حمل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مجدداً امس، على الإضرابات والحصارات للمنشآت العامة التي تواكب الاحتجاجات المناهضة لخطته لإصلاح نظام التقاعد. واعتبر أن هذه الاحتجاجات تحول الفرنسيين رهائن. وأتى التصريح الثالث من نوعه منذ مطلع الأسبوع الحالي، ليؤكد أن ساركوزي الذي التزم الصمت في بدايات الاحتجاجات، قرر أن يدير بنفسه المعركة ضد الشارع لفرض خطته الإصلاحية. وركز الرئيس الفرنسي على الأوجه الأكثر سلبية للتحركات الاحتجاجية وأعرب عن صدمته حيال مشاهد المواجهات التي تشهدها مدينة ليون، مؤكداً أن «الكلمة الأخيرة في إطار الديموقراطية والجمهورية لا تعود للمخربين». وأدت المواجهات المستمرة بين السلطات والمتظاهرين، الى أضرار مادية بالغة طاولت الكثير من المؤسسات التجارية والأملاك العامة، ورافقتها عشرات الاعتقالات، آخرها اعتقال 18 شخصاً أمس. وحمل ساركوزي بعنف على المضربين ومحاصري مخازن الوقود، مؤكداً أن «من غير الممكن السماح لأقلية أن تعامل الفرنسيين كرهائن في حياتهم اليومية». وحذر من الآثار المترتبة عن الوضع القائم على صعيد الوضع الاقتصادي وسوق العمل، مشيراً الى أن هذا النوع من العرقلة «مناف للديموقراطية». ويراهن ساركوزي من خلال رسمه لأبشع صورة ممكنة للمضربين، على إثارة رد فعل سلبي حيالهم لدى الرأي العام وقطع الطريق على التكهنات حول إمكان دفعه الى العدول عن إصلاح نظام التقاعد تحت وطأة الضغط الشعبي، مثلما حصل بعد إقرار قانون عقد الوظيفة الأولى في عهد حكومة رئيس الوزراء السابق دومينيك دوفيلبان. ومن هذا المنطلق، لا يبدي ساركوزي أي اكتراث للدعوات النقابية المتكررة الى إعادة التفاوض حول خطة إصلاحية جديدة، معتبراً أن إقرار مجلس الشيوخ للخطة ربما بنهاية الأسبوع الحالي والعطلة الدراسية، من شأنهما الحد من التعبئة بصورة تدريجية. وقد تأتي حصيلة اختبار القوى الدائر في فرنسا حالياً لمصلحة ساركوزي في نهاية المطاف، لكن صورة الوضع القائم اليوم بعيدة من ذلك، في ظل التظاهرات الطالبية والعمالية المتفرقة التي تتسبب بإضرابات بالغة على صعيد أوجه النشاط كافة في البلاد. ويبدو أن الاتحادات النقابية بصدد الدعوة الى احتجاجات جديدة الأسبوع المقبل، لأن درجة التجاوب التي أبداها الرأي العام معها يوم الثلثاء الماضي، لا يسمح لها بوقف المواجهة. وبدأ يقال بوضوح في فرنسا إن ساركوزي يراهن على استياء الفرنسيين من الإضرابات، في حين أن ارتفاع نسبة التعاطف مع المضربين مرده الى نفور من سياسته وأسلوبه.