سادت فرنسا أجواء من التوتر والترقب، مع دخول الإضرابات التي دعت إليها الاتحادات النقابية احتجاجاً على خطة الرئيس نيكولا ساركوزي وحكومته، لإصلاح نظام التقاعد يومها الثالث امس. وسجلت أمس نسبة المضربين في القطاعات المختلفة قدراً ملحوظاً من التراجع، فانخفضت من 40 في المئة الى 24 في المئة بين عمال السكة الحديدية ومن 18 في المئة الى واحد في المئة في مؤسسة الكهرباء. وكان ساركوزي وعدد من وزرائه أغلقوا في تصريحات متعددة الباب أمام إمكان التراجع عن خطة الإصلاح التي تنص على رفع سن التقاعد من 60 الى 62 سنة. لكن هذا التصلب وما واكبه من تراجع في نسبة المضربين لا يعنيان إطلاقاً أن المواجهة انتهت لمصلحة السلطة، نظراً الى الاستياء القائم في أوساط الرأي العام الفرنسي، إزاء أداء مسؤوليه ورئيسهم عموماً، وإزاء الخطة الإصلاحية التي يجرى العمل على فرضها ويعتبرونها جائرة. وفي هذا الإطار، فإن نسبة الإقبال على التظاهرات التي ستشهدها فرنسا غداً (السبت) وتلك التي قررت الاتحادات النقابية الدعوة إليها مطلع الأسبوع المقبل، سيكون لها دور مؤثر في صعيد زخم التحركات لاحقاً. وترافق تراجع نسبة المضربين في بعض القطاعات مع تجذر الإضراب في قطاع المصافي، أحد أكثر القطاعات أهمية حيث توقف العمل في 10 من اصل 12 منها، مما أثار نوعاً من الذعر لدى أصحاب السيارات الذين تهافتوا على محطات الوقود، تخوفاً من نفاده. وتعم المدارس الثانوية والجامعات فورة ونقاشات وجمعيات عامة، أدت الى اضطرابات في اكثر من 340 ثانوية، في تخوف فعلي من اتجاه الاحتجاج الطالبي نحو الاتساع. في الوقت ذاته، أفاد استطلاع للرأي أجراه معهد «بي في أ» بأن 54 في المئة من الفرنسيين يؤيدون لجوء النقابات للدعوة الى إضراب عام مفتوح، إذا أصرّت السلطة على خطة رفع سن التقاعد. وكانت النقابات امتنعت الى الآن عن الدعوة الى الإضراب العام المفتوح، انطلاقاً من قناعتها بضرورة إصلاح نظام التقاعد ضماناً لاستمراريته وإنما ليس بالطريقة التي نصت عليها الخطة الحكومية. ويتخوف البعض في فرنسا من أن تضطر هذه النقابات الى التخلي عن سلوك المهادنة الذي التزمته الى الآن والانتقال الى خوض مواجهة مفتوحة مع السلطة، تحسباً لخروج زمام الامور عن سيطرتها.