توجه عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب مروان حمادة بكلمة لافتة طالت رؤساء الجمهورية ميشال سليمان والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي والأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصر الله ورئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط ورئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، استهلها بالقول: «آسفٌ أولاً للمشهد حيث في مقاعد الحكومة بعض الضمائر الحية التي تربطني بها، نعم لا تزال تربطني بها، أواصل الصداقة ومشاعر الموّدة. اسأل هؤلاء الأصدقاء وأنا أثمنّ لكل واحد منهم اعتراضه على اكثر البنود دقة في البيان الوزاري، أليس للعدالة مكانٌ اليوم حيال الشهداء الذين هم شهداؤكم؟ ألا تطرحون بينكم وبين أنفسكم أي سؤال حول «المتى» «والكيف» و«اللماذا». وألا تنتظرون من المحكمة التي يتنكّر لها مبدئياً بيانكم الوزاري أجوبة عن هذه الأسئلة المصيرية لترسيخ استقرار لبنان وضمان مستقبل أبنائه؟». وأضاف: «آسفٌ ثانياً للمنطق الذي يسود هنا، في مناقشة حكومةٍ وتمحيص بيان سبقتهما إطلالات جليلة كبلّت الفريق الحكومي ورئيسه وحذفت القليل القليل من الوضوح في البيان الوزاري وكأن الشخص حلّ مكان الحكومة». وتابع: «آسفٌ أيضاً لتحويل مناسبة برلمانية عريقة نتوق إليها منذ سنوات الإقفال والحصار فالانقلاب، إلى شبه جلسة تمهيدية للمحكمة الخاصة بلبنان تنقلب فيها الأدوار بين منصة الادعاء وقفص الاتهام. وآسفٌ أخيراً لكوننا نأخذ لبنان إلى حيث يعود منه العرب إلى حكم الحزب الواحد، حزب السلاح ممهدين لمناخات مجلس للشعب بدل مجلس النواب ولنظام شمولي تناضل الشعوب العربية وعلى رأسها الشعب السوري البطل للتحرّر منه». وأوضح حماده أن «مآخذنا على الحكومة قد تبدأ بطريقة تشكيلها ولا تنتهي بصوغ بيانها الوزاري. إنما قلقنا من حكومة كهذه على البلد أعمق بكثير من تحفظنا عن بعض أعضائها أو اعتراضنا على بعض ما تقدمت به لمجلسنا»، وقال: «قلقنا على لبنان واللبنانيين، على صيغة الوطن الأساسية ومواثيقه التأسيسية وطبيعة الوطن التعددية ليس نابعاً من تفصيلٍ أو بندٍ أو فقرة. قلقنا على البلد مما نشهده من ارتهان كلّي لهيمنة السلاح ومنطق القوة. فنحن هنا اليوم بالكاد نقوّم حكومةً أو نناقش بياناً. نحن نواجه سيطرة تتسّلل من خلالها إلى لبنان انماط أنظمة متهاوية عند أشقّاء لنا». وتابع: «قلقنا على لبنان من تغييب العدالة وتشريع الجريمة وإحلال شريعة الغاب مكان سلطة القانون وتفريغ المؤسسات من مضمونها. الدولة المطروح بناؤها هي اللادولة بعينها مشلولة الإرادة والذراع وتابعة بالمطلق إلى الدويلة بمرجعيتها الحزبية والإقليمية». وزاد: «لسنا هنا لمساءلة أحد سوى الحكومة برؤسائها الظاهرين والفعليين. لم نأت لتحريك مفصلة القضاء الدولي الخاص. لنترك له مهمات إصدار القرارات الظنية وتسمية المتهمين وإدارة النزاع بين الادعاء والدفاع وصولاً إلى الحقيقة الكاملة والحكم القاطع. لكن لنا، في هذا المجال بالذات ومع الحكومة بالتحديد، بالحقيقي منها والخفي حساب ثقيل، باهظ، حول المبدئية وخفاياها». وخاطب ميقاتي قائلاً: «لا يا دولة الرئيس ميقاتي، صديقك رفيق الحريري لم يستشهد مبدئياً. لقد اغتيل فعلياً بطنين من المتفجرات ومعه وبعده اغتيلت كوكبة من زملائك ورفاقك وأصدقائك ومواطنيك. لهم، كلهم، عليك حقٌ مقدس سيتابعك بل سيلاحقك، ولو مثقلُ بثقة المجلس، إلى دهر الداهرين. إن ابشع مسلسل لأبشع الجرائم في تاريخ لبنان يوشك، بعد