بروكسيل - أ ف ب - تسعى دول حلف شمال الأطلسي إلى إنهاء حملتها الجوية في ليبيا بنجاح وفي أسرع وقت ممكن على رغم تقلص وسائلها مع انسحاب المقاتلات النروجية وحاملة طائرات إيطالية. وتنهي النروج رسمياً اليوم الاثنين مشاركتها في عملية «الحماية الموحدة» التي كانت واحدة من الدول الثماني التي شاركت فيها منذ أربعة أشهر، بعد أن أوضحت أوسلو أنه لم يعد بإمكانها الاستمرار أكثر من ذلك في مثل هذه المهمة الثقيلة. كان البعض يعتقد أن التدخل في ليبيا الذي بدأ في شباط (فبراير) الماضي لحماية المدنيين من قوات العقيد معمر القذافي لن يستغرق سوى أسابيع. إلا أن الزعيم الليبي معمر القذافي الذي يحكم البلاد بقبضة من حديد منذ 1969 تشبث بموقفه وصمد لوقت أطول من المتوقع على رغم الآلاف من الضربات الجوية التي حدّت كثيراً من وسائل تحركه. ومن ثم بدأ الحلفاء يعدلون من تكتيكهم العسكري ومن تحركاتهم الديبلوماسية: ففي الأيام الأخيرة الماضية لمّحت كل من الولاياتالمتحدةوفرنسا وبريطانيا إلى إمكان بقاء القذافي في البلاد شرط تخليه عن كل سلطاته. ويقول الحلف الأطلسي إن انسحاب المقاتلات النروجية الأربع لن يؤثر في إيقاع سير العملية الجوية التي تجرى حالياً بواقع نحو مئة طلعة يومياً نصفها لتوجيه ضربات. والسبت استهدفت غارة جوية للحلف ثلاث مراكز إرسال للتلفزيون الليبي في محاولة لإسكات صوت القذافي. وقالت المتحدثة باسم الحلف كارمن روميرو «قلنا دائماً إن التسوية السياسية لازمة لإنهاء الأزمة لكننا قلنا أيضاً إننا سنواصل عمليتنا العسكرية الوقت الذي يتطلبه الأمر». وأضافت «القذافي لا يستطيع أن يستخدم عامل الوقت ضدنا». وقد عززت لندن مساهمتها في المهمة بإضافة أربع مقاتلات «تورنيدو» ما يعوض عملياً انسحاب الطائرات النروجية. وستعمل هذه الطائرات إلى جانب تلك التي تنشرها فرنسا وكندا وبلجيكا والدنمارك وإيطاليا والولاياتالمتحدة. إلا أن مسؤولين عسكريين بريطانيين حذروا من أن قواتهم المسلحة المنتشرة في ليبيا وأفغانستان يمكن أيضاً أن تبلغ حدها الأقصى. علاوة على ذلك قررت إيطاليا هذا الأسبوع تقليص بعثاتها العسكرية في الخارج إلى حد كبير بعد أن استعادت حاملة طائراتها غاريبالدي من ليبيا. ومع بدء نفاد صبر الحلفاء اعتبر قائد أركان الجيش الأميركي أن الحلف الأطلسي يواجه حالياً «مأزقاً» في ليبيا. لكن الأميرال مايكل مولن قال إنه «على المدى البعيد أعتقد أنها استراتيجية ناجحة وستتيح طرد القذافي من الحكم». ويرفض الثوار الليبيون فكرة بقاء القذافي في «واحة بالصحراء» الليبية. وتقول الباحثة ألكسيس كرو في مركز أبحاث «شاتام هاوس» اللندني «هناك حالة من الضبابية التامة». وأوضحت أن الحلفاء لم يتخذوا أبداً موقفاً واضحاً من المصير النهائي للعقيد القذافي مع تردد بعض الدول في المطالبة برحيله. ويتوقع أن يواجه تلاحم الحلف الأطلسي اختباراً جديداً في أيلول (سبتمبر المقبل مع انتهاء التفويض الثاني ومدته تسعين يوماً لمهمة الحلف. وطرحت الولاياتالمتحدة فكرة تفويض جديد للحلف الأطلسي لا يكون هذه المرة محدد المدة كما أفادت مصادر قريبة من المحادثات. وقال مسؤول في الحلف «إننا سنضع بذلك قواتنا في خدمة رسالتنا أي سنبقى طالما اقتضى الأمر. إلا أن الحصول على مثل هذا التفويض المفتوح المدة ليس سهل المنال حيث يتعين على بعض الدول أن تحصل على موافقة برلمانتها عليه. وكان وزير الدفاع الفرنسي جيرار لونغيه أكد أن فرنسا ستواصل عملياتها العسكرية في ليبيا و «لن تخفف الضغط» على القذافي. وقال الوزير في حديث لصحيفة «جورنال دو ديمانش» الأسبوعية إنه «إذا شعر القذافي ولو قليلاً بأن الوقت يلعب لمصلحته فإنه سيستخدم هذه الورقة إلى أقصى حد». وأضاف «سنواصل مهمتنا مهما استغرقت من وقت وبذلك نسهل التوصل إلى تسوية تفاوضية. نقول للقذافي إننا لن نخفف ضغوطنا ولمعارضيه إننا لن نتخلى عنهم». واعتبر جيرار لونغيه أن فرنسا تتدخل في هذا النزاع ب «عمليات تتناسب مع مستوى التحدي» مضيفاً «من المؤكد أن التدخل له تكلفة لكن عدم المضي فيه ستكون تكلفته أكبر بكثير». وأكد الوزير أن «فرنسا وبريطانيا ليستا وحدهما» لكنه اعتبر أن بلاده ترغب في «مشاركة أكبر لشركائنا في الاتحاد الأوروبي وأعني إسبانيا وألمانيا وبولندا ودول شمال أوروبا». وخلص «كلما كنا أكثر عدداً في إظهار أن لا شيء ممكن مع القذافي تمكنا من عزله كلياً.