لا تزال التبعات السياسية للزلزال الناجم عن هجوم «دوما الكيماوي» تتفاعل، مع إرجاء دخول فريق التحقيق التابع لمنظمة «حظر الأسلحة الكيماوية» إلى المدينة التي أعلن النظام السوري السيطرة عليها قبل أيام، وما فاقم الجدل إعلان روسيا أنه «لا جدوى من إجراء تحقيق جديد لتحديد المسؤول عن الهجوم بعدما تصرفت الولاياتالمتحدة وحلفاءها على أنهم القاضي والجلاد بالفعل». وكان النظام السوري أعلن الثلثاء دخول بعثة التحقيق إلى دوما للمرة الأولى، قبل أن تؤكد مصادر ل «رويترز» أن زيارة «المفتشين» لموقع هجوم دوما «تأجلت بعد إطلاق نار في الموقع أول من أمس أثناء زيارة فريق أمني تابع للأمم المتحدة». وقال مصدر آخر إن الفريق غادر بعد أن قابل محتجين يطالبون بمساعدات وتردد صوت إطلاق نار، فيما قال مسؤول مقرب من النظام السوري إن الفريق الأمني «قابل محتجين يتظاهرون ضد الضربات التي تقودها الولاياتالمتحدة، لكنه لم يذكر أي إطلاق نار». واعتبر إنها «كانت رسالة من الشعب»، مضيفاً أن البعثة «ستواصل عملها، لكن مصدر في الأممالمتحدة اكد إن المفتشين «لن يذهبون إلى دوما اليوم (أمس) على الأرجح». وقال مندوب بريطانيا لدى المنظمة بيتر ويلسون، إن مدير عام المنظمة أحمد أوزومجو صرح بأنه من غير الواضح متى ستتمكن بعثة تقصي الحقائق من دخول دوما بسلام، كما أكد تأجيل سفر فريق المفتشين، بعدما اضطر الفريق الأمني الأممي الذي كان يقوم بمهمة استطلاعية قبل وصول المفتشين إلى الانسحاب من دوما في أعقاب تعرضه لإطلاق نار. وجدد التأجيل اتهامات واشنطن وباريس إلى موسكو والنظام ب «إعاقة البعثة وتدمير الأدلة». وقالت الناطقة باسم الخارجية الأميركية هيذر نويرت: «لدينا القلق من أنه كلما تأخر فريق الخبراء في الدخول إلى دوما وإلقاء نظرة على عينات من التراب، هذا التأجيل قد يؤدي إلى اختفاء الأدلة على الأرض، لذلك نحن نريد دخولهم في أقرب وقت ممكن». وزادت: «نحن نريد للأدلة أن تكون واضحة قدر الإمكان». وفي تطور لافت، أبلغت روسيا مجلس الأمن أنه لا جدوى من إجراء تحقيق جديد لتحديد المسؤول عن الهجمات بأسلحة كيماوية في دوما، بعد الضربات الأخيرة في سورية التي وجهتها واشنطن وحلفاؤها، وهو ما اعتبرته موسكو استباقاً لنتائج التحقيق. واجتمع المجلس الثلثاء، للمرة السادسة خلال تسعة أيام في شأن سورية وسط مواجهة بين روسيا والقوى الغربية حول الهجوم الكيماوي. وطلبت روسيا تقديم إفادة أمام المجلس الثلاثاء في شأن مدينة الرقة في شمال سورية، حيث هزمت قوات تدعمها الولاياتالمتحدة تنظيم «داعش» العام الماضي، وفي شأن مخيم الركبان النائي للنازحين السوريين قرب الحدود مع الأردن والعراق. وقالت نائبة سفيرة الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة كيلي كوري أمام المجلس: «دعتنا روسيا إلى هنا في إطار حملة لتوجيه رسائل في محاولة لصرف الأنظار عن الفظائع التي يرتكبها نظام (الأسد)». وأضافت: «ولكي تفعل ذلك، تطلب روسيا من هذا المجلس تركيز انتباهه على الجزء الذي لا يقتل فيه نظام الأسد المدنيين بالقصف بالبراميل المتفجرة أو الأسلحة الكيماوية المحظورة». وكان المندوب السوري لدى الأممالمتحدة بشار الجعفري، قال إن محققي منظمة حظر الأسلحة الكيماوية سيزورون دوما اليوم «أمس» للبحث عن بقايا الضربة بالأسلحة الكيماوية، مشيراً إلى أن فريقاً أمنياً من الأممالمتحدة زار دوما الثلاثاء. وربط الجعفري بين قرار الدخول إلى دوما بقرار من الفريق الأمني الأممي والمنظمة، مؤكداً أن النظام قام بكل ما يلزم لتسهيل عمل الفريق الأممي. إلى ذلك، قال مدير منظمة (الخوذ البيضاء) السورية للإغاثة رائد الصالح، إن المنظمة حددت للمفتشين الدوليين أماكن دفن ضحايا الهجوم الكيماوي الذي وقع في 7 الشهر الجاري. وقال الصالح، المقيم في تركيا، ل «رويترز» عبر خدمة للرسائل النصية: «زودنا لجنة تقصي الحقائق بكل المعلومات الموجودة لدينا» بما يشمل مكان دفن الضحايا. أشار إلى إن جثث الضحايا دفنت سريعاً بسبب القصف المكثف، وإن موقع المقابر ظل سراً لمنع أي تلاعب بالأدلة. وأضاف: «الوضع في المدينة المدمرة الواقعة بالغوطة الشرقية كان كارثياً منذ اليوم السابق للهجوم بسبب القصف المتواصل، وهو ما أدى إلى عدم توفر الوقت للتعرف على هوية الضحايا وتوثيق وفاتهم». وقال: «كانت الأولية إيواء الضحايا ضمن التراب» بأسرع ما يمكن».