تحت وطأة الضغط الشعبي المتزايد على الحكومة الإسرائيلية للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى مع حركة «حماس» يتم فيها الإفراج عن الجندي الأسير في قطاع غزة منذ خمس سنوات غلعاد شاليت في مقابل إطلاق مئات الأسرى الفلسطينيين في المعتقلات الإسرائيلية، كشف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو أمس أن إسرائيل «قبلت الاقتراح الذي قدمه الوسيط الألماني» لإبرام الصفقة «لكن حماس لم ترد بعد». وهاجم نتانياهو في مستهل الاجتماع الأسبوعي لحكومته أمس «حماس» ووصفها ب «العدو الشرس الذي يرفض تطبيق أدنى الشروط التي تنص عليها المعاهدات الدولية وترفض منح غلعاد ظروفاً إنسانية». وأضاف أن الحركة لم تتِح «حتى زيارة واحدة للصليب الأحمر، وغلعاد يعيش شروط اعتقال قاسية تسبب المعاناة الكبيرة لذويه، وكل الشعب بل كل إنسان نزيه في العالم يثور ضد هذه الظروف». وتابع نتانياهو بينما عشرات المتظاهرين قبالة مقر الحكومة يطالبونه بالتحرك الجدي لإطلاق شاليت، ان إسرائيل مارست ضغوطاً دولية كبيرة انعكست نتائجها في تصريحات مهمة لدول رائدة مثل الولاياتالمتحدة ودول في اوروبا والأمين العام للأمم المتحدة التي طالبت بالإفراج الفوري عن غلعاد وإتاحة الفرصة للصليب الأحمر لزيارته. وتطرق نتانياهو في كلمته إلى إعلانه وسط الأسبوع الماضي قراره تشديد ظروف الأسرى الفلسطينيين، وقال: «اتخذنا قراراً بأن احتفالات الأسرى انتهت ... ونحن نتحرك أيضاً بطرق أخرى لن أخوض في تفصيلها». وأضاف ان «إسرائيل مستعدة لقطع مشوار طويل، أكثر من أي دولة في العالم (للإفراج عن الجندي)، لكن تقع عليّ وعلى كتفيَّ وعلى أكتاف كل الحكومات الأخرى مسؤولية الاهتمام بأمن سكان إسرائيل». وكشف أن الوسيط الألماني قدم لإسرائيل و «حماس» اقتراحاً لصفقة تبادل أسرى، وقال إن «الاقتراح صعب وليس سهلاً، ومع ذلك قررنا قبوله كونه يوازن بين الرغبة في إطلاق غلعاد وبين منع المس المحتمل بحياة إسرائيليين، لكننا إلى الآن لم نتلقّ رد حماس على الاقتراح». وتسابق وزراء في إعلان دعمهم قرار رئيسهم تشديد الشروط للمعتقلين الفلسطينيين ووقف ما وصفوه «منتجع السجناء»، وقال أحدهم: «يجب ألا نكون كرماء، انظروا كيف يتعامل العالم العربي مع السجناء». مخاوف من مكاسب «حماس» ونقلت صحيفة «إسرائيل اليوم» القريبة من نتانياهو عن «جهات أمنية» مخاوفها من أن يتسبب الإفراج عن أسرى فلسطينيين من «حماس» في فوز الحركة في الانتخابات الفلسطينية العامة العام المقبل باعتبار الإفراج عن الأسرى مكسباً كبيراً للحركة. وصعّدت عائلة الجندي حملتها للإفراج عن ابنها، وحمّلت نتانياهو المسؤولية عن بقائه في الأسر. وقال والد الجندي في مؤتمر صحافي إن مسؤولين كباراً سابقين في المؤسسة الأمنية يؤيدون إبرام صفقة تبادل «ولديهم تفسيراتهم لتبرير التوصل إليها»، مضيفاً أن «الأمن الأخلاقي لإسرائيل يتحقق في إعادة جندي أسير إلى بيته». وأضاف أن نتانياهو «لا يملك تفويضاً بالحكم بالإعدام على شاليت»، داعياً اياه إلى القيام بواجبه نحو جندي أُرسل في مهمة: «ادفع الثمن المطلوب، ونحن لا نتحدث عن أي ثمن أو عن أشياء نظرية، إنما عن ثمن محدد. إن إعادته ستكون من منطلق قوة لا ضعف ولن يغفر لك أحد على إهمال شاليت مثلما يحصل اليوم». وشكك والد الجندي في قدرة إسرائيل على ممارسة ضغط على «حماس» من خلال تشديد ظروف اعتقال الأسرى الفلسطينيين، وقال إن رئيس الحكومة وحاشيته «ومن خلال ضعف غير مبرر يخشون اتخاذ قرارات تنطوي على مجازفات رغم أنها مجازفات محسوبة». وتابع أن «الحكومة الإسرائيلية تتحسب من مواجهة عشرات المخربين ورئيس الحكومة يخلق من خلال بياناته المتكررة صورة من التخويف الوهمي من عمليات تفجيرية وموجات إرهاب، كأن أذرعنا الأمنية لا تستطيع مواجهة عشرات المخربين». كما هاجم والد الجندي وزير الدفاع ايهود باراك، وقال: «نعرف أن القرار الأخير بيد رئيس الحكومة القادر على تحصيل غالبية لأي قرار يتخذه، لكن المطلوب من وزير الدفاع المسؤول عن الجيش أن يتخذ هو أيضاً قراراً واضحاً، لا أن يكون محللاً سياسياً أو عسكرياً». وجاء التهجم على باراك في أعقاب بيان صادر عن مكتبه نفى أن يكون باراك موافقاً على شروط صفقة تبادل الأسرى، وقال انه يؤكد موقفه القائل بوجوب بذل كل جهد ملائم وممكن للإفراج عن الجندي «لكن ليس بأي ثمن». استفتاء عبر رسائل نصية وكان أفراد عائلة الجندي اقتحموا مساء السبت باحة منزل نتانياهو وقيّدوا أياديهم بالسلاسل، بينما تظاهر أمس عشرات من مؤيدي مطالب العائلة قبالة مقر الحكومة أثناء انعقادها، وأعلنوا إطلاق حملة رسائل نصيّة تحت عنوان «استفتاء شعبي لإنقاذ غلعاد»، ووجهوا الدعوة الى الإسرائيليين لدعم الصفقة. إلى ذلك، تواصل تضامن شخصيات اعتبارية، من المجالات المختلفة، بينها شخصيات عسكرية وأمنية رفيعة المستوى سابقاً، مع شاليت من خلال «مشروع الزنزانة» التي تدخلها كل ساعة شخصية معروفة وتقبع فيها مدة ساعة لإعلان التضامن مع الجندي.