وجّه مجلس النواب الأميركي تأنيباً شديداً لإدارة الرئيس باراك أوباما على خلفية النزاع الدائر في ليبيا، وصوّت بغالبية كبيرة ضد قرار يفوّض الإدارة القيام بمهمات عسكرية ضد نظام العقيد معمر القذافي. وجاءت خطوة النواب الأميركيين في وقت ظهرت ملامح اختلافات بين الثوار الليبيين أنفسهم في شأن طريقة التعامل مع نظام القذافي. ففي وقت أكد المسؤول في المجلس الوطني الانتقالي محمود شمام إجراء محادثات «غير مباشرة» مع موفدين عن طرابلس التي كانت أوّل من أعلنها الأسبوع الماضي، نفى المسؤول الآخر في المجلس عبدالحفيظ غوقة وجود أي اتصالات مع حكم العقيد لا في شكل مباشر ولا غير مباشر. كما كان لافتاً أن شمام لمّح إلى إمكان نفي العقيد القذافي، إذا ما تنحي عن السلطة، إلى مكان ما داخل ليبيا ربما يكون عبارة عن إحدى الواحات. وهذه المرة الأولى التي يُلمح فيها مسؤول في المعارضة إلى إمكان قبول بقاء العقيد في ليبيا، بعدما كان المجلس الوطني الانتقالي وبقية الحلفاء الغربيين يُصرّون على ضرورة أن يرحل القذافي هو وعائلته إلى المنفى خارج ليبيا. وليس واضحاً ما إذا كانت هذه التناقضات في مواقف المعارضين هي جزء من تبادل أدوار في إطار سياسة «الشد والإرخاء» بينهم. لكن قد تكون هذه التناقضات أيضاً نتيجة سعي القذافي إلى إيجاد ثغرات في مواقف معارضيه، من خلال إرسال موفدين يوحون لبعض أطراف الثوار بأنه مستعد للتنحي في مقابل وقف ضربات حلف شمال الأطلسي (الناتو). كما كان لافتاً أمس أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وجّه انتقادات شديدة لوزير الدفاع الأميركي المنتهية ولايته روبرت غيتس بسبب انتقاده عجز الأوروبيين عن القيام بمهمة ليبيا بمفردهم. ورد ساركوزي على غيتس قائلاً إن الأوروبيين «يؤدون دورهم» في ليبيا. وأضاف للصحافيين في قمة للاتحاد الأوروبي في بروكسيل: «كان من غير الملائم أن يقول السيد غيتس هذا... والأكثر من هذا إنه خطأ محض بالنظر إلى ما يحدث في ليبيا. هناك بالتأكيد لحظات أخرى سابقة كان يمكنه أن يقول فيها هذا... لكن ليس في الوقت الذي تولى فيه الأوروبيون زمام القضية الليبية بشجاعة ولا في الوقت الذي تؤدي فيه فرنسا وبريطانيا مع حلفائهما ما عليهم الى حد كبير». ورفص مجلس النواب الأميركي مساء أمس قراراً يسمح للإدارة بقيام بمهمة عسكرية في ليبيا. وصوّت 70 نائباً من الحزب الديموقراطي ضد إدارة رئيسهم الديموقراطي، في مؤشر إلى مدى استياء النواب من كلا الحزبين الجمهوري والديموقراطي من تجاوز أوباما الكونغرس في قرار المشاركة في عمليات ليبيا. ويسيطر الجمهوريون على مجلس النواب لكن انضمام 70 نائباً من الجهة المقابلة لهم منح وزناً أكبر لرفض مشروع الترخيص للإدارة بشن مهمة ليبيا. وصوّت ضد الترخيص 295 نائباً في مقابل تأييد 123 (بينهم 8 جمهوريين فقط). ومشروع القرار المرفوض مبني على مشروع قرار آخر أمام مجلس الشيوخ يدعمه السيناتور جون كيري (ديموقراطي) والسيناتور جون ماكين (جمهوري). وكان من المقرر التصويت في وقت لاحق مساء أمس على قرار آخر يرعاه النائب الجمهوري توماس روني وينص على منع تمويل أي عمليات عسكرية في ليبيا باستثناء عمليات البحث والإنقاذ وإعادة التزود بالوقود في الجو وعمليات التجسس والرصد. لكن القرار سيعني في حال إقراره منع الولاياتالمتحدة من توجيه أي ضربات صاروخية أو غارات مباشرة ضد أهداف في ليبيا. ولكن حتى في حال أقر مجلس النواب هذا القرار، فإنه لا يُتوقع أن يمر في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديموقراطيون.