بعد أقل من عام على توليه منصبه، يواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم اختباراً جدياً لإرادته الإصلاحية، في مواجهة إرادة النقابات التي دعت إلى إضرابات في قطاعات حيوية تشلّ البلاد. ويتمثل الدافع الأساسي لهذه الإضرابات بخطة إصلاح «شركة السكك الحديد الوطنية»، التي رفضتها النقابات لأنها تؤدي إلى تبديد مكتسبات العمال، وتردي وضع هذا القطاع الخدماتي الحيوي. وقررت النقابات خوض مواجهة طويلة الأمد مع الحكومة، بإعلانها تنظيم إضرابات دورية تستمر يومين كل أسبوع، لفترة شهرين، في تحرّك من شأنه تحويل حياة المواطنين المضطرين لاستخدام القطار في تنقلاتهم، جحيماً. وأعلنت نقابات العاملين في قطاع النقل العام، من باصات وقطارات أنفاق، انضمامها إلى إضراب السكك الحديد، تحسباً وتخوفاً من خطة إصلاحية مشابهة تستهدفها لاحقاً. كما قرر نقابيو مراقبي الأجواء في المطارات الفرنسية المطالبة بتحسين ظروف عملهم، ورفع عدد الموظفين في هذا القطاع. كما قرّر أساتذة المؤسسات التعليمية الفرنسية الإضراب، مطالبين بمزيد من التقديمات، لتطبيق إصلاحات يُفترض أن تسري في المدارس العامة، بدءاً من الموسم الدراسي في الخريف المقبل. وأعلنت نقابات موظفي القطاع العام عزمها النزول إلى الشارع اليوم، دفاعاً عن وضعهم القانوني، بعد توجّه الحكومة إلى إضفاء مزيد من المرونة عليها، ما يهدد مكتسباتهم التقليدية. وسط هذه التحركات الضاغطة، يبدو ماكرون وفريقه الحكومي على عتبة مرحلة دقيقة جداً وحرجة، لا سيّما أنه اعتمد حتى الآن أسلوب تغليب الحوار والتفاوض، لا التشنّج والمواجهة. وأكد وزير المال برونو لومير أن الحكم سيصمد في مواجهة إضرابات تعيد إلى الذاكرة إضراباً مناهضاً لإصلاح نظام التقاعد، في عهد رئيس الوزراء السابق ألان جوبيه، وإضراباً مناهضاً لعقد الوظيفة الأولى، في عهد رئيس الوزراء السابق دومينيك دوفيلبان. واضطر الأخير وجوبيه إلى التراجع. ووسط تساؤلات عن جدوى وتيرة إصلاحية سريعة يعتمدها ماكرون، أكدت السلطات عزمها على عدم إضاعة الوقت، والمضيّ في نهجها لإحداث تغيير كلي وفعلي في الأوضاع، ضمن مهلة السنوات الخمس التي تشكّل ولاية الرئاسة.