أمر ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة بتشكيل لجنة خماسية مستقلة لتقصي الحقائق مهمتها التحقيق في ما جرى خلال اسابيع من الاضطرابات في شباط (فبراير) وآذار (مارس) الماضيين وأسفرت عن عشرات القتلى والجرحى، وإصدار توصيات ملزمة لمنع تكرار ما حدث. وقال الملك حمد، في جلسة استثنائية للحكومة حضرها رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان والأمير سلمان بن حمد ولي العهد نائب القائد الاعلى، «بعد سلسلة من المشاورات، بعضها مع المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الانسان، أمرنا بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في حقيقة ما حدث». وذكرت «وكالة أنباء البحرين»، ان الملك أكد «العزم الجاد على استعادة الثقة وتوحيد الرؤى بغية الاستمرار في مسيرتنا لمزيد من الإصلاح، بالتشاور من خلال حوار التوافق الوطني الشامل». وستبدأ جلسات الحوار السبت وقد يكون تشكيل اللجنة حافزاً لجماعات معارضة لم تُعلن بعد ما اذا كانت ستشارك في الحوار. وشدّد الملك على ان «الأحداث المؤسفة التي مرت بنا خلقت جواً مأزوماً واحتقاناً غير مسبوقين، ما دفع بالكثيرين إلى التخوف من أن تؤدي سياسة الديموقراطية والانفتاح، التي أكدنا عليها منذ تولينا مقاليد الحكم، إلى إتاحة الفرصة لبعض المتشددين لاختطاف البلاد إلى حالة من الفوضى والتطرف». وقال: «لن نسمح لأي متشدد يدعو الى الفوضى أو التطرف لاختطاف تجربتنا الإصلاحية، كما لن نمكن للتخوفات أن تكون وراء أي قرار رسمي، ولا يمكن أن نمكن لطرف على حساب آخر أو أن نترك البلد نهباً لمحاصصات تجزيئية تفتته ولا تجمع أهله، فالغضب لا يعطي دروساً بل هي حالة يختفي معها التفكير الواضح السليم مثله مثل الخوف». واضاف: «ستباشر اللجنة اختصاصاتها باستقلالية تامة ومن دون أي تدخلات من أي نوع لتقدم تقريرها لنا لاتخاذ ما يلزم من إجراءات... وفي هذا الخصوص، أصدرنا أمراً ملكياً بأسماء أعضاء اللجنة واختصاصاتها، مؤكدين على الوزراء وجوب التعاون معها ودعم عملها من دون أي تحفظ، آملين أن تسهم مخرجات هذه اللجنة في كشف الحقائق، وأن تكون مساندة للجميع في وضع أحداث الفترة الماضية خلفهم عند استشرافهم مستقبلاً مشرقاً يجمعهم ويحافظ على لحمتهم». وجاء في الأمر الملكي «ان اللجنة ستكون خماسية برئاسة الدكتور محمود شريف بسيوني وعضوية القاضي فيليب كيرش ونايجل رودلي والدكتور ماهنوش ارسنجاني والدكتورة بدرية العوضي». وبسيوني أستاذ للقانون في كلية دي بول في شيكاغو والامين العام للرابطة الدولية للقانون الجنائي ورئيس المعهد الدولي للعلوم الجنائية. وكيرش قاض كندي كان عضواً في المحكمة الجنائية الدولية. ورودلي بريطاني عضو في لجنة حقوق الانسان في الأممالمتحدة. وسيحق للجنة الإطلاع على الملفات والسجلات الحكومية، ولها مطلق الحرية في مقابلة أي شخص تراه مفيداً لها، بما في ذلك ممثلي المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان والجمعيات السياسية، والنقابات العمالية، والضحايا المزعومين، وشهود الانتهاكات المزعومة لحقوق الانسان المصونة دولياً. ونص الأمر على ان تضع اللجنة تقريراً بنتيجة عملها، يتم نشره كاملاً بعد عرضه على الملك في موعد اقصاه 30 تشرين الاول (اكتوبر) المقبل. وسيحق للجنة تقديم أي توصيات تراها بما في ذلك التوصية بإجراء التحقيق أو المحاكمة لأي شخص بما في ذلك المسؤولين أو الموظفين العموميين، والتوصية بإعادة النظر في الإجراءات الإدارية والقانونية، والتوصيات المتعلقة بإنشاء آليات مؤسسية تهدف إلى منع تكرار أحداث مماثلة وكيفية معالجتها. وكان سقط خلال الاضطرابات، التي رُفع خلالها شعار «اسقاط النظام» 24 شخصاً بينهم عدد من رجال الأمن كما قتل اربعة اشخاص في الاعتقال وسط فرز طائفي رافقه دخول قوة من «درع الجزيرة» لحماية المنشآت العامة. وفي خطوة اخرى للتطبيع والمساهمة في تسهيل الحوار، اصدر الملك امراً ينص على ان تُحال على المحاكم العادية جميع القضايا والطعون، التي لم تفصل فيها محاكم السلامة الوطنية، وهي المحاكم الاستثنائية التي أُنشئت بموجب اعلان حالة الطوارئ قبل رفعها مطلع حزيران (يونيو). ونص الأمر على السماح بالطعن في الأحكام الصادرة من محكمة السلامة الوطنية الاستئنافية أمام محكمة التمييز.