ثلاثين عاماً ونيف من اللامبالاة واللاتحقيق واللامساءلة واللاعقاب، يوشك أن ينكشف بمنفذيه وإن شاء الله، بمقرريه». وقال: «بالمناسبة سألت نفسي ولا أزال لماذا هذه الشراسة في معارضة المحكمة ومحاولة تعطيلها. أهي فعلاً اميركية - صهيونية. أهي فعلاً فاسدة، منحازة متآمرة. أم تحت أبط احدٍ مسلة، في لبنان أو محيطه. لماذا كلّما صدر خبر عنها أو بيان منها أو رواية حولها، تقوم الدنيا ولا تقعد اعتصاماً في الساحات وإقفالاً للمؤسسات وإطاحة بالحكومات وإمعاناً في الاغتيال وتمادياً في التهديد وإشهاراً للوجود المسلح وصولاً إلى الضغط على رئيس الجمهورية ليتراجع عن ابرز فقرات خطاب قسمه ويتخلى عن موقعه التوافقي وخياره الوسطي؟». وطالب ميقاتي ب «التخلي فوراً عن الصيغة المعتمدة في البيان حول المحكمة والعودة إلى ميثاق الوفاق الوطني وتسوية الدوحة فيعود الالتزام مكان الاحترام ويحل التعاون محل المتابعة وتحذف نهائياً عبارة «مبدئياً» التي لا تعني إلا التخلي عن المبدئية الحقيقية لحساب الإذعان لغير المبدأ». وأكد مخاطباً «دولة الرئيس والزملاء»، أن «المحكمة ليس عدوة، إنها حليفتكم لإخراج لبنان من براثن الجريمة المنظمة والطليقة اليدين. أكثر من ذلك أؤكد يا دولة الرئيس بري أن المحكمة الدولية حمتك في السنوات الأخيرة من كل متربص إسرائيلي كان أو غير إسرائيلي، وقد تكون هي التي تحميك اليوم. وأنت يا دولة الرئيس ميقاتي الذي أسست للمحكمة بلجنة التحقيق الدولية مشكوراً أتمنى أن لا تحتاج حكومتك يوماً إلى جهاد كهذا لردع أي مسيء أو حاقد أو معتدٍ». وخاطب عون مذكرا إياه بأن «المجتمع الدولي الذي يسخرُ منه حالياً انقذه وحماه عندما شرّع انقلاب موازين القوى في المنطقة أبواب بعبدا وقصرها». كما خاطب جنبلاط، واصفاً إياه ب «صديق ورفيق العمر»، قائلاً: «المحكمة التي لم تكن آنذاك لتحمي الشهيد الكبير كمال جنبلاط، قد تكون حمتك عندما أدرجّت في رأس لائحة المغضوب عليهم إقليمياً». وقال: «يا سماحة السيد حسن نصر الله كل ما نتطلع إليه ونتمناه أن يأتي يومٌ نستطيع معك إنشاء محكمة خاصة بفلسطين وبكل أراضينا المحتلة في لبنان وسورية لنصرة حقوق شعوبنا ومقاومينا وشهدائنا»، وأضاف: «نحن لا نُضمر شراً لأحد، نريد للبنان الأمن والسلام والازدهار والعدالة. وفي الوقت نفسه لا نقبل تجريحاً أو تهويلاً أو تخويناً من أحد ولا نخاف أحداً مهما علا شأنه واشتدت ذراعه». وزاد: «نحن لا نتهم هنا أحداً ولا نعمم إقراراً ظنياًً ولا نقرّ إضبارة قبل وخارج المحكمة. لكننا نريد ونصّر على أن نعلم، بالتأكيد قبل مهلة الثلاثمئة عام، من قتل رفيق حريري وباسل فليحان وسمير قصير وجورج حاوي، لن ينتظر الشعب اللبناني ثلاثمئة سنة لكشف قتلة جبران تويني وبيار الجميل ووليد عيدو وأنطوان غانم ووسام عيد وبالإذن من مديرية التوجيه - فرنسوا الحاج. لا نقبل من جهة أن يُجزم بأن فلاناً قتل ولا أحد آخر. كما لا نقبل في المقابل أن يقال كل الناس قتلت إلاّ فلان. فالمعادلة الحقيقية، إن رضي القتيل أن يرضى القاتل أيضاً». وذكر بمقولة غسان تويني يوم كان سفيراً أمام الأممالمتحدة عام 1978، اثر الاجتياح الإسرائيلي الأول للبنان: «اتركوا شعبي يعيش»، وبمقولة الرئيس رفيق الحريري عام 2003 «ما حدا اكبر من وطنه». واعتبر أنه «اليوم يمكن القول جمعاً واستنباطاً في جملة واحدة «اتركوا شعب لبنان يعيش وما حدا يفكر حاله اكبر منوّ». وأضاف: «من هنا نقول لحكومة «كلنا للعمل، كلنا للوطن» لا تتحولي إلى حكومة كلنا للعمل ضد الوطن».