لا نقع على قطاع ثقافي أو إنتاجي تتجسّد فيه العولمة كما هو قطاع الرياضة، وخصوصاً كرة القدم. فهنا بالذات تظهر صورة العلاقة في تحققاتها الأكثر وضوحاً. المسألة تتعلّق بارتباط وثيق بين تلك الرياضة الشعبية الأولى في العالم وبين قوّة البث الفضائي وشموليته، والذي بات أقرب إلى مفهوم «المركزية». نقول هذا ونتذكّر مثلاً حال مباريات كأس العالم قبل البث الفضائي، وكيف تعاظمت شعبية اللّعبة بعد أن سمحت التقنية التلفزيونية لبلايين من البشر بمتابعة مباراة محدّدة من بيوتهم في أربعة أركان الأرض. وكلُ ذلك بالطبع له خلفيته التجارية بصفقاتها وملايينها، وفوائدها على الأندية والفرق واللاعبين والإعلانات التجارية وغيرها. كيف تبدو إذاً الاستفادة العربية من هذا كلّه؟ سؤال يحيلنا إلى العلاقة الشائكة بين الإعلانات وبين القنوات الفضائية، ومن خلف تلك العلاقة صورة البث ذاته، وما تحمله من مصاعب وإشكاليات، لعلّ أبرزها اليوم سطوة الإعلان في تحديد أشكال وموضوعات الدراما التلفزيونية، وضآلة المساحة المخصّصة للثقافة في بثّنا الفضائي العربي عموماً. العولمة التلفزيونية جعلت وتجعل العالم مساحة بث تضيع معه حدود السلعة المنتجة، وربما صار بإمكاننا أن نقول ان هذا بالذات – مع ما يحمله من مخاطر – يفتح أمام صناعاتنا الوطنية أبواب التنافس الحقيقي والوصول الى أماكن لم يكن بمقدورها الوصول إليها سابقاً. شرط ذلك هو بالتأكيد معرفة كيفية التعامل مع الواقع العالمي الجديد، وعدم التوقف طويلاً أمام مقولات المؤامرة التقليدية، والتي لا تحلُ مشكلة ولا تصنع تقدماً. هي لعبة ذات حدّين، وعلينا كشعوب كما كجهات إعلامية تستخدم الفضاء أن نتعرّف إليها، وأن نحسن استخدامها كي لا نظلّ مجرّد مستهلكين ندفع ولا نستفيد، نتأثّر ولا نؤثر. إنه زمن البث التلفزيوني الفضائي، وهو المجال الأكثر صدقية لتأكيد مقولة ان العالم بات قرية صغيرة... بل وقرية تتداول منتجات واحدة تأتي من ربوعه الكثيرة، وتنجح بحسب جودتها، كما بحسب قدرة منتجيها على التواصل مع الآخر والتفاهم معه وإقناعه، خصوصاً أن العلاقات الجديدة باتت أكثر ميلاً لتحكيم المصالح أكثر من أي شيء آخر.