لم يتم الاتفاق على آلية لعمل مجلس الوزراء وهي في حاجة مشاورات». أما الوزير وائل ابوفاعور فأعلن عن «تهيب في مجلس الوزراء لما يجري من تطورات في العراق، والتداعيات السلبية بالنسبة للبنان» . واعتبر ان ما حصل في العراق لازم واقعاً جديداً من النواحي الامنية»، داعياً كل القوى السياسية الى العمل على تحصين البلد وخفض منسوب الضغط.