يواجه الرئيس باراك أوباما الآن ردة فعل عنيفة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في مجلس النواب ومجلس الشيوخ ضد تبنيه عقيدة «التدخل الإنساني». الرئيس أعلن أن منع ارتكاب الفظائع الجماعية يعد مصلحة رئيسية للأمن القومي الأمريكي، وهو قد يبرر التدخل العسكري الأمريكي. وقد أنشأ مؤخرا مجلس منع الفظائع بواسطة أمر تنفيذي، وأمر جميع الوكالات والهيئات الرسمية ورئيس الأركان المشتركة للمشاركة في التخطيط لأعمال عسكرية وغير عسكرية ضد قائمة تتنامى من الدول التي قد ترتكب فظائع ضد شعوبها في وقت ما في المستقبل. وقد عين أوباما السيدة سامانثا باور كرئيسة للمجلس، وهي مساعدة له في البيت الأبيض تتبنى عقيدة التدخل الأمريكي لفرض الديمقراطية وحقوق الإنسان، من خلال فوهة البندقية. زوجها هو كاس سونستين، مستشار في البيت الأبيض أيضا وصديق قديم للرئيس، وهو أستاذ قانون سابق في جامعتي هارفارد وشيكاغو، وهو يؤمن أن قوة الرئيس الأمريكي يجب أن تكون مطلقة وغير خاضعة لتدخل الكونجرس. عقيدة التدخل الإنساني استخدمت في 2011 عندما قام الناتو بالإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي في ليبيا. الرئيس أوباما قصد ألا يطلب موافقة الكونجرس قبل استخدام القوة العسكرية الأمريكية للإطاحة بالقذافي. وقد شوه الحقيقة عندما صور العملية على أنها تدخل إنساني لحماية الشعب في بنغازي من الإبادة على يد مرتزقة وجنود القذافي. سفيرة الولاياتالمتحدة في الأممالمتحدة سوزان رايس كذبت على نظيريها الروسي والصيني، وأقسمت أن الهدف لم يكن الإطاحة بالقذافي. وزير الخارجية روبرت جيتس استقال قبل الوقت المحدد احتجاجا على هذا الأمر. الآن يقاتل بعض أعضاء الكونجرس ضد الاغتصاب غير الدستوري للسلطة من قبل البيت الأبيض. في مجلس النواب، قدم عضو الكونجرس والتر جونز القرار المتزامن 107، الذي يجعل قيام أي رئيس بجر البلاد إلى حرب دون موافقة الكونجرس جريمة يمكن معها إسقاط الرئيس. وقد انضم إليه الآن السيناتور جيمس ويب الذي أعلن أيضا أنه سيقدم مشروع قانون إلى مجلس الشيوخ يمنع الرئيس من شن «تدخلات إنسانية» دون الموافقة المسبقة من الكونجرس. في خطاب ألقاه في 9 مايو في مجلس الشيوخ، حذر السيناتور ويب من أنه «عاما بعد عام...يتقلص دور الكونجرس في تقرير مكان استخدام الجيش الأمريكي... . بعد هجمات 11 سبتمبر ...يبدو أن الكونجرس تلاشى، أصبح لا علاقة له من الناحية العملياتية. لقد وصلنا الآن إلى نقطة يتم فيها استخدام منطق دستوري غير مسبوق من قبل هذه الإدارة للتدخل في ليبيا على أساس «التدخل الإنساني»، دون أن يتم مناقشة الموضوع بشكل كاف أو يتم التصويت عليه في مجلس الشيوخ». لقد علمت أن تصرفات السيناتور ويب تم اتخاذها نيابة عن مجموعة من الديمقراطيين والجمهوريين في مجلس الشيوخ الذين أبدوا قلقهم من تخريب الدستور الأمريكي وتقليص دور الكونجرس كمراقب وموازن ضد سلطة الفرع التنفيذي. تلك العملية بدأت في عهد إدارة الرئيس جورج بوش الابن عندما استخدمت أدلة ملفقة حول امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل لخداع الكونجرس وجعله يصوت موافقا على التدخل العسكري للإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين. الرئيس أوباما فعل ما هو أسوأ من سلفه، بتجاهل الكونجرس كليا. الشهر الماضي، تم التحقيق مع وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا من قبل لجنة خدمات الدفاع في الكونجرس، وقد قلقوا من أن الرئيس قد يشن حربا على سوريا أو إيران دون استشارة الكونجرس. وقد اعترف بانيتا أن الرئيس لا ينوي استشارة الكونجرس للقيام بعمليات عسكرية جديدة. نتيجة العجرفة التنفيذية، يواجه الرئيس الآن تحديا من مجلس النواب ومجلس الشيوخ معا، ومن كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي. السيناتور ويب ديمقراطي لكنه كان وزيرا للبحرية في عهد الرئيس ريجان. عضو مجلس النواب جونز، الذي هو جمهوري حاليا، كان من الحزب الديمقراطي سابقا في سيرته السياسية. لقد تم إعطاء الرئيس الأمريكي أوباما رسالة واضحة من هذين العضوين المحترمين في الكونجرس: الولاياتالمتحدة ليست شرطي العالم ولا يحق لها استخدام القوة العسكرية لفرض المقاييس الأمريكية من خلال تحطيم السيادة الوطنية لدول أصغر وأقل قوة. حروب أفغانستان والعراق كلفتا دافع الضرائب الأمريكي حوالي أربعة تريليونات دولار أمريكي حتى الآن، بالإضافة إلى تدمير حياة أعداد لا تحصى من البشر. الشعب الأمريكي تعب من الحروب، وفكرة أن الولاياتالمتحدة على وشك أن تبدأ بحرب جديدة على أسس إنسانية –مهما يعني ذلك- لا يمكن تحملها. لنتابع ما يحدث. لقد بدأت الألعاب النارية لتوها.