تكشف العمليات المسلحة التي نفذتها الجماعات الجهادية في العراق، خلال الأيام الثلاثة الماضية، في ثلاث محافظات، وأدت إلى مقتل العشرات، وبينها احتجاز رهائن في محافظة الأنبار، تنامي قوة هذه التنظيمات في بلد بات يعاني تحديات أمنية كبيرة. وهاجم مسلحون ينتمون إلى تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) مدينة سامراء، وأعقب ذلك اشتباك كبير مع قوات الأمن في محافظة نينوى، وفي اليوم نفسه احتجزوا رهائن في جامعة الأنبار، إضافة إلى عمليات تفجير منسقة في بغداد. ويتبنى تنظيم "داعش" الذي أصبح أبرز الجماعات المتمردة في العراق، معظم الهجمات في البلاد وأكثرها دموية. ورأى المتخصص في الشؤون العسكرية، علي الحيدري، في حديث إلى "فرانس برس"، أن تنامي هذا التنظيم في البلاد سببه "نقص المعلومة الاستخباراتية التي عادة ما يكون مصدرها بشري"، موضحاً أن "المشكلة تكمن في أن سكان المناطق التي ينشط فيها عناصر داعش متعاونون معهم بسبب ضعف الشعور الوطني". وأضاف الحيدري أن "الشعور الطائفي غلب على الشعور الوطني، وفتح بالتالي لهؤلاء باب مناورات ومرونة لاستهداف القوات الأمنية". وأكد مصدر أمني ل"فرانس برس" أن التحقيقات أشارت إلى تعاون عدد من الطلبة الذين انتموا إلى تنظيم "داعش"، في عملية احتجاز الرهائن في جامعة الأنبار، مضيفاً أن "الاعترافات التي حصلت عليها القوات الأمنية بعد اعتقال عدد من هؤلاء، تؤكد أن العملية تهدف برمتها إلى منع الدراسة في الجامعة لأنها تمثل وجود حياة طبيعية، وإلغاءها يُعدّ نهايةً لملامح الحياة في هذه المدينة". بدوره رأى جون دريك، المحلل الأمني في مجموعة "ايه كي اي" التي تتخذ من لندن مقراً، أنه من الواضح أن "تنظيم داعش هو في موقف قوي جداً، وقادر على الصمود، ويفتح جبهة للقتال مع قوات الأمن". ويعاني الجيش العراقي من قلة التدريب والتجهيزات في هذا البلد الذي واجهت الولاياتالمتحدة تحديات لخفض العنف خلال فترة تواجدها فيه . وقال دريك إن "الولاياتالمتحدة التي تُعدّ أكبر قوة في العالم، واجهت تحديات كبيرة، فليس من المُستغرب أن تواجه القوات العراقية هذه الصعوبات"، واصفاً ما يواجهه الجيش العراقي ب"التحدي الكبير". من جانبه، قال كيرك سويل، ناشر مجلة "انسايد ايراكي بوليتكس" ومقرّه عمان، إن "العنف يظهر بشكل واضح أن المتمردين أكثر قوة، لكن السؤال لماذا "حافظوا على هذه القوة؟ ولماذا ليست القوات العراقية أكثر قوة للتعامل معها؟". وسلّط سويل الضوء على واحدة من القضايا، وهي حملة الاعتقالات التي تقوم بها القوات الأمنية، والتي تستهدف أحياناً "أبرياء"، واصفاً ذلك ب"السياسة الأمنية غير الفعالة تماماً". وبدأت أحدث هجمات واسعة النطاق صباح الخميس، عندما شنّ مسلحون يستقلون عشرات السيارات مجهزة بمدافع ثقيلة مضادة للطائرات هجوماً على مدينة سامراء، شمال بغداد، واحتلوا مناطق عدة فيها. وعلى إثر ذلك فرّ العديد من سكان المدينة إثر قتال وقصف نفذته مروحيات عراقية ضد أهداف داخل المدينة، التي سقط خلالها 12 من رجال الشرطة، وعشرات المسلحين، بحسب مسؤولين. وفي اليوم التالي، اندلع قتال عنيف بين قوات الأمن ومسلحين في مناطق متعددة في مدينة الموصل، التي تُعدّ من أخطر المدن الواقعة في شمال العراق. وأسفرت الاشتباكات والقصف عن مقتل أكثر من مائة شخص، على مدى اليومين الماضيين. وأمس (السبت)، تسلل مسلحون ينتمون لتنظيم "داعش" إلى جامعة الأنبار في مدينة الرمادي، غرب بغداد، واحتجزوا الطلاب والأساتذة رهائن، ما دفع قوات الأمن إلى شن عملية عسكرية لتحرير الطلبة، ودامت الاشتباكات بعدها لعدة ساعات. وقال دريك إن "استهداف شبان مدنيين مثير للعواطف أكثر من الهجمات على قوات الأمن". إلى ذلك، ضربت سلسلة من التفجيرات مناطق متفرقة في بغداد مساء السبت، أسفرت عن مقتل 25 شخصاً على الأقل، وإصابة العشرات بجروح.