الدين لا يرضى ب «الفوضى» رداً على مقال الكاتب زياد الدريس، المنشور في «الحياة»، بعنوان «الشعب يريد إسقاط «الفوضى»، العدد «17505»، بتاريخ، «4 ربيع الآخر 1432ه» (9 آذار/ مارس 2011). الوقفة الأولى: كان الأولى بالكاتب، أن يكون عنوان مقاله المذكور الدين لا يرضى بالفوضى أو نحو ذلك، لا أن الشعوب تريد إسقاط الفوضى، لأن الشعوب للأسف الشديد في عصرنا هذا تعيش على الفوضى، والغالب فيها اتباع كل ناعق؛ كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه، في ما خرجه أبي نعيم في الحلية: الناس ثلاث: فعالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، والباقي همج رعاع أتباع كل ناعق، والرعاع هم الكثرة للأسف؛ فتعليق رفض الفوضى بالشعوب مجانب للحقيقة. الوقفة الثانية: ليس في شرعنا المطهر ما يسمى بالثورة على ولاة الأمر (الحكام) لتغيير الأوضاع الفوضوية كما يسميها الكاتب، وإنما جاء الكتاب والسنة بالسمع والطاعة لولاة الأمور، قال تعالى (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) وغيرها، وقال صلى الله عليه وسلم في ما خرجه الإمام مسلم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: «تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ» وغيرها. ولم تأمرنا شريعتنا الإسلامية بالثورات والمظاهرات لتغيير حال طرأ في دولنا؛ ليس هذا فحسب بل حرمت علينا الخروج على ولاة الأمر، وأن ذلك هو المنكر بعينه، وكذلك لم ترض بالظلم من أي شخص كان حتى من ولاة الأمر (الحكام)، وأرشدتنا إلى كيفية إزالة الظلم الذي كان بسبب الأمراء بالمناصحة لولاة الأمر بالطرق الشرعية المذكورة في كتب أهل العلم الربانيين، مثل كتاب الشيخ عبدالسلام برجس، رحمه الله، «معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة». الوقفة الثالثة: زعم الكاتب أن هناك فئة مداحة للوطن لتجلب لنفسها منافع، وألمح للسلفيين عندما قال: «وهي التي في الوقت ذاته تقدم دروساَ سلفية في التحذير من إطراء الرسول «صلى الله عليه وسلم»، كما يفعل غلاة المتصوفة!». ووالله هذا من الظلم للسلفيين أن يصفهم الكاتب بأنهم يطرون ولاة الأمر أو الوطن لجلب منافع دنيوية شخصية لأنفسهم، إنما الذي يدين الله به السلفيون هو السمع والطاعة لمن ولاه الله أمرهم في غير معصية الخالق، ولا ينزعون يداً من طاعة، وقول الحق دين، وإطراء من يستحق الإطراء وفق الضوابط الشرعية من غير غلو ولا تفريط مندبة لأن النفس تحب الإطراء. وواقع الحال يبرئ السلفيين من ذلك فإنه ملاحظ في الواقع أن السلفيين هم الفقراء من نواحٍ شتى، من ناحية الأموال، والمناصب، والظهور الإعلامي وغير ذلك، وهذا ليس ذماً لهم لأنهم ابتغوا ما عند الله وتركوا ما في أيدي الناس (مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ). الوقفة الرابعة: لو استشهد الكاتب ببعض رموز بعض الفرق لما جانب الحقيقة، فواقع حال أكثرهم التصنع والتزلف للحكام لنيل مكاسب ومنافع دنيوية، ويصدق فيهم قول القائل: يدور مع الزجاجة حيث دارت ويلبس للسياسة ألف لبس فعند المسلمين يعد منهم ويأخذ سهمه من كل خمس سالم باوزير - الرياض