لم تكتمل فرحة سكان محافظتي الحرث والقرى التابعتين لمنطقة جازان بالعودة إلى الديار بعد نزوح لفترة طويلة، بسبب الحرب على المتسللين العام الماضي في المناطق الحدودية، إذ نغص عليهم سعادتهم ما طرأ على أسعار النقل الخاص من زيادات هائلة، ليتفاجأوا عند حمل أمتعتهم أول من أمس للرجوع إلى بيوتهم، بوصول كلفة الرحلة إلى 600 ريال للمشوار الواحد، إضافة إلى تكاليف نقل المواشي والأعلاف. وذكر أبو أحمد أحد النازحين ل«الحياة»، أن خبر تحديد موعد العودة جعل منها مصدر ربح طائل لسيارات النقل الخاص، باستغلالها عبر رفع أسعار «المشاوير» إلى مبلغ 600 ريال، إذ لم تكن قبل ذلك بهذا الغلاء، فكان مشوار النقل من الخوبة إلى سوق الأحد لا يزيد على 100 أو 150 ريالاً، لافتاً إلى أن سبب زيادة السعر يعود إلى رغبة النازحين في الاستقرار قبل شهر رمضان، ما دعاهم إلى عدم المفاوضة في السعر، لتوفير كل مستلزمات البيوت، خصوصاً أن معظم البيوت بحاجة إلى ترميم وتجهيز بالكامل، وجميع القرى الحدودية معتمدة على أسواق أحد المسارحة وسوق صامطة، التي تشهد زحاماً مع بداية شهر شعبان شمل حتى محال مواد البناء. وأشارت النازحة صالحة أحمد إلى أن منزلها لم يتعرض للسرقة وبقي كل شيء فيه، وإنما وجدت مجموعة من القرود احتلت البيت، وانه لم يكن على قدر كاف من النظافة والترتيب، ما جعل زوجها يقضي ثلاثة أيام في جمع مخالفات القرود وإصلاح أضرار البيت، ومنها قتل اثنين من الثعابين السامة التي وجدت بسبب تراكم الحشائش في البيت، لافتة إلى أنها سعيدة بالعودة، ومتعايشة مع الوضع الجديد مهما بلغت كلفة العودة، لأنها تبقى أرحم من النزوح وغطرسة أصحاب العقار. وقالت أم حسن: «تجربة النزوح أوضحت لي معنى المثل «من خرج من دارة قل مقداره»، فلقد عشنا تجربة لن ننساها، إذ كيف يكون بينك وبين بيتك ساعات ولا تستطيع دخوله، ويكتب عليك أن تعيش في شقة بحجم اصغر غرفة في بيتك، وكيف تفارق الجيران، فالعودة كانت حلماً تحقق اليوم، إلا أن ما يعكر الفرحة هو تكاليف النقل، فمن يملك سيارات نقل استطاع تدبير أمور منزله، ومن لا يملك يستعطف سيارات النقل على أمل أن ينتهي من تجهيز المنزل ونقل الأسرة، حتى لا يحسب عليه صاحب العقار ايجار شهر. فيما لفتت آمنة حسن إحدى العائدات إلى أنها طوال فترة النزوح لم تشرب أو تأكل شيئاً طبخ على الغاز أو الكهرباء على رغم سكنها في طابق علوي خلال الحرب، وأنها تنزل كل صباح إلى فناء البيت، وتجهز قوتها على الفحم كما اعتادت في قريتها حتى ساعات العودة إلى الديار.