وصف متخصصون في قطاع بيع المواد الغذائية سلوك المستهلكين ب«السيئ»، نتيجة التدافع السنوي المتكرر في المواسم، وعدم الشراء قبل وقت كافٍ، ما يتسبب بالضغط على الأسواق، ورفع الأسعار من منافذ البيع الصغيرة وتجار الجملة، مستغلين تدافع المستهلكين وعدم تركيزهم في مراقبة الأسعار والتأكد من صلاحية السلع. وتشهد الأسعار - بحسب المتخصصين - ثبات معظم السلع، وانخفاض سلع أخرى مثل الدجاج المجمد والسكر، معتبرين «جهل» بعض المستهلكين بالاستفادة الحقيقية من العروض دافعه اللامبالاة وعدم التثقيف الشخصي بطرق الاستفادة من العروض وشركاء الكميات، ما يتسبب بهدر كبير للأغذية وانتهاء صلاحيتها من دون استخدامها. وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة أسواق العثيم يوسف القفاري، أن الأسعار خلال الفترة الحالية تشهد ثباتاً بشكل عام، فيما شهدت سلع مثل الرز بعض الارتفاع، وانخفضت أسعار سلع أخرى مثل الدجاج المجمد والسكر. ودافع القفاري عن الأسواق المركزية، بوصفها أحد أهم الركائز في ضبط الأسعار وحمياتها من التلاعب وسط منافسة شديدة من الأسواق لخفض الأسعار في المواسم، مضيفا: «أصبح لدى المستهلكين وضوح في الرؤية من حيث مقارنة أسعار السلع عبر قوائم الأسعار ثم التوجه للمركز التجاري الأرخص سعراً، وبعضهم حين يتهم الأسواق المركزية لا يعرف آلية عملها، إذ إن أرباحها لا تأتي من عمليات الشراء، بل من تأجير الرفوف على المصانع والموردين، وهذا واضح ومفصح عنه عبر القوائم المالية». وقال القفاري إن ما يوجه للأسواق المركزية من إدعاءات برفع الأسعار، كونها أسواق بيع بالتجزئة وتقدم المنتجات النهائية للمستهلكين من دون النظر للعمليات الأخرى من تصنيع وتوريد، مضيفاً: «الناس يتوقعون أننا نخفض سعر سلعة ونرفع سعر أخرى، وهذا غير صحيح لأن الأسعار مكشوفة، المشكلة تكمن في الأسواق الصغيرة ومحال البقالات التي لا تملك تسعيراً للبضائع ولا نظاماً محدداً، ما يمكنهم من التلاعب بالأسعار بكل سهولة، وتمرير بعض المنتجات التي قاربت على انتهاء الصلاحية، المحال العشوائية لا تستطيع منافسة المراكز الكبرى في الأسعار، ويجب تنظيمها لأن وجودها مهم». وأكد الرئيس التنفيذي لأسواق العثيم أن جميع المراكز قدمت تجهيزاتها لشهر رمضان منذ فترة طويلة، واضعاً الكرة في ملعب المستهلكين لشراء حاجاتهم باكراً، لتلافي الازدحام والأخطاء، مضيفاً: «مثل العادة يتكرر لدينا السلوك الاستهلاكي السيئ بتأجيل التسوق لآخر يومين، وبدلاً من قضاء نصف ساعة تمتد لثلاث ساعات، وفيها ما فيها من ربكة وزيادة الخطأ وتشوش واحتمال تداخل المشتريات مع عملاء آخرين وسط حالات تذمر، وهذا بسبب التأجيل». وأوضح القفاري أن السوق المحلية عوضت ما أصابها من نقص في سلعة عدة بسبب الربيع العربي، لزيادة المنتوجات الداخلية، إذ وضح التوجه الزراعي وإنشاء عدد من الشركات الزراعية، ومنها ما قامت به شركته بالتوجه لزراعة الخضراوات والفواكه، وتربية المواشي لتحقيق الاكتفاء الذاتي. فيما رأى صاحب منافذ بيع بالتجزئة عبدالله الأحمد أن المستهلكين يتذمرون، وهم السبب الرئيس في المشكلة التي تتكرر كل عام قبل رمضان، على رغم التوعية ومعرفتهم بما يواجههم، موضحاً أن المستهلك يشتري منتجات تفوق حاجاته بكثير، مستسلماً لإغراءات العروض. وأكد الأحمد أن المستهلكين لا يعرفون طريقة التعامل أو التفاعل مع العروض للمواد الغذائية والاستهلاكية، قائلاً: «في أحد أنواع العصائر المركزة الشهيرة يقوم بعض المستهلكين بشراء كرتون قيمته 80 ريالاً، ليوفر من قيمة كل زجاجة ريالاً واحداً، بينما حاجته الفعلية طوال الشهر لا تتعدى 3 زجاجات على الأكثر قيمتها 36 ريالاً، والمتبقي تنتهي صلاحيته ويُرمى، بينما هناك منتجات طويلة الصلاحية، مثل المنظفات وتأتي معها عروض ولا يشترونها، والذين يعرفون الاستفادة منها المستهلكون الأجانب، بينما المستهلك السعودي ما زال يعاني من الجهل في التعامل مع حاجاته، ويدخل في مرحلة الإسراف وعدم الاستفادة من العروض الحقيقية». وأوضح أن المنافسة في الأسواق المركزية وخصوصاً في المواسم تحد من تلاعب تجار الجملة أو أصحاب الأسواق الصغيرة، مؤكداً أن وعي المستهلك هو الركيزة الأساسية في شراء حاجاته باكراً، مضيفاً: «على المستهلك الالتزام بما يحدده قبل الشراء وعدم الاستسلام للعروض نهائياً، بل يلتزم بما يريد شراؤه، ويقارن بين البدائل ويبحث عن الأرخص سعراً». واستشهد بأحد أنواع العصائر المعبأة التي يباع الكرتون منها ب22 ريالاً، بينما هناك بديل آخر قيمته 15 ريالاً، ولكن المستهلك تعود على البحث عن سلعة باسم تجاري معروف، بينما هناك بدائل جديدة أجود وأرخص. وامتدح الأحمد المستهلك الأجنبي مقارنة بنظيره السعودي، موضحاً: «المقيمين يعرفون المقارنة بين البدائل ويدرسون حاجاتهم لفترة طويلة، ويستفيدون من العروض، ويعرفون العروض الوهمية التي تأتي لتصريف بضاعة قاربت على الانتهاء، ولكن المستهلك السعودي عشوائي ومتخبط، وما يرفع كميات الشراء في رمضان على سبيل المثال هو مضاعفة الكميات من المستهلكين والتي ترمى في النهاية». وكشف أن مؤشر الأسعار في كثير من الأحيان يقدم أسعاراً أغلى من قيمتها الحقيقية في الأسواق، لأنهم لا يذكرون العروض التي تأتي على المنتجات أو يحدث تلاعب من بعض الأسواق ببيع المنتجات المجانية تحايلاً وسرقة لما تقدمه المصانع من منتجات ترويجية، فتبيع السلع بأرخص من أسعارها بالمؤشر، ولكنها تحرم المستهلك من «سلعة + سلعة» مجاناً. وطالب الدولة بالتدخل في حماية أسعار بعض السلع الزراعية عبر توجيه المزارعين بالتركيز عليها، موضحاً بقوله: «أسعار بعض السلع مثل الطماطم ترتفع لأسعار خيالية، وهذا سيستمر طالما أننا ما زلنا نستورد مزروعات بسيطة مثل الطماطم والخيار».