أكد عضو هيئة كبار العلماء الدكتور قيس المبارك أن «التدخين» ليس من العيوب التي تمنع صحة النكاح. واعتبر أن من حق الزوجة أن توافق على من به عيب مثل التدخين إن هي أرادت ذلك. وقال «صلاح الخليَّة الأولى في المجتمع وهي الأسرة، من أسمى مقاصد الإسلام، ولذا فقد راعَى في تشريع عَقْد الزوجية انتظام أمر الأسرة، بإحكام آصرة الزواج، بضبط نظامها وتثبيت قواعدها، وبه يتمُّ حفظ الأسرة من جانب الوجود. كما راعَى البُعد عن الأسباب التي تضعف آصرة الزواج، أو تُفضي إلى انحلالها، فأقصى الأسباب التي تعود على الرابطة الزوجيَّة بالاختلال، سواء كان الاختلال واقعاً أو متوقَّعاً، وبهذا يتم حفظ الأسرة من جانب العدم». وأقر بأن «من مُتَمِّمات تقوية آصرة الزواج، سلامة الزوجين من أن يكون بأحدهما ما يُنفِّرُ الآخر منه، وهي ما يسميه الفقهاء الكفاءة، وعرَّفها الفقهاء بأنها المماثلة والمقاربة، فكلما كان الزوجان متقاربين كانت الرابطة الزوجية بينهما أشدّ وأقوى. فالشرعُ الشريف قد ندب إلى مراعاة أسباب المودَّة والأُلْفة، ومن أجلها حضَّ على نظر الزوجين إلى بعضهما قبل الزواج، وهو ما أشار إليه الحديث الشريف ( فإنه أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا ) أَي أن يكون سبباً لدوام المودة والألفة. فكل عمل يكون سبباً لتقوية الرابطة الزوجية فإنه مطلوب شرعاً، وكلُّ عمل يُخشى أن يكون سبباً للإخلال بهذه الرابطة فإنَّ إغلاقه مطلوب كذلك، وبهذا ندرأ أسباب الخصومات الزوجيَّة، ونكون قد مَهَّدنا السبيل للسعادة بين الزوجين». غير أن المبارك نبه إلى أن «لكلا الزوجين أن يقبل بمن يشاؤه زوجاً له، فقد ذكر الفقهاء أن سلامة الزوج من العيوب حق للرجل وحق للمرأة، فإن رضيت بزوج أقلَّ منها كفاءة فلها ذلك، فلها أن ترضى بزوج دونها في القدر أو في المال أو في الصحة أو في التدين، بل لها أن تقبل بزوج به عيب من عمى أو برص أو غير ذلك، بخلاف رضاها بكافر أو فاسق فسقاً اعتقادياً، فهذا لا يُزوَّج وإن رضيت به، لأن الحقَّ هنا لله وحده، فلا تُزوَّج المرأة كافراً، ولا يُزوَّج الرجل كافرة، باستثناء زواج الرجل من كتابية بشروط وضوابط معروفة». أضاف: «وشرب الدخان عيب من العيوب، فكثير من الفقهاء يرونه محرَّماً، غير أنه ليس شرطاً في صحة العقد، والخيار للمرأة في قبول الزواج من مدخِّن والرضا به، أو في رفضه. فالقول بتحريم الزواج من المدخن أو من العصاة، حرج كبير، بل إن القول بالتحريم في مثل هذه المسألة يؤدي إليه من نقض أكثر الأنكحة، كما قال العلامة ابن شاس والقرافي».