يصل الى بيروت اليوم وزير الخارجية الأميركي جون كيري لإجراء محادثات مع رئيس الحكومة اللبناني تمام سلام وعدد من المسؤولين تتناول الأوضاع بعد الشغور الرئاسي، وسبل التعجيل في انتخاب الرئيس الجديد، في زيارة لها دلالاتها الإقليمية غداة الانتخابات الرئاسية السورية التي جرت أمس والتي كان كيري نفسه وصفها بأنها «مهزلة»، وغداة زيارة قام بها رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم الى لبنان وأطلق فيها مواقف مهمة تضمنت رؤيته لإعادة إعمار سورية والدول المجاورة لها، ولمساعدة المنطقة على التعافي من الصراع السوري. (راجع ص 7) وشهد لبنان أمس ايضاً فصلاً من فصول الانتخابات في سورية بعد «العراضة السياسية» التي قام بها مناصرو النظام من الأحزاب اللبنانية والسوريين المقيمين في لبنان الأربعاء الماضي الذي خُصص للاقتراع في الخارج، فجاء إقبال مؤيدي النظام على الانتخاب في مراكز الاقتراع الحدودية عبر معابر البقاع والشمال متواضعاً قياساً الى الأسبوع الماضي. وكان الرئيس سلام أعلن بعد اجتماعه مع رئيس البنك الدولي الذي حضر جانباً منه عدد من الوزراء وسفراء الدول المانحة، أن لبنان يحتاج دعماً دولياً كبيراً وسريعاً وفاعلاً من الأسرة الدولية لمنع انهيار الهيكل الاقتصادي فيه نتيجة عبء النازحين السوريين»، مذكراً بقرار مجموعة الدعم الدولية «إنشاء صندوق ائتماني لتمويل مشاريع تحد من تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي والإنساني وتكبح الاضطرابات الأمنية». وكرر كيم الإقرار بالأزمة الكبيرة التي يعيشها الشعب اللبناني بسبب أزمة النازحين والحرب في سورية. وزار كيم عدداً من مؤسسات النازحين السوريين، أشار الى مشاركة البنك الدولي في تصميم خريطة طريق حول الأولويات في تدابير مساعدة لبنان والتي لا تركز فقط على الاستجابة للتنمية المباشرة بل على إنشاء اسس النمو. لكنه تحدث عن ضرورة قيام الحكومة بإصلاحات ضرورية لا ترتبط بالأزمة السورية. وقال إنه ناقش مع سلام ووزير المال علي حسن خليل تحديات تنفيذ خطة كبيرة معدة تتناول الطاقة (الكهرباء) والنقل والاتصالات والمواصلات. وبدا أن كيم استفاد من لبنان منبراً لإطلاق رؤية البنك للتعاطي مع دول المنطقة على ضوء الأزمة السورية. وقال في ندوة عقدها بعد الظهر مع طلاب في وزارة التربية إن «المجتمع الدولي بما في ذلك مجموعة البنك الدولي والأمم المتحدة والجهات المانحة الرئيسية، يجب أن تضع خطة من شأنها أن تساعد ليس فقط في إعادة بناء سورية لكن أيضاً مساعدة لبنان والأردن وتركيا والعراق على التعافي من الآثار غير المباشرة والضخمة للحرب». الى ذلك، بحث مجلس الوزراء مساء أمس آلية اتخاذ قراراته في ظل الشغور الرئاسي، خصوصاً أن وزراء «التيار الوطني الحر» و «الكتائب» كانوا طالبوا بآلية للتصويت على القرارات وتوقيع المراسم الصادرة بالنيابة عن رئيس الجمهورية. وقال وزير الإعلام رمزي جريج: «أكد مجلس الوزراء أنه سيقوم بأعماله وفق النصوص الدستورية وفي إطار توافقي تحسساً للظروف السياسية القائمة وضرورة التعجيل بانتخاب رئيس جديد للجمهورية». وقال: «ناقش المجلس آلية تطبيقه المواد التي تحدد الصلاحيات التي أعطاها له الدستور وكالة عن رئيس الجمهورية وأعلن أنه سيعالج القضايا بروح المسؤولية الجماعية التي تكرست بمداخلات الوزراء». وأشار الى أن رئيس الحكومة «وضع كل الوزراء أمام مسؤولياتهم وفق ما ينص عليه الدستور بحيث إن الخلافات السياسية خارج مجلس الوزراء يجب ألا تنعكس على عمل المجلس وتؤدي الى الشلل وتعطيل المؤسسات الدستورية مع الأخذ في الاعتبار أن الهمّ الرئيسي تهيئة الأجواء لانتخاب رئيس جمهورية». وأوضح الوزير جريج: «اتفقنا على أن القرارات تتخذ بالتوافق أو التصويت وفق القانون مع الأخذ في الاعتبار الظروف الاستثنائية وتأثير الشغور الرئاسي على التوازنات». ولم يحسم مجلس الوزراء الآلية نهائياً، إذ ان وزير الخارجية جبران باسيل أصرّ على عدم اتخاذ قرارات في ظل عدم انتخاب رئيس للجمهورية. وردّ عدد من الوزراء مؤكدين أنه لا يجوز معاقبة مجلس الوزراء ومصالح الناس التي يديرها، لأنه ليس المسؤول عن عدم انتخاب الرئيس، وقال مصدر وزاري إن سلام أبلغ الوزراء أنه صبور جداً وفي الوقت نفسه «أنا صريح جداً ويجب تسيير أعمال مجلس الوزراء».