في عملية أعادت إلى الأذهان الاعتداء الذي شنته حركة «طالبان باكستان» على قاعدة «مهران» لسلاح البحرية بمدينة كراتشي في أيار (مايو) 2011، وأدى إلى مواجهات استمرت أكثر من يومين مع قوات الأمن، اقتحم 10 من مسلحي الحركة مطار كراتشي الدولي، الأكبر في البلاد، أمس بهدف الاستيلاء على طائرات مدنية مليئة بالركاب. ما أدى إلى مواجهات استمرت أكثر من 12 ساعة وانتهت بمقتل المهاجمين وسقوط 18 ضحية، بينهم 9 من حراس المطار وعاملين. وأكد الهجوم الدموي هشاشة الوضع الأمني في باكستان، حتى في مواقع استراتيجية يفترض خضوعها لحماية مشددة. وحصل وسط تباين حاد في الرأي بين الحكومة والجيش حول الحوار مع «طالبان باكستان»، إذ ضغط الجيش لتنفيذ عملية عسكرية كبيرة ضد المتمردين بهدف تعزيز الأمن والاستقرار في البلاد مع اقتراب انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان المجاورة. وفتحت أجهزة الأمن تحقيقاً في كيفية تسلل المسلحين إلى المطار وإدخال كميات ضخمة من السلاح، مع ترجيح تسللهم من جهتين على الأقل بعد قص شريط شائك يسيّج مبنى الركاب القديم الذي لم يعد مستخدماً وأصبح مقراً لمكاتب موظفين ومشاغل ومخازن. وأشار مصدر أمني إلى ضبط أسلحة هندية مع المهاجمين وبينهم عدد من الأجانب، قبل أن يتهم وزير الإعلام برويز رشيد «جهات أجنبية» بتخطيط الهجوم وتنفيذه، متوعداً بالرد على هذه الجهات ب «اللغة ذاتها». وكانت كابول اتهمت الاستخبارات الباكستانية وتنظيم «عسكر طيبة» بالوقوف خلف هجمات استهدفت المصالح الهندية في أفغانستان، ومحاولة اغتيال المرشح الرئاسي عبدالله عبدالله قبل أيام في العاصمة الأسبوع الماضي، ما خلّف 12 قتيلاً. واعترف الناطق باسم «طالبان باكستان» شاهد الله شاهد خلال تبنيه الهجوم «رداً على قصف سلاح الجو التابع للجيش إقليم شمال وزيرستان القبلي (شمال غرب)»، بعد توقف الحوار بين الحكومة وممثلي الحركة، بمشاركة مقاتلين اوزبك في هجوم كراتشي. وهدد بتنفيذ اعتداءات أخرى في أنحاء باكستان إذا واصل الجيش استهداف مسلحيه وسكان مناطق القبائل، مشدداً على ضرورة استئناف الحكومة المفاوضات والحوار «بعيداً عن الخداع» لحل الإشكالات بين الطرفين. وأعقب ذلك تفجير انتحاري شاحنة مفخخة قادها أمام نقطة تفتيش تابعة للجيش في شمال وزيرستان، ما أسفر عن مقتل 4 جنود وجرح 7 آخرين. وكان الملا فضل الله، زعيم «طالبان باكستان»، دعا قبل أسبوعين عناصر الحركة إلى الاستعداد لجولة جديدة من العمليات ضد الجيش والحكومة. وتزامن ذلك مع زيارته مناطق قبلية باكستانية حيث التقى عدداً من قيادات الحركة، علماً أنه يمكث في أفغانستان ما دفع إسلام آباد وأجهزتها الأمنية إلى اتهامه بالارتباط بالاستخبارات الأفغانية والهندية، وتنفيذ مخططاتهما في أراضي باكستان.