كيف تقاطعت طريقا جوناثان بولارد وأنطوني واينر؟ الأول جاسوس يهودي أميركي لإسرائيل ينفذ حكماً بالسجن مدى الحياة، والثاني عضو ديموقراطي يهودي في مجلس النواب عن نيويورك استقال الشهر الماضي بعد فضيحة إرساله «تكست» ضم صوراً له شبه عارية الى شابة في الحادية والعشرين من العمر. حكومة إسرائيل الفاشستية ليس عندها قضية هذه الأيام غير السعي للإفراج عن بولارد الذي خان بلاده على امتداد حياته النجسة خدمة لإسرائيل، فهو حاول منذ تخرجه من الجامعة أن يعمل في أجهزة الاستخبارات الأميركية، ورفضته سي آي أي بعد أن أظهرت أجهزة اكتشاف الكذب أنه أدمن المخدرات بين 1974 و1978، وانتهى محلل استخبارات في البحرية الأميركية حيث طلب رؤساؤه مرتين عزله للشك في ولائه. هو أرسل مئات ألوف الوثائق الى إسرائيل، واعترف شريك له في التجسس اسمه بن-عامي كاديش لخفض العقوبة عليه، وكانت زوجته آن شريكة له وسجنت خمس سنوات ثم أفرج عنها، وهي بررت الخيانة بالقول في برنامج تلفزيوني «عملنا ما أوحى ضميرنا لنا أن نعمله كيهود ولست نادمة»، وهذا كلام ترجمته أن اليهود يخدمون إسرائيل لا «بلدهم» الذي ولدوا فيه وعاشوا من خيره. ومن حسن الحظ أن غالبية اليهود حول العالم لا يتجسسون ولا يقدمون مصالح إسرائيل على بلادهم. وجوناثان وآن طلقا في وقت لاحق، وتزوج غيرها. إسرائيل منحت بولارد جنسيتها سنة 1995، والإرهابي بنيامين نتانياهو طالب خلال مؤتمر واي ريفر سنة 1998، وهو في وزارته الأولى، بالإفراج عن بولارد، وزاره في السجن سنة 2002 وهو معارض، وعاد للمطالبة بالإفراج عنه السنة الماضية وهذه السنة، وطالب الكونغرس بالضغط على الرئيس أوباما للإفراج عنه. هذه الأيام لا يشغل إسرائيل سوى حملة جديدة للإفراج عن الجاسوس بولارد، وقد هدد أعضاء في الكنيست بمقاطعة حفلة السفارة الأميركية اليوم، لمناسبة عيد الاستقلال الأميركي، إذا لم تذعن أميركا للضغط اليهودي وتفرج عن جاسوس خائن ألحق أذى بالغاً بأمن الولاياتالمتحدة. بل قرأت لمعلق إسرائيلي احتجاجاً على منع زوجة بولارد من زيارته لممارسة «الزوجية» معها. وأنتقل الى انطوني واينر الذي بقي عضواً في الكونغرس من 1999 حتى استقالته تحت وطأة الفضيحة الجنسية، وهو كان أنكرها في البداية، ثم تكاثرت الأدلة عليه فاعترف باكياً وأعلن الاستقالة. واينر ليكودي آخر كان في الكونغرس ليخدم إسرائيل لا الولاياتالمتحدة، وهو صوّت تأييداً للحرب في العراق (وأعلن في وقت لاحق أنه ندم)، وحاول منع منظمة التحرير الفلسطينية من حضور الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، زاعماً أنها منظمة إرهابية، وهو هاجم «نيويورك تايمز» ومنظمة العفو الدولية ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان بتهمة العداء لإسرائيل. سجل واينر ليكودي خالص عندما لا يكون مشغولاً بالجنس، وهو في 29/7/2007 عارض صفقة سلاح أميركية للمملكة العربية السعودية بمبلغ 20 بليون دولار وعاد السنة الماضية فعارض صفقة سلاح جديدة للسعودية بمبلغ 60 بليون دولار، وقال في رسالة مع عملاء لإسرائيل مثله «إن السعودية لا تستحق المساعدة منا»، مع أن الواقع أن السعودية هي التي تساعد الولاياتالمتحدة لا العكس. كنت أراجع سجل تصويت هذا العضو الليكودي الفاجر في الكونغرس بعد انفجار فضيحته الجنسية عندما وجدت أن نشاطه الآخر، أي تمثيل إسرائيل في الكونغرس، يتقاطع مع تجسس بولارد. وجدت أنه والأعضاء الديموقراطيين بارني فرانك من مساتشوستس، وادولفوس تاونز من نيويورك، وبيل باسكريل من نيو جيرسي بعثوا برسالة الى البيت الأبيض تطالب بالإفراج عن بولارد، لأن من شأن ذلك أن يكون له وقع طيب لدى شعب إسرائيل. وهو كان بين 39 عضواً في الكونغرس وقعوا في 18/11/2010 رسالة الى البيت الأبيض على شكل التماس للعفو عن بولارد زاعمين انه لم يؤذ مصالح أميركا ولم يكن عميلاً لإسرائيل. كلهم عميل لإسرائيل ويخون مصالح الولاياتالمتحدة، إلا أن أغرب ما وجدت عن واينر أن زوجته منذ 2010 اسمها هوما عابدين، وأن أمها صالحة محمود عابدين، نشطة في جماعة الأخوان المسلمين في مصر، وبما أن المسلمة، شرعاً، لا تستطيع أن تتزوج غير مسلم، فإنني لا أتصور أن واينر أشهر إسلامه ليتزوجها، فلا أدري مدى شرعية هذا الزواج، وأترك الموضوع لعلماء الدين. [email protected]