أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها مشتتة ومربكة، تلك الديكورات التي تظهر بها استديوات الفضائيات العراقية، فتزاحم الألوان الصارخة التي تنعكس عليها مصابيح الإضاءة تنتج نوعاً من صورة غير متناسقة تتعب عين المشاهد بالتأكيد. والتسابق على المزج بين اللونين الأحمر والأزرق يبدو واضحاً في تصاميم غالبية استديوات الأخبار والبرامج حتى أن هناك فضائيات فقدت هويتها الخاصة وباتت نسخاً عن باقي مثيلاتها. مهما يكن فإن محاولة التميز عن الغير تبدو أكثر صعوبة في ضوء شيوع عملية تقليد الفضائيات بعضها بعضاً، واستخدامها الألوان ذاتها، فضلاً عن الإرباك الواضح في استخدام بعض الديكورات المبالغ فيها أثناء تصميم الاستديوات. حسن فريد الدلوي مصمم ديكور يرى أن الاهتمام بالديكور أو تصميمه طبقاً لمواصفات عالمية أمر غير وارد في الفضائيات العراقية. ويضيف: «إن كل ما يهم المشرفين على العمل هناك هو أن يتناسب الديكور مع الموازنة المرصودة له، وأن يستخدم المصمم ألواناً براقة وشائعة، أما أن يكون مميّزاً أو منافساً لديكورات أخرى فأمر ليس مهماً البتة». الاستديوات التي تبث منها الفضائيات العراقية برامجها وأخبارها لا يقل ارتفاع سقف الواحد منها عن عشر أمتار بحسب المقاييس المعتمدة في غالبية الفضائيات العراقية، في وقت استغنت غالبية الاستديوات في العالم عن هذه الشروط وباتت تستخدم استديو بنصف الارتفاع السابق مع خلفيات بسيطة تضفي عليها الإنارة المتناسقة جواً من الارتياح وتمنحها جمالية خاصة لا تشتت عين المشاهد. أسعد جميل خبير الإنارة يؤكد أن غالبية أنواع الإنارة المستخدمة في الاستديوات العراقية هي الإنارة الحارة، إذ ترفض غالبية الفضائيات استخدام الإنارة الباردة التي تستخدمها الاستديوات في العالم، فضلاً عن إصرار بعض المسؤولين على تصميم استديوات ضخمة على حساب الديكور. ويبدو إيجاد هوية خاصة للفضائية من خلال الديكور أمراً أكثر صعوبة في ضوء استعانتها بالمصممين ذاتهم ممن عملوا في فضائيات أخرى، باستثناء بعضها الذي يلجأ الى استقدام خبراء في فن الديكور من دول أخرى وهي محدودة العدد. فالفضائيات تفضل الاستعانة بمصممين تقليديين لا يفرضون شروطاً خاصة ولا يتقاضون أجوراً عالية، وهي لا تهتم كثيراً بالديكور قدر اهتمامها بتسويق الإيديولوجية والأفكار التي تتبناها. ستار عبد المحسن أحد مصممي الديكور يقول: «نحن نعمل بقدر ما يدفعون، ثم إن المشرفين على العمل لا يتركون للمصمم مجالاً للإبداع ويفرضون عليه آراءهم وأذواقهم التي غالباً ما تكون تقليدية وبعيدة عن الطراز الحديث في تصميم الاستديو».ويؤكد أن بعض الفضائيات العراقية يلجأ الى تقليد مثيلاتها العربية في تصميم خلفيات البرامج المقدمة والاستديوات، «لكنها لا تفلح دائماً في نسخ صورة أفضل بل إنها غالبا ما تشوه الصورة الأصلية. وهي على رغم إدراكها أهمية الديكور، ترى أن هذا الأمر لا يشكل هماً بالنسبة لها طالما أن غالبية الفضائيات في العراق لا تعير الأمر اهتماماً مباشراً».